النية المضمَنة في تصميم الأنظمة.. قراءة مختلفة للخطر الذكيّ
AI بالعربي – متابعات
مقدمة
في النقاشات العامة حول الذكاء الاصطناعي، يُصوَّر الخطر عادةً كأنه قادم من تطور تقني جامح أو فقدان السيطرة على الخوارزميات. لكن ثمة زاوية أكثر عمقًا وأشد خطورة: النية المضمَنة في تصميم الأنظمة. فالبرمجيات ليست كائنات محايدة، بل كيانات تحمل بداخلها أهداف من صنع مطوريها وشركاتها. هذه النيات تتحول إلى قواعد توجيهية غير مرئية تحدد كيف يعمل النظام، وما الذي يعتبره “صحيحًا”، و”مفيدًا”، و”مربحًا”.
بكلمات أخرى: الخطر الذكي لا يكمن فقط في قدرة الأنظمة على التعلّم، بل في القيم والنيات التي تُزرع فيها منذ لحظة التأسيس.
النية في قلب التكنولوجيا
-
عندما يقرر فريق تصميم أن يُعطي الأولوية للربح، فإن النظام سيُوجّه المستخدم نحو خيارات تجارية محددة.
-
إذا رُكز على “زيادة التفاعل”، فإن الخوارزميات قد تُفضّل المحتوى المثير للغضب أو الصدمات.
-
إذا كان الهدف “الرقابة السياسية”، فالنظام قد يخفي موضوعات معينة أو يبرز أخرى.
هكذا تصبح النية الأولى بمثابة برمجة ضمنية للسلوك المستقبلي، تتجاوز الجانب التقني لتشكل توجّهًا أيديولوجيًا كاملاً.
كيف تعمل النية المضمَنة؟
-
اختيار البيانات: ماذا ندخل للنظام وماذا نستبعد؟ هذا قرار يحمل نية واضحة.
-
الأوزان والمعايير: أي عامل يُعطى أولوية أكبر في الحساب؟ التفاعل؟ المصداقية؟ الأرباح؟
-
آليات التصفية: ما الذي يُعرض على الشاشة وما الذي يُحجب؟
-
التصميم النفسي: واجهات تحفّز المستخدم على سلوكيات معينة (مثل السحب المستمر أو الإشعارات المتكررة).
أمثلة واقعية
-
منصات التواصل: ركزت لسنوات على “مدة التفاعل”، ما جعل الخوارزميات تفضل المحتوى المثير للجدل على حساب الجودة.
-
أنظمة القروض: إذا كانت النية هي “تقليل المخاطر المالية”، فالنتيجة قد تكون إقصاء جماعات كاملة من الوصول للتمويل.
-
البحث الذكي: حين تكون النية “التحكم في السرديات”، تتحول محركات البحث إلى أدوات لصياغة الرأي العام.
-
التعليم الرقمي: إذا ركزت المنصة على “الكفاءة السريعة”، قد تُهمّش العمق الفكري والتحليل النقدي.
واجهة نظام ذكاء اصطناعي يعرض خيارات موجهة للمستخدم

رمزية للتحكم الخفي في تدفق المعلومات

لوحة تعكس العلاقة بين الكود والقيم المضمنة فيه
ج: هي الأهداف والقيم التي تُزرع في الخوارزميات منذ لحظة تصميمها، فتحدد كيفية عملها ونتائجها.
س: لماذا تعد خطيرة؟
ج: لأنها غير مرئية للمستخدم، لكنها تعيد تشكيل اختياراته ووعيه الجمعي.
س: هل يمكن أن تكون النية المضمَنة إيجابية؟
ج: نعم، إذا كانت موجهة نحو العدالة والشفافية والتعليم، لكنها غالبًا تخضع لأولويات تجارية.
س: كيف يمكن ضبطها؟
ج: عبر الشفافية، المساءلة، التعددية في فرق التطوير، وزيادة وعي المستخدم.
الخلاصة
الخطر الذكي لا يكمن فقط في تطور التقنية، بل في النية المضمَنة في تصميم الأنظمة. هذه النية قد تكون غير مرئية، لكنها تُحدد مصائر الأفراد والمجتمعات. إدراكها والوعي بها هو الخطوة الأولى لبناء أنظمة عادلة وذكية بحق، لا مجرد أدوات لتضخيم الأرباح أو تكريس السيطرة.
اقرأ أيضًا: ليس خطأً تقنيًا فقط.. حين يصبح الانحراف البرمجي أيديولوجيا مستترةً
Beta feature
Beta feature









