أصبحت أكثر تكلفة.. هل يصبح الذكاء الاصطناعي نادر الوجود؟

11

AI بالعربي – متابعات

يستعد الذكاء الاصطناعي لدخول مرحلة جديدة من الوجود والإتاحة، مع ارتفاع قيمته السوقية تزامنًا مع زيادة الأسعار. ومع توافره لكثير من الشرائح والوظائف، يبدو أن مطوريه باتوا بحاجة إلى تبني فكر اقتصادي جديد يحررهم من القيود، حتى وإن كان من المتوقع أن يصبح نادرًا.

ما سبق ليس خيالًا أو مجرد فكرة، بل هو تقرير رسمي صادر عن شركة “OpenAI” يتوقع أن تتكبد خسائر كبيرة هذا العام، رغم الإيرادات المليارية المتوقعة. ومع ذلك، تتوقع الشركة أن ترتفع الإيرادات على الأرجح خلال السنوات القادمة. والخسائر التي تخشاها الشركة، والتي تم تداولها في وسائل الإعلام، قد تصل إلى نحو 5 مليارات دولار في 2024-2025، في حين تتوقع أن تحقق إيرادات تصل إلى 3.7 مليارات دولار.

زيادة الاشتراكات الفردية

تخطط الشركة لزيادة سعر اشتراكات ChatGPT الفردية من 20 دولارًا شهريًا إلى 22 دولارًا شهريًا بحلول نهاية العام. ومن المتوقع أن تكون هناك زيادة أكبر خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث تتوقع OpenAI أن يصل السعر إلى 44 دولارًا شهريًا لخدمة ChatGPT Plus بحلول عام 2029.

تعكس هذه التحركات القوية ضغوط المستثمرين على OpenAI لتقليص خسائرها. فعلى الرغم من أن إيرادات الشركة الشهرية بلغت 300 مليون دولار في أغسطس، فإن OpenAI تتوقع خسارة تقارب 5 مليارات دولار هذا العام. ويعود السبب في ذلك إلى نفقات مثل: التوظيف، وإيجارات المكاتب، والبنية التحتية لتدريب الذكاء الاصطناعي. وكانت تكلفة تشغيل ChatGPT وحده قد بلغت في وقت ما حوالي 700 ألف دولار يوميًا.

جنون الأرباح

ربَّما نجد مفارقة كبيرة بين ما نراه الآن والعام الماضي، ففي مايو 2013 قفزت أسهم شركة “إنفيديا” بنسبة 6% بعد الإعلان عن مجموعة جديدة من المنتجات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بما في ذلك كمبيوتر عملاق مخصص للذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجات العملاء المتزايدة. فوصلت القيمة السوقية للشركة إلى تريليون دولار، مع استمرار ارتفاع الأسهم منذ الأسبوع الماضي بعد التوقعات بزيادة كبيرة في الإيرادات من قطاع الذكاء الاصطناعي. منذ بداية العام، حقق سهم “إنفيديا” ارتفاعًا بنسبة 180%.

ما سبق ذكره يتوافق مع ما تقارير بنكية وصرفية دولية توقعت هذه الزيادة الكبيرة، فمؤسسة “إنفيديا”، التي تعد أول شركة مصنعة للرقائق الإلكترونية وأكثرها تصنيعًا لرقائق تطوير الذكاء الاصطناعي مثل شريحة الرسوميات H100 التي تم وصفها بالأسطورية، والتي تتهافت الشركات عليها، صارت تاسعة شركة مدرجة في أسواق الأسهم على مستوى العالم، وخامسة شركة أميركية مدرجة، حتى قالت تبُّات إن هذه الشركة لا يمكن إيقافها في الوقت الحالي.

لماذا تتجه شركات الذكاء الاصطناعي نحو زيادة التكلفة؟

هناك عدة أسباب قد تدفع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI إلى زيادة تكلفة اشتراكات خدماتها:

  • أولاً: تعويض الخسائر التشغيلية الكبيرة

تكبدت شركة OpenAI خسائر مالية كبيرة، حيث توقعت أن تصل إلى ملايين الدولارات. وقد تضطر الشركة إلى زيادة الإيرادات لتعويض هذه الخسائر أو على الأقل تقليلها، خاصة مع ارتفاع التكاليف التشغيلية مثل التوظيف والبنية التحتية اللازمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.

  • ثانيًا: الاستثمار في التطوير المستقبلي

الشركات تحتاج إلى مزيد من الموارد لتطوير تقنيات أكثر تقدمًا في الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى زيادة الأسعار قد تُستخدم لتمويل أبحاث جديدة وتحسين البنية التحتية وزيادة قوة الحوسبة لتحسين الأداء وتقديم ميزات جديدة للمستخدمين.

  • ثالثًا: الضغوط من المستثمرين

المستثمرون في شركات الذكاء الاصطناعي يتوقعون تحقيق عائدات على استثماراتهم. لذلك، قد تدفع الضغوط من المستثمرين OpenAI لزيادة الأسعار بهدف تحقيق أرباح أكبر، وتقليص الخسائر التي تواجهها الشركة حاليًا.

هذه الأسباب تسلط الضوء على التحديات المالية والتشغيلية التي تواجه شركات الذكاء الاصطناعي، مما يدفعها لزيادة تكلفة خدماتها لتحسين وضعها المالي وضمان استمرارية الابتكار.

انخفاض تكلفة التطوير

قد يكون خفض تكاليف تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي سببًا في ارتفاع التكلفة، وهذا ليس غريبًا رغم تناقضه مع طبيعة اطراد انخفاض كُلفة التطوير مع سعر التكلفة. لقد أصبحت فكرة خفض التكاليف محط اهتمام كبير بين الباحثين والشركات في هذا المجال. وتعتمد الشركات على تقنيات مثل “تصغير الحجم والبعثرة” و”التقسيم الكمي” لتقليل تكلفة تدريب وتطوير النماذج الذكية.

شركة “أنثروبيك” – مثلاً – وهي منافسة لشركة “أوبن إيه آي”، تتوقع أن تتمكن من خفض تكاليف تطوير نماذجها بنسبة تصل إلى 25% في العامين المقبلين، وقد تمكنت بالفعل من تخفيض التكاليف إلى النصف بفضل الأبحاث والتقنيات الجديدة. ففي الصين، أصبح تخفيض تكاليف استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي أكثر وضوحًا نتيجة المنافسة الشديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي. والبيئة التنظيمية المرنة وانخفاض تكاليف العمالة والدعم الحكومي ساهمت في هذه الحملة لتخفيض الأسعار. هذا ساعد في خلق بيئة تنافسية تشجع الابتكار وتقليل التكلفة للمستهلكين والشركات على حد سواء.

مثال آخر، تقدم شركة “ديب سيك” الصينية خدمات الذكاء الاصطناعي مقابل 0.14 دولار لكل مليون رمز، مقارنة بنموذج مشابه من “أوبن إيه آي” الذي يكلف 10 دولارات. هذا التفاوت الكبير أو “الصراع” في الأسعار يظهر مدى تأثير المنافسة والبيئة التنظيمية على تكلفة تطوير واستخدام التكنولوجيا المتقدمة.

توقعات رفع التكلفة.. ماذا بعد؟

قد تواجه OpenAI ردود فعل سلبية إذا زادت الأسعار بسرعة كبيرة. فرغم أن لدى ChatGPT نحو 10 ملايين مستخدم يدفعون حاليًا، فإن الاستطلاعات تشير إلى أن العديد منهم يرون أن السعر الحالي البالغ 20 دولارًا شهريًا مرتفع ويمثِّل تكلفة زائدة عليهم.

لذا، فإن التجربة التي جرت في المنطقة الجنوبية من خليج سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، المعروفة بوادي السليكون، تبرز أهمية الاستفادة من فرص الذكاء الاصطناعي. حتى وإن تطلب ذلك إنفاق مليارات الدولارات، فإن ذلك يعد ضرورة لتحقيق مستقبل مستدام في هذه التقنية. على سبيل المثال، أنفقت شركة “مايكروسوفت” 19 مليار دولار فقط في الربع الأخير من عام 2024، بزيادة قدرها 80% عن عام 2023.

ختامًا، يجب أن نكون مستعدين لاستقبال مرحلة جديدة من أسعار الذكاء الاصطناعي، التي قد تحمل معها نتائج إيجابية متعددة. رغم أن بعض الشرائح قد تجد صعوبة في التعامل مع هذه الأسعار المتزايدة، التي تتجه نحو التحرر وفقًا للأسعار العالمية، فإن هذا سيفتح أمامنا تحديًا جديدًا للإبداع الذي سيتجلى بوضوح في عقول البشر.

 

اترك رد

Your email address will not be published.