لا داعي لاستعجال إقحام الذكاء الاصطناعي في “آيفون”

6

ديف لي

تيم كوك لديه وقت يمكنه من تجنب الوقوع في فخ طرح أفكار غير مكتملة ليحمي مركز “أبل” في السوق ويرضي وول ستريت

شاهدت عناوين متكررة في الآونة الأخيرة على موقع أخبار التقنية العريق “CNET” تحمل تساؤلا حول ما إذا كانت “سيري” ستتحول إلى ما يشابه “تشات جي بي تي”. أراهن على أن إجابتك العفوية إن كنت ممن يستخدمون “آيفون” ستكون “لا أتمنى ذلك” أو “لا يهمني ذلك فإني لا أستخدم “سيري” أصلا”، وكلتاهما ردة فعل طبيعية، لأن “آيفون” بات مهما جدا في حياتنا اليومية لدرجة أنك لن ترغب بإثقاله ببرامج ذكاء اصطناعي تجريبية ربما تهلوس بقدر ما تساعد.

يطرح هذا السؤال نفسه عشية المؤتمر العالمي للمطورين السنوي لدى “أبل” المرتقب انعقاده هذا الأسبوع، وفيه يتوقع أن يستعرض رئيسها التنفيذي تيم كوك تفاصيل أهم خطواتها في مجال الذكاء الاصطناعي حتى اليوم.

لكن هذا طرح لن يطول، إذ تعد الشركة متأخرة بشدة عن منافساتها في مجال الذكاء الاصطناعي، لدرجة أنه إذا ما صحت تلك الأخبار، سينبغي أن تبرم “أبل” شراكات مع “أوبن إيه أي” أو ربما “جوجل” كي تلحق بركب الذكاء الاصطناعي وتتمكن من إضافة هذه الخصائص المتقدمة إلى “آيفون” كيفما كان ذلك.

ضغوط وول ستريت

تدفع وول ستريت بهذا الاتجاه أكثر مما يفعل مستخدمو “آيفون” العاديون. في ظل تراجع سعر سهم “أبل” هذا العام مقارنة بمنافساتها في مجال التقنية، يأمل المستثمرون بأن تتمكن “أبل” من قلب الأوضاع من خلال طرح رؤيتها العظيمة للذكاء الاصطناعي التي كانت تخفيها “أو أنها كانت تفتقر إليها” حتى الآن.

كتب محللون لدى “ويدبوش سيكوريتيز” “Wedbush Securities”: “تلوح في الأفق مرحلة نمو قوي على المدى الطويل بفضل جهاز “آيفون16” المدفوع بالذكاء الاصطناعي”، عادين أن المؤتمر العالمي للمطورين هذا العام سيكون أهم فعاليات “أبل” منذ عقد.

صحيح أن “ويدبوش” من بين أكثر متابعي شؤون التقنية حماسة في وول ستريت، مع ذلك فإن مستوى التوقعات العامة لا يخفى على أحد. إذ يأمل المستثمرون أن يشجع الذكاء الاصطناعي المستخدمين على شراء النسخة الجديدة من “آيفون” بأسرع مما قد يفعلون دون اعتماده، وهو ما قد يساعد على معالجة تراجع المبيعات.

حسبما تشير العناوين في موقع “CNET”، فإن “سيري” قليلة الحظ، هي أول ما يخطر في البال. قال مارك كورمان من “بلومبرغ” إن برنامج المساعد الصوتي الذي لطالما بدا فكرة عظيمة تحتاج إلى تنفيذ أفضل، على وشك أن يخضع إلى إعادة هيكلة تامة، وشرح أن “هذه الخطوة ستتيح للمستخدمين التحكم بخصائص التطبيقات الفردية بواسطة الصوت”.

لكن هل اكتساب “سيري” مزيدًا من الذكاء سيدفع المستهلكين ليسارعوا في شراء جهاز “آيفون”؟ لا أعول على ذلك. بحسب استطلاع صادر حديثا عن “بلومبرغ إنتلجنس”، فإن 7 % فقط من أصل 568 مشاركا في الاستبيان في الولايات المتحدة قالوا إن الذكاء الاصطناعي من بين العوامل التي سيستندون إليها عند اختيار جهازهم المقبل.

ولا تزال المشكلات التقليدية مثل عمر البطارية والسعر من العوامل الأكبر تأثيرا، وذلك بنسبة 45 % للأول و40 % للثاني. وقد أظهر الاستطلاع نفسه أن المستهلكين يتمسكون بهواتفهم لفترة أطول من السابق بسبب “التضخم والجودة العالية للمنتجات”. لكن من الناحية الإيجابية لـ”أبل”، تظهر أرقام “بلومبرغ إنتلجنس” أن 94 % من مالكي أجهزة “آيفون” يبقون أوفياء للشركة حين يقررون الانتقال إلى الجهاز الأحدث.

لا سبب للعجلة

ترى المحللة لشؤون التقنية كارولينا ميلانيسي من شركة “كرايتيف ستراتيجيز” “Creative Strategies” أن “أبل” “ليست مضطرة للاستعجال” في تزويد مستخدمي أجهزتها بخصائص الذكاء الاصطناعي، بل إن ذلك قد يلحق ضررا بالشركة أكثر مما يخدم مصلحتها. إذ إن “أبل” اجتهدت لبناء سمعة ترتكز إلى مفهوم “العمل ببساطة” والتعهد بحماية الخصوصية، وقد تجد أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتوافرة حاليا تتعارض مع هاتين الركيزتين.

في كثير من الأحيان، يعطي الذكاء الاصطناعي نتائج تشوبها الأخطاء، كما أنه بطيء وتتطلب الاستفسارات الأكثر تعقيدًا إرسال البيانات إلى السحابة لمعالجتها. قال بن وود، المحلل لدى شركة “سي سي إس إنسايت” “CCS Insight”، “إن “أبل” ربما أدركت أنها متخلفة عن السوق، مع ذلك، لا داعي لأن تتهور”.

قد يقودها التهور إلى اتخاذ خطوة مشابهة لتلك التي قامت به “ميتا بلاتفورمز”، حين لجأت إلى حشر روبوت دردشة غير متقن في تطبيقات مثل “واتساب” و”ماسنجر” وصفها كثيرون بأنها مزعجة. أو قد ينتهي بها المطاف مثل برنامج “AI Overviews” من “جوجل” الذي سحب بعد أسبوع واحد من تسببه بما وصفتها “جوجل” بـ”نتائج غريبة ومغلوطة” في محركات البحث.

وفاء مستخدمي آيفون

جاء طرح هذه المنتجات مدفوعًا جزئيًا على الأقل بالحاجة إلى إرضاء وول ستريت وتبرير إنفاق مبالغ طائلة على البنى التحتية الجديدة. لقد أعرب موظفون تحدثت معهم من “جوجل” عن وجود حالة تداني الهلع في الشركة نتيجة قلقها من تهديد الذكاء الاصطناعي لمحركات بحثها.

لكن في “أبل”، لا بد من التفكير بهدوء أكثر بما أن مثل هذه التهديدات ليست مصدر قلق، على الأقل في الوقت القريب. إن “آيفون” هو السلاح التنافسي الأقوى، ويقول وود إن من يستخدمه، لا يتخلى عنه “على الرغم أن ذلك يثير امتعاض هيئات مكافحة الاحتكار”. فلن يسارع المستخدمون للتخلي عن شركة ظلوا أوفياء لها لسنوات من أجل الانتقال نحو الذكاء الاصطناعي. فما تقدمه حتى الآن شركات مثل “جوجل” و”سامسونج” ليس ثوريا بما يكفي لتبرير بذل مثل هذا الجهد.

لدى “أبل” القدرة على الانتظار، ولا داعي لأن تسقط في فخ طرح أفكار غير مكتملة للحفاظ على مكانتها. بدل ذلك، يجب أن تركز أولوياتها على تحديثات الذكاء الاصطناعي الدقيقة والتدريجية بهدف تحسين الخصائص والاستخدامات الحالية.

لا شك أن استخدامات الذكاء الاصطناعي في منتجات “أبل” تعد بإمكانات هائلة. ويمكن لـ”أبل” بلمستها الناعمة أن تصبح أهم شركة ذكاء اصطناعي في العالم، فتضع هذه الابتكارات في متناول الجميع، كما فعلت مع الهواتف الذكية. لذا لا يجب أن يستعجلها المستثمرون لمجرد تحقيق انتصار سريع.

المصدر: الإقتصادية

اترك رد

Your email address will not be published.