هل سيقودنا الذكاء الاصطناعي الى نهاية العالم
في عالم يشهد تسارعًا في وتيرة التطور التكنولوجي، يبرز الذكاء الاصطناعي كعنصر أساسي للابتكار والتقدم. “يان ليكون”، الحائز على جائزة تورنج وكبير علماء الذكاء الاصطناعي في Meta، قدم في محاضرته بالقمة العالمية للحكومات رؤية واقعية لمستقبل الذكاء الاصطناعي ودوره في تشكيل مستقبل البشرية. يشدد “ليكون” على أن الذكاء الاصطناعي، في مرحلته الراهنة، لم يصل بعد إلى مستوى الذكاء البشري أو ما يُعرف بمرحلة “التفرد” التي ذكرها العالم “كرزويل”. رغم قدرته على أداء مهام محددة بفعالية عالية، إلا أنه ينقصه القدرات الإدارية والتخطيطية التي تُعد سمة مميزة للعقل البشري.
وبالتالي، فإن المخاوف المتعلقة بأن الذكاء الاصطناعي قد يستبدل الإنسان في المناصب الإدارية والقيادية تُعتبر غير مبررة في الوقت الحاضر. قال “ليكون”: “مستوى القدرات الإدراكية لدى عقل الذكاء الاصطناعي في المرحلة الحالية يقل عن مستوى القدرات الإدراكية لدى “القطط والكلاب”، وهي بالتالي لا تزال بعيدة كثيرًا عن مستوى الذكاء البشري وقدراته الإدراكية”. ان أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة في كتابة النصوص والإجابة على الأسئلة المتعلقة بشتى مجالات العلوم، التي تتسبب حاليًا في قلق وتخوف لدى البشر، لا يمكنها أن تحل مكان الإنسان وتجرده من امتيازاته ككائن “مبدع وخلاق”.
فهي لا تستطيع توفير المعلومات وشرحها وصياغتها بالذكاء والإبداع والتحليل الذي يصنعه عقل الإنسان، لأنها ليست إلا أدوات “صماء”، ليس لها القدرة على الفهم. يشير “ليكون” إلى أن التطوير المستمر لأنظمة الذكاء الاصطناعي لا يرجع للتسابق مع العقل البشري، بل يفرضه واقع التطور التكنولوجي والتقني في قطاعات الأعمال والاقتصاد المختلفة. وأكد أن التفاعل مع العالم الرقمي والتقني خلال المرحلة المستقبلية متوسطة المدى سيكون من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، مما يتطلب تطويرها لتتناسب مع احتياجات ووظائف وتخصصات الأنظمة العاملة في كل القطاعات، وبما يكفل انسجامها مع الثقافات والحاجات والنظم القيمية والمجتمعية المتعددة.
مع ذلك، يشير “ليكون” إلى أن المرحلة المقبلة من تطور الذكاء الاصطناعي ستتطلب تركيزًا على تحسين أمان وفعالية هذه الأنظمة. سيكون من الضروري تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تتناسب مع احتياجات ووظائف الأنظمة العاملة في مختلف القطاعات، مع مراعاة الثقافات والقيم المجتمعية المتنوعة. يؤكد “ليكون” على أهمية العمل المستمر لإنتاج أنظمة ذكاء اصطناعي تتمتع بأعلى مستويات الأمان والفعالية، نظرًا لدورها الحاسم في تشغيل وتطوير الأجهزة الأساسية في حياة الإنسان. سيكون هذا الجهد محوريًا في ضمان استمرارية التقدم التكنولوجي وتعزيز كفاءة الأنظمة في مختلف المجالات.
وضح “ليكون” أن الذكاء الاصطناعي لا يهدف إلى التنافس مع العقل البشري، بل يسعى إلى تكملته وتعزيز قدراته. الهدف هو خلق تآزر بين “الذكاء الاصطناعي” و”الذكاء البشري” لتحقيق تقدم مستدام ومتوازن يخدم مصالح الإنسانية ويعزز جودة الحياة. ناقش “ليكون” أيضًا القلق الذي يشعر به البعض حول إمكانية أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان، موضحًا أن هذه الأنظمة لا تمتلك القدرة على الفهم والربط والخلق الإبداعي والفكري الذي يتمتع به العقل البشري.
بالمحصلة من خلال التركيز على الأمان والفعالية، والتعاون بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي، يمكننا تحقيق تقدم متوازن يخدم مصالح الإنسانية ويعزز جودة الحياة. يبدو أن مستقبل الذكاء الاصطناعي يحمل في طياته تحديات وفرصًا عظيمة. ومع ذلك، يبقى العقل البشري في صميم هذا المستقبل، باعتباره المحرك الأساسي للابتكار والتقدم.
وان امتلاك “ذكاء اصطناعي سيادي” لكل دولة يعد استراتيجية حيوية لتعزيز الاستقلال التكنولوجي وتأمين “الأمن القومي”. يتضمن ذلك تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تتوافق مع الأهداف الوطنية والسياسات الاستراتيجية للدولة، وتطبيقها في مجالات مثل الدفاع، الرعاية الصحية، التعليم، والبنية التحتية الرئيسية. تسعى الدول من خلال هذا النهج إلى تحقيق ميزة تنافسية وتعزيز مكانتها الاستراتيجية على الساحة العالمية. يستلزم هذا الجهد استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، بناء بنية تحتية تكنولوجية متقدمة، وتنمية المهارات البشرية في مجال الذكاء الاصطناعي. يعتمد نجاح هذه المبادرة على التعاون المتكامل بين الحكومات والقطاع الخاص، وإرساء إطار تنظيمي يكفل استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل “أخلاقي ومسؤول”.
المصدر: عمون