الجلسة الأولى في “منتدى الاتحاد الـ17”: الذكاء الاصطناعي.. نفط القرن الـ21
AI بالعربي – متابعات
تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي نفط القرن العشرين»، تفاعلت سجالات الجلسة الأولى التي أدارها الكاتب والباحث السعودي عبدالله بن بجاد العتيبي، الذي شكر «الاتحاد» على تخصيصها فعاليات النسخة السابعة عشرة للمنتدى لموضوع حيوي مثل اقتصاد المعرفة.
وتحت عنوان «اقتصاد المعرفة يعزز النهضة الثقافية والتواصل الحضاري»، قدم عبدالله ماجد آل علي مداخلة شكر خلالها «الاتحاد» على دعوتها الكريمة وتنظيمها هذا المنتدى، وفي مستهل كلمته أشار إلى أنه في عام 2014، أطلقت دولة الإمارات «الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021»، وكان من ركائزها الرئيسية بناء «اقتصاد معرفي عالي الإنتاجية». ونصت «الأجندة» على تشكيل الابتكارات والأبحاث والعلوم والتكنولوجيا الركائز الأساسية لاقتصاد معرفي تنافسي عالي الإنتاجية، يدفع عجلته رواد الأعمال، في بيئة أعمال محفزة، تشجع الشراكات الفاعلة بين القطاعين الحكومي والخاص.
وأشار عبد الله ماجد إلى أن الإمارات تطور اقتصادها إلى نموذج تعتمد التنمية فيه على المعرفة والابتكار، حيث لا بد من الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا والأبحاث على مختلف مستويات الاقتصاد الإماراتي، كي نرتقي بوتيرة الإنتاجية والتنافسية لنضاهي أفضل الاقتصادات العالمية.
ومن هذا المنطلق، فإن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تواصل جهودها للانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة، تشجع الابتكار والرقمنة بصفتهما ركيزتين أساسيتين يستند إليهما اقتصاد المعرفة، وهي تسير كذلك بخطى واثقة نحو مئويتها عام 2071.
وأضاف ماجد أن حكومة دولة الإمارات تقود البلاد اليوم نحو: التطوير التكنولوجي وتوفير التطبيقات الذكية، ونشر ثقافة الثورة الصناعية الرابعة، وتشجيع الاستخدام الأمثل لقطاعات التقنيات المتطورة، وتسريع تبني اقتصاد المعرفة والابتكار لتحقيق النمو المستدام، ومواكبة التغيرات العالمية المتسارعة والتحديات المستقبلية.
ولفت ماجد الانتباه إلى أن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة تمت ترجمتها إلى تقدم كبير في «مؤشر اقتصاد المعرفة» السنوي الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث احتلت المركز الخامس عشر بين 138 دولة شملها التقرير لعام 2020.
«بيانات لمتخذي القرار»
وأكد ماجد أن اقتصاد المعرفة وتعزيز ركائز مجتمع المعرفة من المفاهيم الحاضرة في مختلف الوزارات والهيئات والمؤسسات في الدولة، وأصبح ذلك جزءاً من ثقافة العمل الحكومي. وقد اهتم «الأرشيف والمكتبة الوطنية» بأن تكون ثقافة المعرفة ضمن المعايير التي توجه استراتيجياته وخطط عمله.
وتطرق ماجد إلى دور الأرشيف والمكتبة الوطنية في توفير الوثائق التاريخية لصُنّاع القرار، وللباحثين والأكاديميين، وعامة الناس. وهذه الخدمة توفر بوابة معرفية تعزز دور متخذي القرار لبناء مجتمع قائم على البيانات والأرقام، ونشر الإصدارات التي تحوي المعلومة الموثقة، وتعنى بتاريخ الدولة ومنطقة الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، وقد بلغ عددها أكثر من 150 إصداراً.
وتمتد خدمات الأرشيف والمكتبة الوطنية لتصل إلى طلبة المدارس، فهو شريك استراتيجي في مجال التنشئة الوطنية للأجيال، ويشارك في المشاريع الوطنية الكبرى التي تخص الطلبة، مثل مشروع بحوث الهوية الوطنية، ومبادرة «زايد 100 حكاية»، ومبادرة «كتّاب الخمسين». وغيرها.
مؤتمرات للترجمة
وأضاف: «في مجال التاريخ الشفاهي، فإن الأرشيف والمكتبة الوطنية يحتفظ في أرشيفاته بأكثر من 900 مقابلة أجراها الخبراء والمختصون، وقد تحدث فيها كبار المواطنين وشهود العصر عن الأحداث التاريخية، وهذه بحد ذاتها ثروة ثقافية وتاريخية وتراثية».
ونظم الأرشيف والمكتبة الوطنية نسختين من مؤتمر الترجمة الدولي الذي يعد من أكبر المؤتمرات في مجاله. وهو يستعد في هذه المرحلة لاستضافة مؤتمرات عالمية مثل كونجرس المجلس الدولي للأرشيف في أكتوبر 2023.
تعزيز التوجه نحو اقتصاد المعرفة
وحسب ماجد، يؤدي الأرشيف والمكتبة الوطنية دوراً كبيراً في تعزيز التوجه نحو اقتصاد المعرفة في المجتمع وفق مؤشرات البنك الدولي لاقتصاد المعرفة، وهذه القوة الناعمة ستضطلع بدور محوري في توفير مصادر المعلومات وإمكانية الوصول إليها. إن ارتباط بوابات المعرفة واندماج مهام الأرشيف والمكتبة الوطنية يعطيان قوة في بناء البيانات وانتقالها السلس بين المختصين ومتخذي القرار، وحالياً يعمل الأرشيف والمكتبة الوطنية على إعداد السياسات والقوانين التي تحكم هذه العمليات.
«اقتصاد المعرفة» ركن أساسي في «مئوية الإمارات 2071»
قال عبدالرحيم البطيح النعيمي، مدير عام «أبوظبي للإعلام» بالإنابة: «تواصل صحيفة الاتحاد منذ صدور عددها الأول في عام 1969 تحقيق رسالتها الإعلامية بمهنية عالية وروح وطنية راسخة، وهي تلتزم بلعب دور محوري وفاعل ومؤثر فيما يتعلق بتسليط الضوء على أبرز التوجهات والقضايا في دولة الإمارات والمنطقة وفق رؤية القيادة الرشيدة، وانسجاماً مع رسالة (أبوظبي للإعلام) ورؤيتها وقيمها».
وأضاف النعيمي: «ومن هذا المنطلق، يعتبر منتدى الاتحاد السنوي الذي تنظمه الصحيفة منذ 16 عاماً، منصة فكرية وإعلامية بالغة الأهمية بموضوعاتها وطروحاتها ومقاربتها لأبرز وأهم المسائل والقضايا التي ترتبط بواقع ومستقبل الدولة والمنطقة العربية والعالم، ومنطلقاتها التي ترتكز على مبادئ السلام والقيم الإنسانية والتسامح والتنمية». واختارت صحيفة الاتحاد موضوع اقتصاد المعرفة عنواناً لمنتداها هذا العام انطلاقاً من كونه ركناً أساسياً من «مئوية الإمارات 2071» وجزءاً لا يتجزأ من خريطة العمل الحكومي لتعزيز سمعة الدولة وقوتها الناعمة، في إطار سعيها لتكون أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لقيامها، من خلال بناء اقتصاد معرفي متنوع يمكنه منافسة أفضل اقتصادات العالم.
شروط اقتصاد المعرفة في الاقتصاديات الجديدة
وانتقلت الكلمة إلى عبدالوهاب بدرخان، ليقدم مداخلته المعنونة بـ «اقتصاد المعرفة فرصة لظهور أقطاب اقتصادية جديدة»، مقدماً شروطاً ومراحل تأهيلية ينبغي المرور بها للتحول إلى هذا النوع من الاقتصاد: نظام متطور للتعليم والتدريب والبحوث «لتأمين رأس المال البشري، ولإيجاد بذور للابتكارات بوصفها عماداً رئيسياً لاقتصاد المعرفة»، ووجود بنى تحتية متقدمة للكهرباء والاتصالات والإنترنت مؤمنة بفاعلية وبتكلفة معقولة للمساهمة في بناء مجتمع معلوماتي، والالتزام بنظام مالي متطور يتيح للشركات الحصول على تمويل لاستثماراتها، ودعم من الدولة يوفر الحوافز المالية والإدارية، خصوصاً البحثية لتشجيع هذا النوع الجديد من الاقتصاد.
تجارب الآخرين
ولدى بدرخان قناعة بأن دولاً عدة في الخليج العربي، لا سيما الإمارات والسعودية، خطت أشواطاً سريعة ومثابرة في استراتيجياتها التحديثية، وأصبحت من الأقطاب الجدد في اعتماد اقتصاد المعرفة، وتبدي استيعاباً لتجارب الآخرين، وتنطلق من خصوصيتها في الابتكار والاستفادة من اطلاعها المزمن مع العالم الغربي، ومن علاقاتها المتطورة مع دول الشرق كالهند وكوريا الجنوبية واليابان، فضلاً عن سنغافورة وهونج كونج وتايوان. وتطرق بدرخان إلى تجربة سنغافورة، حيث أهم عنصر لديها في العملية الإنتاجية هو العنصر البشري، حيث ركزت على التعليم وتدريب القوى العاملة على الصناعات المتقدمة.
وأضاف بدرخان: «هناك أيضاً تجارب قيد التطوير في أستراليا ونيوزيلندا وماليزيا. كل هذه الدول استطاعت بسرعات متفاوتة تطوير اقتصاداتها ومداخيلها بما بذلته وتبذله من استثمارات في التعليم والتدريب المهني واستخدام تكنولوجيا المعلومات».