الذكاء الاصطناعي أكثر احترافية في تزييف الأخبار
AI بالعربي – متابعات
أصبح الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية في إنتاج الأخبار ونشرها مع الإغراءات التي يقدمها للناشرين، مثل تحسين جودة الأخبار وتعزيز كفاءة النشر وتوسيع نطاق الوصول إلى الأخبار، لكن كل ذلك يبدو قليل الأهمية بالنظر إلى مخاطر هذا الذكاء المتمثلة أساسا في انتشار المعلومات المضللة واختراق الخصوصية وتضليل الرأي العام.
وكشف تقرير لصحيفة “نيوز جارد” أن بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي باتت تعمل على أتمتة الأخبار المزيفة؛ وهو ما يؤدي إلى إتخام شبكة الإنترنت بالأخبار الكاذبة التي تختلط بالأخبار الصحيحة التي تنشر معلومات عن الانتخابات والحروب والكوارث الطبيعية، إذ ازداد حجم نشر الأخبار الكاذبة منذ مايو الماضي بنسبة تزيد على 1000 في المئة.
وساعد الذكاء الاصطناعي الأشخاص، سواء كانوا جزءا من وكالة تجسس أو مجرد هواة لإنتاج محتوى من الصعب أحيانا تمييزه عن الأخبار الحقيقية. وعلى سبيل المثال سرد أحد مقالات الذكاء الاصطناعي قصة ملفقة عن الطبيب النفسي الخاص ببنيامين نتنياهو، مدعيا أنه توفي وترك وراءه مذكرة تقترح تسلم الطبيب منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث عرضت المذكرة في برنامج تلفزيوني إيراني، ثم أعيد تعميمها على مواقع الإعلام العربية والإنجليزية والإندونيسية، ووزعها مستخدمون على عدة منصات اجتماعية.
ويقول خبراء إن النمو السريع للمعلومات المضللة في هذه المواقع يبعث على القلق بشكل خاص في الفترة السابقة لانتخابات عام 2024 في الولايات المتحدة.
وأصبحت المعلومات الكاذبة أكثر قابلية للتصديق بسبب الخلط بين المعلومات المنتشرة بواسطة الذكاء الاصطناعي والأخبار الحقيقية، وقد تصبح المواقع الشبكية المختلفة حول العالم وسيلة فعالة لتوزيع المعلومات المضللة خلال انتخابات عام 2024.
وقد وفرت انتخابات الرئاسة الفرنسية لعام 2017 أمثلة توضح أساليب التضليل المعلوماتي، فقد كان من بين محاولات التضليل في الحملة الانتخابية الفرنسية إنشاء نسخة متقنة طبق الأصل من الصحيفة البلجيكية “لاسوار” ونشر مقال كاذب يزعم أن المرشح الرئاسي إيمانويل ماكرون تموله السعودية. ومن الأمثلة الأخرى على ذلك تداول وثائق عبر الإنترنت تدعي كذبا أنه فتح حسابا مصرفيا خارجيا في جزر البهاما، ثم تم نشر معلومات مضللة عبر “غارات تويترية”، وقد نقلتها شبكات من الأفراد مرتبطة بشكل واسع إلى منصة تويتر سابقا (إكس حاليا) بالتزامن مع استخدام علامات الهاشتاغات المتماثلة لنشر شائعات عن حياة المرشح الخاصة.
وتعمل هذه المواقع بطريقتين؛ الأولى يدوية، حيث يُسأل الناس عن مواد تعزز سرداً سياسيًّا معينا. والثانية تلقائية، وهو ما يكشف أن قراصنة الإنترنت قاموا بتغذية مقالات تحتوي على كلمات رئيسية معينة بنموذج لغوي موسع يعيد كتابتها بالشكل الذي يريدونه بحيث تبدو فريدة من نوعها كوسيلة للتحريف.
وتحدد صحيفة “نيوز جارد” المواقع التي ينتجها الذكاء الاصطناعي عن طريق المسح الضوئي للرسائل التي تشير إلى أن المحتوى أنتجته أدوات الوكالة دون تحرير كاف؛ حيث تتفاوت دوافع إنشاء هذه المواقع، إذ يهدف بعضها إلى التأثير على المعتقدات السياسية أو إلحاق الضرر ونشر الفتن، في حين يهدف البعض الآخر إلى استقطاب المحتوى من أجل الاستيلاء على الإيرادات.
وغالباً ما تظهر مواقع الصحافة الحمراء في مدن صغيرة تفتقر إلى المنافذ الإخبارية المحلية؛ ما يولد انتشار مقالات محرفة تفيد الممولين الذين يمولون عملية نشرها، وبالرغم من أن هذه التقنيات هي الأكثر استخداما للموارد فإن التنظيم غير موجود إلى حد كبير.
وأحد تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي لمكافحة الأخبار المزيفة هو هذا الذكاء نفسه؛ حيث يستخدم بالفعل في إنشاء التزييف العميق بطريقة متقنة من خلال صور وفيديوهات ومقاطع صوتية يتم فيها استبدال وجه شخص ما أو التلاعب بلقطات وطبقة الصوت الخاصة به، ما يجعل الأمر يبدو كما لو أن الشخص قال شيئا لم يقله في الواقع. وفي الوقت الحالي أصبحت تطبيقات الهواتف الذكية قادرة على هذا النوع من التلاعب، وإن كانت هذه التطبيقات تنتج ما يعرف بالتزييف الرخيص، وعلى الرغم من ذلك فإن هذه التقنيات أصبحت في متناول أي شخص تقريبا، ويصعب اكتشافها خاصة لدى غالبية المستخدمين غير المتخصصين.
واكتشف فريق بحثي متخصص في تتبع المعلومات العلمية المضللة أن قنوات يوتيوب تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنتاج مقاطع فيديو، قد تنشر معلومات علمية كاذبة، وهذه المعلومات قد تظهر للأطفال “محتوى تعليميا”.
وتشمل هذه القنوات علوما زائفة، ومعلومات كاذبة، ونظريات مؤامرة، مثل نشر أخبار أن الأهرامات في مصر كانت أبنية لإنتاج الكهرباء، وإنكار تغير المناخ الذي يسببه الإنسان، والتأكيد على وجود كائنات فضائية.
وكلما زاد عدد المشاهدين زادت الإيرادات التي تحصل عليها القنوات من الإعلانات التي تظهر على الشاشة. كما أن تطبيق يوتيوب يستحوذ على حوالي 45 في المئة من عائدات إعلانات مقاطع الفيديو. وقام منشئو المحتوى أيضا بوضع علامات على مقاطع الفيديو الخاصة بهم على أنها “محتوى تعليمي”، مما يعني أنه من المرجح أن يوصى بها للأطفال.