من يجرؤ على عدم ذكر الذكاء الاصطناعي؟
AI بالعربي – متابعات
تعد السرعة التي أدى بها الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تحريك قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة استثنائية. في مناسبة أقيمت أخيرا، أعلن شريك في شركة إنديكس فنتشرز لرأس المال المغامر أنه لا يستطيع أن يتذكر أي عرض تقديمي تلقاه هذا العام من شركة ناشئة لم يذكر فيه الذكاء الاصطناعي التوليدي، وفقًا لجريدة الاقتصادية.
بالعودة إلى العام الماضي، تركزت الضجة على العملات المشفرة وبلوكتشين. لكن ذلك اختفى تقريبا، إلى جانب أسعار العملات المشفرة. كما أن التمويل من رأس المال المغامر ضعيف في كل مكان باستثناء الذكاء الاصطناعي. عدم اقحام شركة ما الذكاء الاصطناعي أثناء عرض فكرتها سيكون شجاعة.
إن الإثارة التي أوجدتها شركة أوبن أيه آي عندما أطلقت روبوت المحادثة تشات جي بي تي العام الماضي تعني أن كل اجتماع أذهب إليه صار يعج الآن بالحديث عن النماذج اللغوية الكبيرة، وقوة الحوسبة، والهلوسة. يأمل قطاع التكنولوجيا أن يحتضن الذكاء الاصطناعي المجموعة التالية من الشركات التي ستبلغ قيمتها تريليون دولار.
لكن وفقًا لبيانات شركة بيتش بوك حول قيم الصفقات للشركات الناشئة التي تجمع الأموال، لا يبدو أن الربعين الأخيرين كانا جديرين بالملاحظة. وذلك لأن عدد الصفقات لا يشمل حجم الصفقات المعلنة التي لم تكتمل بعد. أضف هذه الصفقات، وستجد قفزة مفاجئة من أقل من مليار دولار في الربع الأول من 2022 إلى أكثر من عشرة مليارات دولار في 2023. ويقترب المجموع حتى الآن هذا العام من 13 مليار دولار. بحلول 2030، تقدر شركة جراند فيو ريسيرتش أن منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن تصل إلى 110 مليارات دولار.
شجعت التطلعات إلى حجم السوق مستقبلا وحجم استثمار “مايكروسوفت” البالغ عشرة مليارات دولار في “أوبن أيه آي” المنافسين على كتابة شيكات ضخمة. خذ على سبيل المثال شركة ميسترال أيه آي الفرنسية الناشئة، التي تريد إنشاء نموذج لغوي كبير يمكنه منافسة شات جي بي تي من “أوبن أيه آي”. جمعت الشركة الفرنسية 115 مليون دولار في حزيران (يونيو) على الرغم من مرور بضعة أسابيع على تأسيسها وعدم وجود أي منتج تعرضه.
ما زال التمويل في ارتفاع. أعلنت “أمازون” الفترة الأخيرة عن برنامج بقيمة 100 مليون دولار يربط بين العملاء والمهندسين الذين يركزون على الذكاء الاصطناعي. وتأمل أن تتمكن من خلال شركتها أيه دبليو إس المختصة في الحوسبة السحابية، أن تصنع بصمة لنفسها باعتبارها المنصة التي يقصدها المستخدمون ومزودة الخدمات السحابية للذكاء الاصطناعي التوليدي.
ما الشركات الناشئة التي يجب ترقبها؟ هناك بالطبع “أوبن أيه آي”. جمعت الشركة الناشئة، مقرها وسط سان فرانسيسكو، أكثر من 11 مليار دولار حتى الآن. بينما تعمل شركة كوهير في تورنتو أيضا على تطوير نماذج لغوية كبيرة لتستخدمها الشركات. ومن بين الشركات الأخرى شركة أنثروبيك الناشئة في سان فرانسيسكو، التي جاء مؤسسوها من “أوبن إيه آي”؛ وشركة إنفليكشين أيه آي، التي تحاول إنشاء روبوت محادثة شخصي يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ وشركة هاجينج فيس في نيويورك، التي تناصر قضية المصدر المفتوح وتعمل كمركز للشركات من أجل العثور على نماذج للذكاء الاصطناعي.
كل هذه الإثارة أدت إلى رفع التقييمات عبر قطاع التكنولوجيا بأكمله. فيما لم تصل معظم أسعار الأسهم إلى أعلى مستوياتها تماما في أواخر 2021، لكنها تمحو سريعا آثار الهبوط الذي حصل العام الماضي. كما ارتفع مؤشر ناسداك المركب 30 في المائة هذا العام.
لكن ضع في حسبانك التحديات التي تلوح في الأفق. الهلوسة تحدث لأن النماذج اللغوية الكبيرة لا تستطيع التمييز بين الحقيقة والخيال. وهذا يعني أن بعض القطاعات – المالية والقانونية والطبية مثلا – محقة في توخي الحذر بشأن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. كما أن المخاوف بشأن استخدام تكنولوجيا التزييف العميق لانتحال الشخصيات يمكن أن تتسبب بمشكلات سياسية ومالية أيضا.
سيأتي أيضا قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي – وهو إطار تنظيمي يمكن أن يقيد برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي. إذ إنه قد يعطي الأفضلية للشركات الحالية ويصعب الأمور أمام الشركات الناشئة في هذا القطاع. مع ذلك، تواجه الشركات الكبيرة مزيدا من المشكلات فيما يتعلق بقوة الحوسبة، وهو ما يثبت وجود معوقات.
ثم هناك البيانات. الأيام التي كانت فيها الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي تجمع أي بيانات تريدها من الإنترنت لتدريب النماذج اللغوية الكبيرة أوشكت على الانتهاء. المالكون الحقيقيون لتلك البيانات أصبحوا أكثر وعيا بقيمتها. ويتضح ذلك من خلال تغيير منصة ريديت لإمكانية الوصول إلى الواجهة البرمجية للتطبيق. إذا كانت شركات الذكاء الاصطناعي ستستخدم “ريديت” لتدريب نماذج اللغة الكبيرة، فإن “ريديت” تريد أن يتم الدفع لها. وهي وجهة نظر منصفة.
قد يقول مركز أمن الذكاء الاصطناعي إن التخفيف من خطر انقراض البشر بسبب الذكاء الاصطناعي يجب أن يعد التحدي الأخير والأكثر أهمية.
لكننا في مرحلة مبكرة بحيث يظل من الصعب الفصل بين الضجة والواقع. أما المسألة الأقل إثارة للجدل فهي أن كثيرا من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي ليست لديها حتى الآن فكرة واضحة عن المبالغ المالية التي ستجنيها خدماتها. هذا القطاع مكلف من حيث العمل فيه. كم هي الأموال التي ستضخها شركات رأس المال المغامر قبل أن تبدأ في السؤال عن العوائد؟