خدعة من الذكاء الإصطناعي لتسريع ضرب الأعداد
AI بالعربي – متابعات
اكتشف ذكاء اصطناعي من ابتكار شركة DeepMind طريقة جديدة لضرب الأعداد، وهو أول تقدّم من هذا النوع منذ أكثر من خمسين سنة. قد تسمح هذه النتيجة بتسريع بعض عمليات الحوسبة بنسبة تصل إلى 20%، إذ تتكل مجموعة من البرمجيات على تنفيذ هذه المهمة على نطاق واسع.
يُعتبر ضرب المصفوفات، حيث تُضرَب شبكتان من الأعداد معاً، مهمة أساسية في مجال الحوسبة، وهو يُستعمَل في جميع البرمجيات بدرجة معينة، لا سيما في الرسوم البيانية، والذكاء الاصطناعي، وتجارب المحاكاة العلمية. حتى أبسط تقدّم في فاعلية هذه الخوارزميات قد يُحسّن الأداء أو يوفر الطاقة بدرجة كبيرة.
طوال قرون، قيل إن أكثر الطرق فاعلية لضرب المصفوفات يُفترض أن تتماشى مع عدد العناصر المضروبة، ما يعني أن تصبح المهام أكثر صعوبة نسبياً على المصفوفات الأكبر حجماً.
لكن في العام 1969، أثبت عالِم الرياضيات، فولكر ستراسن، أن ضرب مصفوفة فيها صفّان من رقمَين بمصفوفة أخرى بالحجم نفسه لا يشمل بالضرورة ثماني عمليات ضرب، ويمكن تخفيض عددها إلى سبعة عبر استعمال حيلة ذكية. حملت هذه المقاربة اسم “خوارزمية ستراسن”، وهي تتطلب عملية جمع إضافية، لكنها ظاهرة مقبولة لأن عمليات الجمع في الحاسوب تتطلب مدة زمنية أقل بكثير من عمليات الضرب.
أصبحت هذه الخوارزمية المقاربة الأكثر فاعلية لمعظم أحجام المصفوفات على مر أكثر من 50 سنة، رغم اكتشاف بعض التحسّن البسيط الذي يصعب تكييفه مع شيفرة الحاسوب. لكن اكتشف الذكاء الاصطناعي الذي ابتكرته شركة DeepMind حديثاً تقنية أسرع تعمل بشكلٍ مثالي مع الجهاز الراهن. يحمل هذا النظام الجديد اسم AlphaTensor، وقد بدأ عمله من دون أن يعرف أي حلول، بل طُلِب منه أن يبتكر خوارزمية فاعلة لإتمام المهمة المطلوبة بأقل عدد ممكن من الخطوات.
اكتشف النظام خوارزمية لضرب مصفوفتَين من أربعة صفوف فيها أربعة أعداد عبر استعمال 47 عملية ضرب فقط، وتتفوق هذه النتيجة على 49 عملية ضرب في خوارزمية ستراسن. كذلك، طوّر النظام تقنيات مُحسّنة، بلغ مجموعها 70، لضرب مصفوفات بأحجام أخرى.
اكتشف نظام AlphaTensor آلاف الخوارزميات الفاعلة لكل حجم من المصفوفات. لكن كانت أقلية صغيرة منها أفضل من أحدث التقنيات المستعملة. يرتكز البحث على الذكاء الاصطناعي الخاص بالألعاب في شركة DeepMind، واسمه AlphaZero، وهو قيد التطوير منذ سنتين.
يقول الحسين فوزي من شركة DeepMind: “هذه النتائج منطقية من الناحية الرياضية، لكنها ليست بديهية للبشر. نحن لا نعرف السبب الذي جعل النظام يتوصل إلى هذه النتيجة، ولا نعرف ما يجعله أفضل طريقة لضرب المصفوفات. بطريقة ما، تحصل الشبكات الحيادية على انطباع حول الجوانب الإيجابية والسلبية. أنا لا أستطيع تحديد طريقة عمل النظام بدقة. أظن أن معرفة ما يفعله التعلّم العميق لإتمام هذا النوع من المهام يتطلب طرح بعض النظريات”.
اكتشفت شركة DeepMind أن الخوارزميات قد تزيد سرعة الحوسبة بنسبة تتراوح بين 10 و20% في أجهزة مثل وحدة معالجة الرسومات Nvidia V100، ووحدة معالجة الموتر V2، لكن لا شيء يضمن تكرار هذه المنافع في أجهزة شائعة مثل الهواتف الخليوية أو الحواسيب المحمولة.
يوضح جيمس نايت من جامعة “ساسكس” البريطانية: “يكون نطاق البرمجيات العاملة في الحواسيب العملاقة والأجهزة القوية، مثل أبحاث الذكاء الاصطناعي ومحاكاة الطقس، أشبه بعملية واسعة النطاق من ضرب المصفوفات”.
يقول عوديد لخيش، من معهد “بيركيك” في جامعة لندن، إن الخوارزميات الجديدة قد تزيد فاعلية مجموعة واسعة من البرمجيات لأن ضرب المصفوفات مشكلة شائعة جداً، ومن المتوقع أن تتلاحق خوارزميات إضافية على الأرجح: “أظن أننا سنشهد على ظهور حلول ينتجها الذكاء الاصطناعي لمشاكل أخرى تحمل الطبيعة نفسها، مع أنها قد لا تكون أساسية بقدر ضرب المصفوفات إلا في حالات استثنائية. تكثر الحوافز التي تُشجّع على ابتكار هذه التقنية لأن تراجع العمليات في الخوارزميات لا يعني تسريع النتائج بكل بساطة، بل توفير الطاقة المستهلكة أيضاً”. إذا انتهت أي مهمة بفاعلية مضاعفة، يمكن تشغيلها في جهاز أقل قوة وأقل استهلاكاً للطاقة، أو في الجهاز نفسه عبر تقصير مدة العملية وتقليص الطاقة المستهلكة.
لكن لا يعني التقدم الذي أحرزته DeepMind بالضرورة أن عمل المبرمجين البشر لم يعد ضرورياً. يضيف لخيش: “قد لا يضطر المبرمجون للشعور بالقلق إلا في المستقبل البعيد. بدأ مسار التحسّن الأوتوماتيكي منذ عقود في قطاع تصميم الرقائق الدقيقة، ويُعتبر الابتكار الجديد مجرّد أداة مهمة أخرى في معدات المبرمجين”.