جودة التعليم والذكاء الاصطناعي
د. جاسم حاجي
يكمنُ الوعدُ في تطبيقات الذكاء الاصطناعي جزئيًا في كفاءتها وجزئيًا في فعاليتها. حيث يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تقوم بالتقاط مجموعةٍ أوسع بكثير من البيانات، وبتفاصيل أكثر من البشر. ويمكن لهذه الأنظمة القيام بذلك في الوقت الفعلي. يمكن لهذه الأنظمة أيضًا أن تقومَ بتحليل العديد والعديد من الطلاب سواء كان هؤلاء الطلاب في فصل دراسي أو في هيئةٍ طلابية أو في مجموعة من المتقدمين، بالإضافة إلى ذلك، تقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي ملاحظات واستنتاجات ممتازة بسرعة كبيرة وبأقل تكلفة. سوف تؤدي هذه الكفاءات، كما نأمل، إلى زيادة الفعالية في التدريس والتعلم والقرارات المؤسسية والتوجيه.
إذن، هذا وعد واحد للذكاء الاصطناعي: إنه سوف يُظهر لنا أشياء لا يمكننا تقييمها أو حتى تصورها نظرًا لقيود الإدراك البشري وصعوبة التعامل مع عديد من المتغيرات المختلفة ومجموعة واسعة من الطلاب.
بالنظر إلى هذه الفوائد المحتملة، يتم أيضًا تأطيرُ استخدام الذكاء الاصطناعي على أنه طفرة محتملة لتحقيق المساواة. مع تحسين فعالية الأنظمة التي قد تتطلب أو لا تتطلب قدرًا كبيرًا من المساعدة من البشر أو تتطلب أن يكونَ الطلابُ في نفس الموقع الجغرافي، سوف يحصل المزيد من الطلاب على فرصٍ تعليمية ذات جودة أفضل وربما سوف يكونون قادرين على التواصل مع أقرانهم بطريقة والتي من شأنها أن تقوم بسد بعض من فجوات الإنجاز في تحصيلهم العلمي والتي لا تزال موجودةً في التعليم.
أخيرًا، الوعد بزيادة استخدام الذكاء الاصطناعي على المستوى الكلي في التعليم العالي من أجل تحقيق مكاسب في علم التربية، ومعرفة ما هو أكثر فعالية لطالب معين ومن أجل التعلم بشكل عام.
ينطوي استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي أيضًا على مخاطر، بالطبع. إحداها هو خطر النتائج السلبية. على الرغم من نية الأشخاص الذين يطورون ويستخدمون هذه الأنظمة، سوف تكون هناك عواقب غير مقصودة سلبية أو قد تأتي بنتائج عكسية. ومن أجل تجنب هذه النتائج السلبية ، يجب أن نأخذ في الاعتبار عدة عوامل مختلفة. من أول الأمور التي يجب أخذها في الاعتبار هي البيانات التي تعتمد عليها هذه الأدوات. يمكن أن تختلف هذه البيانات في الجودة. قد تكون قديمة وعفا عليها الزمن. أو قد تكون هذه البيانات مركزة على ومستخلصة من مجموعة فرعية من السكان والتي قد لا تتوافق مع الطلاب المستهدفين. على سبيل المثال، قد لا تحقق أنظمة التعلم بالذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على الطلاب في نوع معين من الجامعات في الولايات الأميركية المتحدة نفس النتائج أو تعكس نفس الدقة للطلاب الموجودين في جزء آخر من البلاد. أو قد لا يتمتع نظام الذكاء الاصطناعي الذي كان قائمًا على طلاب الجيل X «Generation X» بنفس الفعالية للمتعلمين الرقميين الأصليين.
جانب آخر للبيانات يتعلق بالشمولية. هل تتضمن البيانات معلومات حول مجموعة متنوعة من الطلاب؟ كان هناك الكثير من النقاش حول هذا الأمر مؤخرًا من حيث التعرف على الوجوه. أظهر العلماء الذين نظروا في استخدام الشركات لتقنية التعرف على الوجوه أنه في كثير من الحالات، تم تطوير هذه الأدوات باستخدام بيانات ذات الملكية الخاصة أو البيانات الداخلية القائمة على الموظفين.
يبحث مسؤولو القبول في الكلية في استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحسين نزاهة وجودة عملية القبول. بدأ استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يتم تدريبها بطريقة تقضي على كثير من التحيز البشري من أجل توفير قبول عادل وموثوق به.
ومحليا نظم بوليتكنك البحرين منتدى بعنوان “ضمان جودة التعليم الرقمي في التعليم العالي بالوطن العربي”, حيث ناقش مواضيع “التعليم الإلكتروني” استجابة لما فرضته ظروف جائحة كورونا، ما نتج عنه تسابق مؤسسات التعليم العالي والمنظمات الدولية المتخصصة في ضمان جودة التعليم لدمج التقنية الحديثة داخل بيئاتها التعليمية بأفضل المعايير، ورافق هذا التحول ظهور الحاجة الملحة إلى تطوير منهجية التعليم الإلكتروني و الذكاء الاصطناعي والتأكد من أسس وآليات تقديمه، وإعداد المقررات التعليمية وضوابط تقييم هذه المقررات على نحو مدروس يرتكز على معايير عالمية في هذا المجال.