تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع الطاقة
يعد الذكاء الاصطناعي التوليدي أحد التوجهات الحديثة لمنظومة الذكاء الاصطناعي خلال الأعوام الماضية، وهو نوع مستحدث من الذكاء الاصطناعي الذي يمكنه من إنشاء محتوى وأفكار جديدة، بما في ذلك المحادثات والقصص والصور ومقاطع الفيديو والموسيقى. ويمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي والذكاء الاصطناعي التقليدي نهجين متميزين في مشهد الذكاء الاصطناعي، حيث تكمن مزايا الذكاء الاصطناعي التوليدي في الإبداع والتعامل مع حالات عدم اليقين والتطبيقات الحديثة، بينما يتفوق الذكاء الاصطناعي التقليدي في قابلية التفسير وحل مهام محددة.
ولذلك يركز الذكاء الاصطناعي التقليدي على تحليل البيانات التاريخية وعمل تنبؤات مستقبلية، بينما يسمح الذكاء الاصطناعي التوليدي لأجهزة الحاسوب بإنتاج مخرجات جديدة يمكن تمييزها عادة عن المحتوى الذي ينشئه الإنسان البشري. إن أحد أشهر أمثلة الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تساعد على إنشاء المحتوى واسترجاع المعلومات هو ChatGPT المطور من قبل شركة OpenAI، وهناك عديد من التطبيقات لنماذج بيانات الذكاء الاصطناعي التوليدية مثل التصوير الطبي ومعالجة اللغات وتحليل السلاسل الزمنية وأنظمة التحكم الذاتي والروبوتات.
ونقلا عن شركة ماكينزي آند كومباني، يتراوح إجمالي الفوائد الاقتصادية للذكاء الاصطناعي التوليدي بين 6.1 و7.9 تريليون دولار سنويا، هذا إضافة إلى 11 إلى 17.7 تريليون دولار من القيمة الاقتصادية الناتجة من الأنواع الأخرى من الذكاء الاصطناعي سنويا. يسمح الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع الطاقة للشركات بالنظر إلى البنية التحتية بشكل أكثر اتساعا وشمولا، وبالتالي يتيح لتلك الشركات اتخاذ قرارات أكثر استنارة بشأن التخطيط وتخصيص الموارد لاحتياجات القدرات المستقبلية من خلال التحليل العميق للبيانات، وإنشاء نماذج ذات تكوينات مختلفة.
ويمكن لقطاع الطاقة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي في عدة أهداف، بما في ذلك تحسين استهلاك الطاقة والتنبؤ بالطلب والعرض وتطوير مصادر جديدة للطاقة وتعزيز الاحتياطات والتدابير الأمنية. ويشير تقرير حديث إلى أن حجم السوق العالمية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع الطاقة بلغ 640 مليون دولار. ومن المتوقع أن يصل إلى 5.4 مليار دولار بحلول 2032، ما يظهر معدل نمو سنوي مركب يبلغ 24%، كما أن قطاع الطاقة يمكن أن يستفيد من استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بطرق مختلفة، ومنها تحسين كفاءة الطاقة وتخفيض هدر استهلاكها، وكذلك في إنشاء محطات الطاقة الافتراضية، التي تعرف على أنها شبكة من المولدات اللامركزية والمستهلكين ووحدات التخزين التي تدير نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية من موارد الطاقة الموزعة مثل الألواح الشمسية والبطاريات.
وباستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكن لمهندسي الصيانة تحديد مشكلات المعدات مبكرا وضمان الموثوقية المثلى لأصول الطاقة. ومن خلال حصر وتحليل بيانات استهلاك الكهرباء التاريخية، يمكن لشركات الطاقة الكهربائية استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي للتنبؤ بالطلب على الكهرباء ومعرفة أنماط الطلب المستقبلية ودعم القرارات المتعلقة بتخطيط الموارد واستثمارات البنية التحتية خصوصا مع حالات عدم اليقين. ويمثل تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي أهمية كبرى لدى الشبكات الذكية واستجابة الطلب وتجارة الطاقة وتحليل الأسواق الكهربائية وتكامل الطاقات المتجددة والنووية.
لقد أعلنت شركة أرامكو خلال فعاليات الدورة الثالثة من مؤتمر ليب الماضي، إطلاق أول نموذج ذكاء اصطناعي توليدي للقطاع الصناعي. ومع ذلك، فقد لا يخلو تنفيذ الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاع الطاقة من تحديات عامة تتمثل في التكاليف الأولية العالية والتعقيد الفني، وقضايا الثقة والشفافية في المخرجات الناتجة من الذكاء الاصطناعي التوليدي والعقبات التنظيمية والأخلاقية ومخاطر أمن البيانات والخصوصية، وأخيرا الأثر البيئي والاجتماعي من استهلاك الطاقة والبصمة الكربونية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي.
المصدر: الاقتصادية