كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟

كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي «العمليات الأمنية»؟

زكي تريدي

يُشكّل المهاجمون السيبرانيون باستمرار تهديدات جديدة ومعقدة تتجاوز قدرات الحلول الأمنية التقليدية، وهي حقيقة لا يمكن لصنّاع القرار في قطاع تكنولوجيا المعلومات تجاهلها. وتتطلب الهجمات الحديثة حلولاً متقدمة، إلا أن الأدوات التقليدية المتاحة لدى فرق مراكز العمليات الأمنية SOC باتت عاجزة بشكل متزايد.

تؤكد هذه الحقيقة على ضرورة تحديث الأدوات التقليدية لإدارة المعلومات والأحداث الأمنية SIEM لتصبح جاهزة للمستقبل. ومن خلال أحدث التقنيات، يمكن لمراكز العمليات الأمنية تحسين عملياتها. لكن هذا التحوّل يستغرق وقتاً، مما يصبّ في صالح الجهات المهاجمة.

ويجب على صانعي القرار الأمني السيبراني التسليم بقدرات المهاجمين المتزايدة، وإعطاء أولوية لتحديث مراكز العمليات الأمنية. وهذا التحوّل هو الخطوة الأولى لضمان سلامة الدفاعات المؤسسية لعام 2025 وما بعده.

بإمكان المهاجمين اليوم اختراق المؤسسات بسرعة غير مسبوقة، فقد سجلت أسرع عملية اختراق إلكتروني (eCrime) في عام 2024 زمناً لم يتجاوز 51 ثانية فقط. إلا أن السرعة ليست العامل الوحيد الذي يجعل التهديدات الحديثة أكثر خطورة، فقد أصبح المهاجمون أكثر تخفياً وإبداعاً في أساليبهم. والحقيقة القاسية هي أنه مع تطور قدرات المهاجمين، تزداد مخاطر تراجع أداء فرق مراكز العمليات الأمنية.

إن أنظمة SIEM التقليدية تعيق تقدم الفرق الأمنية، بسبب ضعف قابليتها للتوسع وبطء التحقيقات اليدوية. وتقلّل هذه الحلول القديمة من كفاءة العمليات عبر إغراق المحللين ببيانات مكررة أو غير ذات صلة، ما يصعّب الاستجابة للتهديدات. ومع النموّ الهائل لحجم البيانات، يزداد التحدي، فالأنظمة التقليدية وفق نماذج تسعيرها القائمة على حجم البيانات المدخلة تفرض على الفرق الأمنية خياراً صعباً بين الميزانية والأمن، ما يحدّ من قدرتها على تسجيل وحفظ البيانات الحساسة، مُسبّبة فجوات أمنية يستغلها المهاجمون.

تترتب على ذلك عواقب وخيمة، ففجوات الرؤية وبطء الاستجابة يعرّضان المؤسسات للاختراقات وتعطل العمليات. وفي الوقت نفسه، تتزايد أعباء الفرق الأمنية بسبب كثرة التنبيهات، ما يزيد من معدل استبدال الموظفين ويقلل الكفاءة التشغيلية.

تحتاج فرق مراكز العمليات الأمنية اليوم إلى أدوات تتناسب مع سرعة وذكاء التهديدات، وليس إلى حلول قديمة تعيق كشفها والاستجابة لها. ويكمن الحلّ في الجيل الجديد من أنظمة SIEM، التي تعتمد نهجاً مترابطاً يجمع البيانات والذكاء الاصطناعي وأتمتة سير العمل في منصّة موحّدة.

تعالج أنظمة SIEM الجديدة تحديات إدخال البيانات وتخزينها بدمج البيانات الأمنية منذ البداية، مما يمكّن الفرق من تفعيل تطبيقاتها فوراً.

وإذا كانت البيانات قلب نظام SIEM، فإن محتوى الكشف هو بمثابة العقل لهذا النظام. وبفضل الذكاء الاصطناعي، أصبحت الأنظمة الجديدة أكثر ذكاءً، حيث تربط البيانات بمعلومات تهديدات شاملة وأمنية من الأجهزة والهويات وأعباء العمل، ما يمنح المحللين تنبيهات عالية الدقة ويقلل من التنبيهات الخاطئة.

بدأت فرق مراكز العمليات الأمنية بالفعل في جني فوائد التقنيات الجديدة مثل أنظمة SIEM الحديثة، التي تقلّل الضوضاء الرقمية والتنبيهات الخاطئة وتسرّع التحقيقات وترفع دقة اكتشاف التهديدات. وعلى المستوى العام، لاحظ الموظفون تحسّناً كبيراً في الكفاءة، حيث يستفيد المحللون من أتمتة سير العمل لتبسيط الاستجابة وتحليل التهديدات بسرعة غير مسبوقة، بينما أصبح صائدو التهديدات يبحثون بشكل أسرع وأكثر استباقية مقارنةً بالأنظمة التقليدية.

يتكيف النهج القائم على الذكاء الاصطناعي في أنظمة SIEM الجديدة مع أنماط التهديدات، كاشفاً الهجمات المتقدمة التي قد تمر دون اكتشاف، مما يتيح القضاء على المهاجمين بسرعة مع تقليل التكلفة التشغيلية.

بالإضافة إلى ذلك، يقلّل هذا النهج تكاليف العمليات الأمنية، خصوصاً في استهلاك البيانات، ما يعزز الأمن دون زيادة الأعباء التشغيلية.

مع ازدياد سرعة المهاجمين وتعقيد أساليبهم، مثل الهجمات الخالية من البرمجيات الخبيثة والهجمات القائمة على الهوية، أصبحت الأدوات الأمنية المجزأة عائقاً كبيراً يتسبب في خلق الفجوات وإهدار الوقت.

ولمواكبة هذه التحديات، يجب تبنّي حلول متكاملة ومرنة تعزز الكفاءة وتسرّع الاستجابة. ورغم أن التحول يستغرق وقتاً، إلا أن فوائده تفوق الجهود المبذولة. ومع التوجّه نحو المستقبل، فإن اعتماد نهج حديث معزّز بالذكاء الاصطناعي سيكون أساسياً لضمان التفوق على التهديدات والحفاظ على المرونة التشغيلية.

المصدر: الخليج