إستراتيجيات الصحافة والتقنية
فدوى البواردي
توجد مقولة إن “قيمة القديم كالذهب” أو باللغة الإنجليزية Old is Gold. ومع تطور التقنيات والأزمان، تطورت أيضاً إستراتيجيات دور الصحافة، في العالم أجمع، وأصبحت الصحافة الرقمية مصادر معتمدة في شبكات الإنترنت، للتواصل الرقمي ولإبقاء القراء على اطلاع دائم بأحدث وأدق الأخبار والمستجدات والمعلومات، مع احتفاظ دور الصحافة بأسمائها المعتمدة اللامعة والمحفوظة في ذاكرة الأجيال.
وبالإضافة إلى السرعة في إعلان الأخبار والمستجدات “أونلاين”، فإن الصحافة الرقمية تسمح للقراء بالتواصل المباشر وإبداء الآراء والنقاشات وكتابة التعليقات، على المقالات والأخبار المختلفة. وكذلك، يمكن عرض مجموعة متنوِّعة من الوسائط المتنوِّعة، مع الأخبار، مثل مقاطع الفيديو والصوت والتصوير الرقمي ومحركات البحث عن مواضيع أو مقالات سابقة ذات الصلة.
ومع انتشار الصحافة الرقمية، استمر دور الصحافة والعاملين فيها على احتفاظهم بقدر كبير من الوعي والمسؤولية لقصر الوقت المسموح فيه باكتشاف الأخطاء وتصحيحها، ولضرورة وجود التفكير النقدي المباشر لتقييم مدى دقة ومصداقية المصادر، خاصة مع القدر الكبير من المعلومات الواردة من مصادر الصحافة الرقمية المختلفة.
ومن الإستراتيجيات التقنية الناجحة والتي قامت بها، كمثال، الصحيفة اليومية الكندية The Globe and Mail هي تحليل البيانات التي تم جمعها من خلال مدخلات القراء الرقمية، والاستفادة منها في معرفة مدى التفاعل للقراء. ومن ثم تمت إعادة تصميم صفحات الصحيفة ونقل صفحة آراء القراء إلى ترتيب متقدم في الصحيفة للتفاعل الكبير معها. وهذه الإستراتيجية أثبتت ذكاءً كبيراً لأن الصحيفة استطاعت من خلالها زيادة عدد القراء والذين تفاعلوا تباعاً بشكل أكبر مع الصحيفة الرقمية من خلال صفحة آراء القراء.
ومثال آخر، فقد قامت صحيفة L›Avenir البلجيكية باعتماد إستراتيجية مماثلة حيث تم تحليل البيانات التي تم جمعها من خلال مداخلات القراء لمعرفة مدى التفاعل مع صفحتها الرياضية، واتخاذ القرار الملائم لزيادة مساحتها وتغيير ترتيبها، لجذب المزيد من القراء.
ومن الجدير بالذكر أن بعض دور الصحف العالمية الأخرى مثل The New York Times وThe Guardian وDe Telegraaf قد اعتمدوا في تخطيط الإستراتيحيات الخاصة بهم على عدة عوامل ناجحة، ومنها الثلاثة العوامل التالية: أولاً، التركيز على التفاعل مع القراء، وثانياً المحافظة على عنصر الولاء مع القراء الدائمين بتخصيص عروض اشتراكات طويلة المدى، أما ثالثاً، فهو الاستفادة القصوى من البيانات التي توضح فترات تفاعل القراء والتي عادة تكون أقصاها في فترة المساء ونشر المواضيع الجاذبة في تلك الأوقات مثل الأخبار المسلية والدعايات الرقمية.
كما أن دور الشراكات على قدر كبير من الأهمية في مجال الصحافة الرقمية كأحد عوامل الإستراتيجية الرقمية الناجحة، فقد قامت بعض دور الصحف العالمية بالشراكات مع بعض الشركات التقنية الرائدة مثل أمازون وقوقل وفيس بوك وتويتر وغيرها، وذلك من أجل تحقيق العديد من مكاسب القدرات التقنية مثل إظهار درجات حرارة الطقس بشكل يومي في موقع الصحيفة الإلكتروني، أو إدخال العامل الصوتي والتفاعلي في موقع الصحيفة وقراءة الأخبار الأساسية بصوت مسموع للقراء، أو تطوير البحث وجمع البيانات وتحليلها بخوارزميات الذكاء الاصطناعي، أو إجراء اللقاءات والحوارات الحصرية مع بعض المدراء التنفيذيين والخبراء المتميزين في تلك الشركات التقنية الرائدة، والتي جميعاً عوامل تساهم في زيادة عدد القراء وتفاعلهم، وكذلك نجاح الدعايات في تلك الصحف.
وأخيرًا وليس آخرًا، من الجدير بالذكر أن دور الصحف في المملكة العربية السعودية بدأ رسميًا في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود في عام 1924، وذلك بعد توحيد الدولة السعودية الثالثة، وحينها أطلقت صحيفة أم القرى في مكة المكرمة، كأول جهة إعلامية في المملكة. ثم تم إنشاء المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر بأمر ملكي في عام 1955، كأول جهاز حكومي يقوم بالإشراف على وسائل الإعلام. ولاحقاً، في عام 1962، تم تغيير المسمى إلى «وزارة الإعلام». كما أن دور وسائل الإعلام، ومن ضمنها الصحف، هو تثقيف الوحدة الوطنية وإلهامها، حيث تساهم في التوعية بالقضايا السياسية والاقتصادية والصحية والاجتماعية والعلمية والثقافية والتعليمية والرياضية والترفيهية والفنية والخيرية وكذلك قضايا محاربة الفساد المهمة حسب رؤية 2030 .
ولذلك كله دور أساسي في بنية المجتمعات وتثقيفها. ولذلك نعود لمقولة إن قيمة القديم كالذهب، وهذه هي قيمة الصحافة الذهبية في وطننا الغالي، المملكة العربية السعودية.