تحالفات استراتيجية في الذكاء الاصطناعي تبرز خلال جولة ترمب الخليجية

تحالفات استراتيجية في الذكاء الاصطناعي تبرز خلال جولة ترمب الخليجية

AI بالعربي – متابعات

في خضم السباق العالمي نحو تبنّي تقنيات المستقبل، تبرز دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كلاعبين طموحين يسعون لترسيخ مكانتهم كمراكز إقليمية رائدة في قطاع الذكاء الاصطناعي.

يُعد هذا الطموح جزءاً من استراتيجيات وطنية شاملة تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وزيادة الإنتاجية، وبناء بنية تحتية معرفية قادرة على مواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة.

الرياض وأبوظبي على وجه الخصوص اتخذتا خطوات ملموسة لتحقيق هذا التحول، بدءًا من إطلاق استراتيجيات وطنية للذكاء الاصطناعي، وتأسيس هيئات ومراكز بحثية متخصصة، مروراً بالاستثمار في المواهب وتوقيع شراكات مع كبرى الشركات العالمية، وصولًا إلى احتضان مؤتمرات دولية تُعزز مكانتهما كمحاور رئيسية في هذا المجال. ويأتي ذلك في ظل إدراك متزايد لأهمية الذكاء الاصطناعي في رسم ملامح الاقتصاد العالمي الجديد، وضرورة امتلاك أدواته لضمان النفوذ والتأثير.

وفي هذا السياق، تكتسب زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى عدد من دول الخليج بُعدًا استراتيجيًا إضافيًا، حيث تسهم في تعميق التعاون الثنائي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. فالعلاقات السياسية والاقتصادية الوثيقة مع الولايات المتحدة، إلى جانب الحضور الأميركي القوي في قطاع التكنولوجيا، تمثل رافعة مهمة لطموحات الخليج في التحول إلى مركز إقليمي للابتكار والبيانات والتحول الرقمي، وهو ما ظهر بوضوح خلال الاتفاقات والصفقات التي تمت في محطته الأولى في جولته الخليجية بالمملكة العربية السعودية.

تشير صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، في تقرير لها، إلى أن دول الخليج تنظر بشكل متزايد إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره عنصراً أساسياً في جهودها الرامية إلى تقليل اعتمادها على النفط وتطوير صناعات جديدة.

أنشأت الإمارات العربية المتحدة، التي سيزورها ترمب في ختام جولته الخليجية، شركة G42، التي يرأسها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن القومي، لتكون أداتها الرئيسية في مجال الذكاء الاصطناعي. واستثمرت مايكروسوفت 1.5 مليار دولار أميركي لشراء حصة أقلية في G42 العام الماضي، في صفقة اعتُبرت أساسية في العلاقات الأميركية مع الإمارات.

كما أطلقت أبوظبي صندوق استثمار متخصص في الذكاء الاصطناعي، MGX، في العام الماضي، واتخذت قراراً استراتيجياً بالاستثمار في التكنولوجيا الأميركية.

كذلك فإن الذكاء الاصطناعي يُعدّ أحد المجالات التي تسعى المملكة العربية السعودية إلى مواصلة الإنفاق عليها. (ووقعت المملكة خلال زيارة الرئيس ترمب لها في مستهل جولته الخليجية اتفاقات مختلفة فيما يخص الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، متعهدة باستثمارات مليارية).

ويشير أيضاً تقرير لـ “بلومبرغ” إلى أن إدارة الرئيس ترمب تعمل على تمهيد الطريق أمام اثنين من حلفائها الرئيسيين في الخليج العربي “السعودية والإمارات” لمتابعة طموحاتهما في مجال الذكاء الاصطناعي – وتستغل بعض أكبر شركات التكنولوجيا الأميركية هذه الفرصة بخطط لإنفاق مليارات الدولارات في المنطقة.

تتبلور الصفقات بالتزامن مع زيارة الرئيس دونالد ترامب للشرق الأوسط سعياً لتوطيد علاقات تجارية تُبرز المبادرات التكنولوجية الأميركية.

ولتمهيد الطريق نحو الذكاء الاصطناعي، تحركت الولايات المتحدة رسمياً، الأسبوع الماضي، لإلغاء ما يُسمى بقاعدة انتشار الذكاء الاصطناعي التي أُطلقت في عهد الرئيس جو بايدن. وقد واجه هذا الإجراء، الذي أنشأ ثلاثة مستويات واسعة من الوصول للدول التي تسعى للحصول على رقائق الذكاء الاصطناعي، معارضة شديدة من شركات مثل إنفيديا وحلفاء الولايات المتحدة بسبب القيود التي فرضها على مشتريات الدول من الرقائق. ويعمل مسؤولو إدارة ترمب حالياً على صياغة نهجهم الخاص، والذي من المتوقع أن يتحول نحو التفاوض على صفقات فردية مع الدول.

مركز إقليمي

يقول المستشار الأكاديمي في جامعة “سان خوسيه” الحكومية في كاليفورنيا، أحمد بانافع، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

تشهد منطقة الخليج العربي تحولاً متسارعاً نحو أن تصبح مركزاً إقليمياً لصناعات الذكاء الاصطناعي، في ظل شراكات استراتيجية مع شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة.
هذا التوجه يثير تساؤلات حول دور الولايات المتحدة في رسم ملامح “وادي السيليكون الخليجي” كجزء من سباق عالمي محتدم على الهيمنة التكنولوجية.

ويضيف: تسعى واشنطن إلى تعزيز نفوذها التكنولوجي عالمياً، لا سيما في ظل تصاعد المنافسة مع الصين وروسيا في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. وفي هذا السياق، يبدو أن دول الخليج باتت شريكاً مثالياً للأهداف الأميركية لعدة أسباب، من بينها:

وفرة رأس المال الاستثماري، خاصة من السعودية والإمارات وقطر، التي تضخ مليارات الدولارات في صناديق التكنولوجيا وشركات الذكاء الاصطناعي.

الموقع الجغرافي الاستراتيجي، حيث يربط الخليج بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، ما يمنحه أهمية لوجستية كمنصة توزيع للتقنيات.

البنية التحتية المتقدمة، إذ توفر الطاقة والاتصالات المتطورة ما يمكّن من إنشاء مراكز بيانات عملاقة تخدم الشركات الأميركية.

ويشير إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت زخماً كبيراً في التعاون بين عمالقة التكنولوجيا الأميركية ودول الخليج، موضحاً أنه في السعودية، ضخّ صندوق الاستثمارات العامة تمويلاً في شركات ناشئة أميركية، إلى جانب مشاريع “نيوم” التي تسعى لتكون حاضنة للابتكار والذكاء الاصطناعي. وفي الإمارات، تعمل شركة G42 على توسيع شراكاتها مع Microsoft وOpenAI، وتشارك في إنشاء مركز بيانات عملاق بالتعاون مع شركة إنفيديا. كما تتوسع قطر في الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي من خلال شراكات أكاديمية مع مؤسسات أميركية مثل جامعة كارنيغي ميلون.

مصالح مشتركة

أستاذ علم الحاسوب وخبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات في وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا، الدكتور حسين العمري، يقول لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

تشير المؤشرات المتتالية إلى أن الولايات المتحدة تدفع بالفعل في اتجاه تحويل الخليج العربي إلى مركز إقليمي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ذات الصبغة الأميركية، في خطوة تتقاطع فيها المصالح الاقتصادية بالاعتبارات الجيوسياسية.

ويضيف: الولايات المتحدة، وفي إطار سعيها لاحتواء التوسع الصيني في مجال التكنولوجيا المتقدمة، ترى في دول الخليج شريكاً موثوقاً ومستقراً يمكن الاعتماد عليه لتوسيع نفوذها التقني خارج الحدود الأميركية.

لذلك، تدعم واشنطن بناء تحالفات استراتيجية بين شركاتها الكبرى مثل مايكروسوفت، إنفيديا، وأوبن إيه آي، مع حكومات ومؤسسات خليجية تسعى بدورها لقيادة التحول الرقمي.

تأتي هذه الخطوات أيضاً في ظل بيئة خليجية مواتية من حيث التمويل السخي، والبنية التحتية المتطورة، وغياب القيود التنظيمية الصارمة التي قد تواجهها هذه الشركات داخل الولايات المتحدة أو أوروبا. وهو ما يجعل الخليج ساحة مثالية لتجربة تقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، بما في ذلك استخدامات الأمن، والتعليم، والصحة، والاقتصاد، وفق العمري.

ويستطرد: “كما تمثل دول الخليج بوابة استراتيجية نحو أسواق أخرى في آسيا وأفريقيا، ما يمنح واشنطن عمقاً إضافياً في معركتها العالمية للهيمنة التقنية”.

Related Posts

  • أخبار
  • يوليو 1, 2025
  • 7 views
  • 1 minute Read
جوجل تُعزز التعليم بالذكاء الاصطناعي وتُتيح “NotebookLM” للطلاب المراهقين

جوجل تُعزز التعليم بالذكاء الاصطناعي وتُتيح “NotebookLM” للطلاب المراهقين AI بالعربي – متابعات كشفت شركة جوجل عن حزمة تحديثات جديدة لمنصتها التعليمية “Google Classroom”، في خطوة تهدف إلى دمج أدوات…

  • أخبار
  • يوليو 1, 2025
  • 17 views
  • 1 minute Read
المفوضية الأوروبية تعلن مشروعًا ضخمًا لتطوير مصانع الذكاء الاصطناعي بقيمة 200 مليار يورو

المفوضية الأوروبية تعلن مشروعًا ضخمًا لتطوير مصانع الذكاء الاصطناعي بقيمة 200 مليار يورو AI بالعربي – متابعات كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة طموحة تهدف إلى تعبئة استثمارات بقيمة 200 مليار…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You Missed

جوجل تُعزز التعليم بالذكاء الاصطناعي وتُتيح “NotebookLM” للطلاب المراهقين

  • من admin
  • يوليو 1, 2025
  • 7 views
جوجل تُعزز التعليم بالذكاء الاصطناعي وتُتيح “NotebookLM” للطلاب المراهقين

المفوضية الأوروبية تعلن مشروعًا ضخمًا لتطوير مصانع الذكاء الاصطناعي بقيمة 200 مليار يورو

  • من admin
  • يوليو 1, 2025
  • 17 views
المفوضية الأوروبية تعلن مشروعًا ضخمًا لتطوير مصانع الذكاء الاصطناعي بقيمة 200 مليار يورو

المربع الجديد يوقع مذكرة تفاهم لتعزيز الابتكار والتقنية الذكية

  • من admin
  • يونيو 30, 2025
  • 28 views
المربع الجديد يوقع مذكرة تفاهم لتعزيز الابتكار والتقنية الذكية

ما هي الوظائف التي لا تزال آمنة في عصر الذكاء الاصطناعي؟

  • من admin
  • يونيو 30, 2025
  • 42 views
ما هي الوظائف التي لا تزال آمنة في عصر الذكاء الاصطناعي؟

الهندسة المعاكسة لنماذج التوليد.. نحو فهم كيف “تفكر” الشبكات

  • من admin
  • يونيو 30, 2025
  • 26 views
الهندسة المعاكسة لنماذج التوليد.. نحو فهم كيف “تفكر” الشبكات

الذكاء الاصطناعي يشخّص 9 أنواع من الخرف بدقة وسرعة غير مسبوقة

  • من admin
  • يونيو 30, 2025
  • 46 views
الذكاء الاصطناعي يشخّص 9 أنواع من الخرف بدقة وسرعة غير مسبوقة