لا يزال يحبو ولكنه يثير القلق.. كيف شهدت الأحداث على تباين قدرات الذكاء الاصطناعي؟

6

AI بالعربي – متابعات

أصبح الذكاء الاصطناعي مصدرًا للقلق والتساؤلات، رغم أنه لا يزال في مراحل تطوره الأولى. فتأثيراته المحتملة على مستقبل البشرية تثير الكثير من الاستفسارات حول قدراته المتنوعة والمتسارعة، ومدى تأثيره على جوانب الحياة المختلفة، بدءًا من الوظائف التقليدية وصولًا إلى اتخاذ القرارات المعقدة. مع قدرته المذهلة على التعلم والتحليل من كميات ضخمة من البيانات، إلا أن هناك فجوات كبيرة في أدائه قد تؤدي إلى أخطاء غير متوقعة أو قرارات غير محسوبة.

العديد من الأحداث أظهرت تباينًا واضحًا في قدرات الذكاء الاصطناعي بين النجاحات الباهرة والإخفاقات المثيرة للقلق، وهناك إخفاقات أخرى أكثر رُعبًا. فمن ناحية، استطاع الذكاء الاصطناعي تحسين الكفاءة في العديد من الصناعات، ومن ناحية أخرى، برزت تحديات جديدة تتعلق بالخصوصية والأمان الأخلاقي، مما دفع البعض إلى التحذير من المخاطر المحتملة لهذه التقنية المتطورة.

مصدر قوة الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي يستمد قوته الأساسية من قدرته الفائقة على التعلم من كميات هائلة من البيانات، مما يمنحه القدرة على التعرف على الأنماط والعلاقات المعقدة التي قد يصعب على الإنسان اكتشافها بنفس السرعة أو الدقة. فبفضل هذه القدرة، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل معلومات ضخمة بسرعة فائقة، مما يمكّنه من تقديم تنبؤات دقيقة وحلول مبتكرة في مجموعة متنوعة من المجالات مثل: الطب، والصناعة، والتفاعل مع المستخدمين.

هذا التقدم في مجال التعلم الآلي يُعزز من إمكانيات الذكاء الاصطناعي في حل مشكلات أكثر تعقيدًا بمرور الوقت. فكلما زادت البيانات المتاحة للتعلم، أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة وذكاءً. هذا التطور يمنحه ميزة تنافسية في مواجهة التحديات المستقبلية، حيث يمكنه التعامل مع كميات متزايدة من البيانات والمعلومات بشكل مستمر، مما يجعله أداة قوية وفعالة في مختلف الصناعات.

استخدم باحثون من جمعية القلب الأميركية في عام 2023 الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الطبية لـ25 ألف شخص توفوا بشكل مفاجئ و70 ألفًا آخرين تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب سكتة قلبية دون أن يفارقوا الحياة. تم إجراء هذا التحليل في باريس وفرنسا وسياتل بواشنطن. ثم قام الباحثون بتطوير خوارزميات ومعادلات تضمنت تفاصيل طبية مثل علاج ارتفاع ضغط الدم وتاريخ الأمراض القلبية، إضافة إلى الاضطرابات العقلية والسلوكية بما في ذلك تعاطي الكحول.

الفهم الجيد للذكاء الاصطناعي

في دراسة منشورة عام 2022 بمجلة ” Arab Journal for Informatics and Information Security ” أظهرت النتائج عدم وجود فروق بين استجابات عينة من العاملين في إحدى شركات أمن المعلومات وعدد الدورات التي حصلوا عليها في ذات التقنية، بحسب المؤهِّل العلمي، وسنوات الخبرة.، بينما كانت هناك فروق بين استجاباتهم حول تحديد مستوى معرفة، وأهميَّة استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بحسب  مستوى المهارات التقنيَّة، لصالح الموظفين ذوي مستوى المهارات التقنيَّة (المرتفع)، أي أنَّ المعرفة التقنية الأعلى استطاعت تأمين هؤلاء من مخاطر الإخفاق.

احذر قد يسبب الوفاة

النتيجة السابقة تفسِّر ما حدث في مارس 2023، حين لجأ رجل بلجيكي إلى أحد برمجيات المحادثة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للمساعدة في إيجاد حلول لمشكلة تغيّر المناخ. بعد نقاش طويل، اقترحت عليه البرمجية التضحية بنفسه كحل للقضية، مما أدى في النهاية إلى اتخاذه هذا القرار المأساوي بالفعل. الواقعة أثارت مخاوف جدية حول الأخلاقيات والمسؤولية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في مواقف حساسة، وأشارت إلى ضرورة التعامل الحذر مع هذه الأداة التي قد تفقدنا الحياة في لحظات، في حال عدم الانتباه لتأثيراتها.

إحراج الذكاء الاصطناعي

قد يخدعك الذكاء الاصطناعي أو يضعك في مواقف محرجة من خلال بعض تطبيقاته. أصبح يُعتبر أداة للغش في إعداد الدراسات العلمية والمقالات، حيث ظهرت مؤخرًا أمثلة عديدة تؤكد تزايد الاعتماد على هذه التقنية على حساب جودة المحتوى. فقد احتوت بعض المنشورات العلمية على عبارات تشير إلى استخدام أدوات مثل “تشات جي بي تي” دون تدقيق كافٍ، مما أدى إلى سحب عدة دراسات من مجلات علمية مرموقة. إحدى هذه الحالات كانت دراسة نُشرت في دار “إلسيفير” البريطانية، حيث كانت المقدمة مكتوبة بأسلوب مشابه لأسلوب الذكاء الاصطناعي، مما سلط الضوء على هذا الاستخدام غير النزيه.

إلى جانب ذلك، ظهرت مشاكل أخرى تتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء صور غير دقيقة، كما حدث مع دراسة تضمنت صورة لساق بشرية بها عدد غير طبيعي من العظام. هذه الأخطاء المحرجة تثير القلق حول تحول الذكاء الاصطناعي إلى “مصانع مقالات”، حيث يتم إنتاج محتوى بجودة رديئة بشكل مكثف. وقد أدى هذا الأمر إلى سحب آلاف المقالات في عام 2023، وسط تحذيرات من تزايد هذه الظاهرة في الأعوام المقبلة، ما يشكل تهديدًا لمصداقية الأبحاث العلمية.

في حالة شهيرة لإحدى وكالات الأنباء العالمية، رصد عدد من المتخصصين أخطاء محرجة لم ينتبه إليها المسؤولون خلال مراجعة الدراسات قبل نشرها، وذلك على الرغم من أن هذه الدراسات تمر عبر لجان مراجعة الأبحاث في المجلات المرموقة.

الجهل به يصل حدِّ القتل

ومن مواقف الإحراج إلى ساحات الموت مرَّةً أخرى، ذكرت صحيفة “الجارديان”، أن طائرة بدون طيار عسكرية أميركية يقودها الذكاء الاصطناعى تمردت على مشغلها، وقتلته أثناء اختبار تم في صورة محاكاة للمعركة تخيلية، حيث لم يتضرر أي شخص بشكل حقيقي خلال ذلك. لكن الذكاء الاصطناعي استخدم “استراتيجيات غير متوقعة للغاية” أثناء الاختبار، وحاول تحقيق نيته وهاجم أي شخص حاول إعاقته عن ذلك.

وبحسب الصحيفة التي حصَّلت معلوماته من رئيس قسم اختبارات الذكاء الاصطناعي في سلاح الجو الأميركي، فإنه خلال اختبار محاكاة أجراه الجيش الأميركي للذكاء الاصطناعي، قتلت الطائرة التي كان يقودها الذكاء الاصطناعي، مشغلها لمنعه من التدخل في تنفيذ مهمتها؛ أي أنه إذا كان في الحقيقة دون اختبار تخيلي، لكان هذا القائد ميتًا الآن.

ختامًا، يبرز كثير من الآراء التي تشير إلى فوائد وأهمية، بل وضرورة اعتماد الذكاء الاصطناعي، مع نظرة متفائلة نحو مستقبله. في المقابل، هناك آراء تتشاءم وتتحفظ حيال ذلك. وبين هذين الرأيين، تظل أطراف أخرى تعمل على تطوير وتعزيز هذه التقنية.

اترك رد

Your email address will not be published.