أهمية الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بتقلبات المناخ
AI بالعربي – خاص
يستخدم خبراء الأرصاد، عددًا من النماذج العلمية ومصادر البيانات، لمتابعة أشكال وتحركات السحب في محاولة للتنبؤ بالعواصف العاتية، ولكن بعد اتساع قواعد بيانات الطقس وضيق عنصر الوقت، فمن شبه المستحيل مراقبة جميع عمليات تشكل العواصف، لاسيما العواصف الصغيرة بنجاح وفي الوقت المناسب.
نموذج حاسوبي لتحديد العواصف:
في العام 2019 طور فريق من الباحثين، من جامعة بنسلفانيا الأميركية، وجامعة ألميريا الإسبانية، وشركة “أكوا ويزر” للأرصاد الجوية، نموذجًا حاسوبيًا يتيح لخبراء الأرصاد، التعرف على العواصف العاتية المحتملة بسرعة ودقة عالية، ويعتمد النموذج الحاسوبي على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقادر على متابعة الحركة الدائرية للسحب، عبر صور الأقمار الصناعية.
نقل موقع “ساينس ديلي” الإلكتروني المتخصص في التكنولوجيا، عن “ستيف ويستر” خبير الأرصاد الجوية في شركة “أكوا ويزر”، قوله: “إن امتلاك هذه التقنية، التي تتيح التعرف على تشكيلات السحب المنطوية على خطورة، يساعد في التوصل إلى تنبؤات جوية أكثر دقة”.
أبرز المهمات التي يعمل عليها النموذج الحاسوبي:
قام فريق الباحثين خلال الدراسة، بتحليل أكثر من خمسين ألف صورة لأقمار صناعية خاصة بالأرصاد الجوية، وتحديد الأشكال المختلفة للسحب التي يمكن أن تؤدي إلى تقلبات جوية حادة، ثم قاموا بتغذية هذه البيانات داخل منظومة الذكاء الاصطناعي، بغرض تعليمها كيفية التعرف على أشكال السحب، التي تنذر بالخطر من خلال صور الأقمار الصناعية، وتستطيع هذه المنظومة مساعدة الخبراء، عن طريق تحذيرهم في حالة رصد أي تقلبات جوية محتملة، مما يمكِّنهم من تركيز اهتمامهم على المناطق المهددة بالخطر، ومتابعة التغيرات الجوية في تلك المناطق.
ويؤكد فريق الباحثين، أن منظومة الذكاء الاصطناعي يمكنها رصد أشكال السحب، التي تنذر بحدوث العواصف بدرجة دقة تصل إلى 99 بالمئة، وأن عملية التنبؤ لا تستغرق أكثر من 40 ثانية، كما تستطيع المنظومة التنبؤ بالظواهر المناخية الحادة بنسبة 64 بالمئة، لتتفوق بذلك على معظم التطبيقات الإلكترونية، التي تُستخدم في مجال التنبؤات الجوية بالوقت الحالي.
كيف يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في خفض الانبعاثات الحرارية؟
هناك خمس طرق عند التفكير في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال المناخ، وهي:
1- استخلاص البيانات وتحويلها إلى أفكار قابلة للتنفيذ، فعلى سبيل المثال تستخدم شركة تحليل البيانات “كايروس Kayrros”، صور الأقمار الصناعية والتعلُّم الآلي، للمساعدة في اكتشاف تسرُّب غاز الميثان.
2- تحسين الأنظمة المعقَّدة، فمثلًا تستخدم شركة “فيرو لابز Fero Labs” التي تمتلك مقرات في الولايات المتحدة وألمانيا، تقنيات التعلُّم الآلي لتحسين كفاءة الطاقة، في شركات الإسمنت والصلب والكيماويات، كما تساعد شركة “ويف غريدWeaveGrid” مشغِّلي الشبكات الكهربائية، على دمج خاصية شحن السيارات الكهربائية بشكلٍ أفضل.
3- تسريع الاكتشاف العلمي، فمثلًا تساعد الشركة الناشئة “أيونيكس Aionics”، في تسريع التجارب اللازمة للعثور على مادة جديدة للبطاريات.
4- تسريع عمليات محاكاة المناخ، إذ يستخدم الباحثون تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتقليص الوقت اللازم في تشغيل نماذج المحاكاة الكبيرة والمعقَّدة.
5- تحسين التنبؤات، تستخدم الشركة الناشئة “كيتل Kettle” الشبكات العصبية، لتحسين التوقُّعات المُتعلِّقة بمخاطر حرائق الغابات.
هل يمكن أن يسرِّع الذكاء الاصطناعي من زيادة الانبعاثات؟
يُجيب على ذلك “ديفيد رولنيك” من جامعة ماكغيل، ويقول: “نعم، الذكاء الاصطناعي يُسرِّع أي أمر تطلب منه تسريعه”، مما يعني أنَّ هناك تطبيقات للذكاء الاصطناعي من شأنها زيادة مستوى الانبعاثات أيضًا، فعلى سبيل المثال فإن أكبر شركات التكنولوجيا تقدم حلول الذكاء الاصطناعي لشركات النفط والغاز، وذلك لتحسين استكشاف وإنتاج الوقود الأحفوري، ومن المحتمل أن تُسهم الأدوات التي تعطي توصياتها، بناءً على الخوارزميات لمنصات البيع بالتجزئة إلى زيادة الاستهلاك، كما قد تؤدي السيارات ذاتية القيادة في النهاية، إلى زيادة عدد أميال القيادة بشكل كبير، لذا فمن المهم للعاملين في نشر حلول الذكاء الاصطناعي، إيجاد طرق لضمان مواءمة حلولهم مع أهداف المناخ العالمية، كلما كان ذلك ممكنًا.
أبرز المخاطر الأخرى المحتملة التي قد تنجم عن الذكاء الاصطناعي:
يبدو أنَّ الاهتمام المتزايد بنشر حلول الذكاء الاصطناعي، يعني أنَّ تطبيقاته سوف تزيد بشكل قد يخرج عن السيطرة، تقول بريا دونتي
من “جامعة كارنيغي ميلون”: “استقطبت ورشة عمل افتراضية حديثة، بشأن دور الذكاء الاصطناعي في التصدّي للتغيُّرات المناخية 2000 مشارك، وقدَّم الباحثون 300 اقتراح لاستخدام الذكاء الاصطناعي، في معالجة التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري”.
وأضافت دونتي: “بالرغم من أنَّ الذكاء الاصطناعي، يُمثِّل تقنية برَّاقة ولافتة للنظر، إلا أنَّ هناك العديد من المواقف، التي يكون فيها الحل الأقل جاذبية هو الحل الصحيح، وهذه مهمة كبيرة يواجهها المجتمع”، متابعة: “من المهم التأكُّد من أنَّ حلول الذكاء الاصطناعي، لن تشكِّل في نهاية المطاف أمرًا مضللًا”.
ويتمثَّل الهدف في جعل استخدام الذكاء الاصطناعي واسع الانتشار، كاستخدام جداول البيانات حاليًا، لكن حتى يتم تطبيق ذلك بشكل فعَّال في مجال مكافحة تغيُّر المناخ، فإنَّ الأمر سيتطلَّب أن يمتلك المستخدمون مهارات لإمكانات هذه التقنية وأخطارها أيضًا، كما يقول رولنيك.
تطبيقات جديدة للتنبؤ بتقلبات المناخ:
تعمل شركة “سيرفيست” الأميركية الناشئة، على تطوير منصة جديدة باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، للتنبؤ بتأثيرات التغير المناخي، مشيرة إلى أنها تسعى لمساعدة صناع القرار في الشركات والحكومات والمزارع، على مواجهة التقلبات الحادة للطقس.
ووفقًا لموقع “تك كرانش” المُتخصص في موضوعات التكنولوجيا، فإن نجاح الشركة الناشئة في جذب استثمارات بلغت 3.7 مليون دولار، لاستخدامها في تطوير منصتها الرقمية المنتظرة، مضيفًا أن من بين المستثمرين الذين شاركوا في الجولة الأخيرة من تمويل الشركة، صندوق الاستثمار “فيوتشر بوزيتيف كابيتال”.
وأوضحت شركة “سيرفيست” إن منصة “إيرث ساينس أيه. آي” التي تعمل على ربط علم الأرض بالذكاء الاصطناعي، تستطيع تحليل مليارات البيانات من أجل توقع كيفية تأثير التغير المناخي، على أي مكان سواء كان دولة بأكملها أو حتى مساحة محددة من الأرض، وذلك اعتمادًا على نتائج ثلاث سنوات من البحث والتطوير، على يد فريق من العلماء والمتخصصين في الرياضيات والمطورين والمهندسين.
وتعتمد المنصة الإلكترونية، على الجمع بين أساليب البحث والنماذج المأخوذة من علوم الأرض، مثل علم الغلاف الجوي، وعلوم الأرصاد الجوية، والهيدرولوجيا، والهندسة الزراعية، وبين تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتصوير، والتعلم الآلي والإحصاء البازي.
ومع استخدام كميات هائلة من صور الأقمار الصناعية ونظرية الاحتمالات، فإن المنصة تستطيع تحديد الإشارات أو الإنذار المبكر من الأحداث المناخية الكبيرة، مثل الفيضانات والحرائق والرياح القوية، كما أنه يمكنها رصد أي تغيير في جودة التربة أو مخاطر المياه.
وعلى حسب شركة “سيرفست”، فإنه يمكن استخدام نتائج هذه المنصة، في تحديد أفضل مكان لإقامة مصنع، أو لزراعة القمح، كما تستخدمها شركات التأمين لتحديد رسوم التأمين للعملاء في منطقة ما خلال العام المقبل.