“تقرير KPMG العالمي 2025” يكشف أرقامًا مفاجئة عن الذكاء الاصطناعي حول العالم
AI بالعربي – خاص
على الرغم من الانتشار السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي حول العالم، يكشف تقرير جديد صادر عن “KPMG” وجامعة “ملبورن” عن رؤى مثيرة حول كيفية تفاعل الأفراد مع هذه التكنولوجيا؛ وذلك من خلال رصده لعدة أرقام صادمة ومفاجئة عن الذكاء الاصطناعي واستخداماته في العالم؛ حيث أكد التقرير، الذي شمل أكثر من 48 ألف مشارك من 47 دولة، أن 58% من سكان العالم لا يثقون بها، واللافت أن الثقة تختلف بشدة بين دول العالم، ففي حين يعبّر أكثر من 60% من سكان السعودية، والهند، ومصر عن ثقتهم بهذه التكنولوجيا، تنخفض النسبة إلى 36% فقط في أستراليا، و42% في المملكة المتحدة. وأظهر التقرير كذلك أن 56% من الموظفين ارتكبوا أخطاء مهنية بسبب اعتمادهم غير المنضبط على أدوات الذكاء الاصطناعي، وأعرب 83% من المشاركين عن دعمهم لتنظيم صارم للذكاء الاصطناعي لضمان استخدامه الآمن والمسؤول.
ويحذر التقرير من أن الاستخدام الواسع للتقنيات لا يعني الثقة بها، ويطالب بضرورة تدريب المستخدمين وبناء سياسات تنظيمية شفافة. كما يشير إلى الفجوة في الثقة بين الاقتصادات الناشئة والمتقدمة، والتي قد تؤثر على كيفية تبني هذه التقنيات في قطاعات العمل والتعليم مستقبلًا، ويؤكد التقرير أن بناء الثقة بالذكاء الاصطناعي لم يعد مسألة تقنية فقط، بل هو تحدٍ اجتماعي يتطلب شراكة بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية.
تفوق الدول النامية على نظيرتها المتقدمة
أظهرت الدراسة تفوق الدول النامية على نظيرتها المتقدمة في تبنّي الذكاء الاصطناعي، إذ كشفت الأرقام أن شعوب تلك الدول أكثر استخدامًا وثقة وتقبلًا لهذه التقنية. وبلغت نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي في الدول النامية 80% مقارنة بـ58% في الدول المتقدمة، كما حصل نصف السكان تقريبًا على تدريبات مرتبطة به، مقابل 32% فقط في الدول المتقدمة. أما على مستوى الثقة، فقد عبّر 57% من سكان الدول النامية عن ثقتهم بالذكاء الاصطناعي، مقابل 39% في الدول المتقدمة، فيما أبدى 84% منهم قبولًا لفكرة الذكاء الاصطناعي مقارنة بـ65% لدى نظرائهم.
التفاوت بين الاقتصادات
أظهرت الدراسة أن الثقة في الذكاء الاصطناعي أعلى في الاقتصادات الناشئة مثل السعودية، والهند، ونيجيريا، ومصر، مقارنة بالاقتصادات المتقدمة، مما يعكس اختلافات في التصورات والتجارب مع التكنولوجيا. وتكشف هذه الإحصائيات الحديثة عن تباين واضح في وتيرة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، سواء لأغراض شخصية أو مهنية أو دراسية؛ فبينما يعتمد عليها 21% من المستخدمين بشكل يومي، ويستخدمها 17% أسبوعيًا، فإن 20% لم يسبق لهم استخدامها على الإطلاق. وتشير البيانات إلى أن 13% يستخدمونها شهريًا، و15% كل بضعة أشهر، في حين تقتصر نسبة 14% على استخدامها بضع مرات فقط في العام. هذا التفاوت يوضح وجود شريحة واسعة أصبحت تعتمد على الذكاء الاصطناعي كجزء أساسي من روتينها، يقابلها فئة أخرى ما زالت مترددة أو غير منخرطة في هذه التجربة التقنية.
57% من الموظفين حول العالم يستخدمون أدواته
أكد التقرير الحديث أن أكثر من نصف موظفي العالم يخفون استخدامهم للذكاء الاصطناعي، وأن 57% من الموظفين حول العالم يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في أداء أعمالهم دون علم مديريهم أو مؤسساتهم. ويأتي هذا الإخفاء بدافع الخوف من فقدان الوظيفة أو التعرّض للمساءلة في حال حدوث أخطاء. كما أكدت بيانات التقرير أن 58% من الموظفين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي بانتظام في أعمالهم اليومية، بينما يستخدمها حوالي ثلثهم أسبوعيًا. ورغم الاستخدام المتزايد، لا يزال 58% من المشاركين يعتبرون الذكاء الاصطناعي غير موثوق به، مما يشير إلى فجوة بين التبني والثقة. بينما يرى 83% من المشاركين أن الذكاء الاصطناعي سيجلب فوائد واسعة، إلا أن 66% لا يقيمون مخرجاته من حيث الدقة، و56% أبلغوا عن أخطاء في العمل بسبب استخدامه.
وأشار الموظفون إلى تحسن واضح في الكفاءة بعد اعتمادهم على الذكاء الاصطناعي في العمل بنسبة 67%، وسهولة أكبر في الوصول إلى المعلومات الدقيقة لدى 61% منهم، فضلًا عن تعزيز الابتكار بنسبة 59%. ومع ذلك، لم تكن الآثار كلها إيجابية، فقد تراجع مستوى التعاون بين الزملاء لدى 19%، وانخفض الشعور بالأمان الوظيفي لدى 17%، في حين شعر 42% بزيادة الرقابة عليهم.
جرس إنذار للمؤسسات
التقرير، الذي شمل آلاف العاملين في مختلف القطاعات، أظهر أيضًا أن 56% من هؤلاء ارتكبوا أخطاء مهنية بسبب اعتمادهم غير المنضبط على أدوات الذكاء الاصطناعي، بينما أشار 48% إلى أنهم حمّلوا بيانات مؤسسية حساسة في منصات ذكاء اصطناعي عامة دون موافقة إداراتهم. ويرى الخبراء في هذه الأرقام جرس إنذار للمؤسسات بضرورة وضع سياسات واضحة تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي، مع تعزيز وعي الموظفين بالمخاطر والمزايا.
التدريب والمعرفة
أفاد 47% فقط من المشاركين بأنهم تلقوا تدريبًا على الذكاء الاصطناعي، مما يبرز الحاجة إلى تعزيز التعليم والتدريب في هذا المجال. وأعرب 83% من المشاركين عن دعمهم لتنظيم صارم للذكاء الاصطناعي لضمان استخدامه الآمن والمسؤول.
أين يُستخدم الذكاء الاصطناعي بثقة؟
في سباق الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل، تتصدر الهند، بحسب التقرير، المشهد بنسبة استخدام بلغت 91%، مقرونة بثقة لافتة تصل إلى 81%. ولا تقف السعودية، والإمارات، ومصر، والصين بعيدًا، إذ تتجاوز جميعها حاجز 80% في الاستخدام والثقة، وعلى النقيض، تظهر الولايات المتحدة الأميركية بتبني متواضع نسبيًا للذكاء الاصطناعي بنسبة 52% فقط، وثقة لا تتعدى 48%. أما المفاجأة فتأتي من دول مثل ألمانيا، وفرنسا، واليابان، وكندا، التي سجلت مستويات ثقة دون 45%، ما يعكس فجوة عالمية لافتة بين الحماس والتوجس من هذه التقنية الصاعدة.
4 مفاتيح لبناء الثقة في الذكاء الاصطناعي
وفقًا للدراسة، فإن هناك عدة عوامل تجعل المستخدمين يثقون بالذكاء الاصطناعي؛ أولها المعرفة والفهم، فكلما زاد وعي الأفراد بكيفية عمل التقنية، زادت ثقتهم بها. يلي ذلك الفائدة الملموسة التي يشعر بها المستخدم في حياته أو عمله. العامل الثالث يتمثل في وجود قوانين وتشريعات تقلل المخاطر وتحمي الأفراد، أما العنصر الرابع فهو الثقة في المؤسسات التي تطور أو تطبق الذكاء الاصطناعي.
فوائد ومخاطر محتملة
تباينت الآراء حول العالم بشأن ما إذا كانت فوائد الذكاء الاصطناعي تبرر مخاطره المحتملة. ومن خلال الدراسة التي شملت عددًا من الدول، أبدت نسب عالية من السكان في نيجيريا 74%، الصين 69%، ومصر 61%، إضافة إلى الإمارات والسعودية بنسبة تفوق 50%، تفاؤلًا بقدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم منافع تفوق مخاطره. وعلى النقيض، أظهرت الدراسة تحفظًا ملحوظًا في دول مثل الولايات المتحدة، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وأستراليا، حيث لم تتجاوز نسبة المؤيدين للفكرة حاجز الـ35%.
التعليم التقليدي والذكاء الاصطناعي
يطرح تقرير KPMG تساؤلًا جوهريًا حول دور التعليم التقليدي وقدرته على الصمود في عصرٍ يتحوّل فيه الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة إلى شريك دائم في العملية التعليمية، حيث إن أعدادًا متزايدة من الطلاب حول العالم يستخدمون الذكاء الاصطناعي لكتابة المقالات، وحل الواجبات، وأحيانًا لاجتياز الامتحانات. ومع أن هذه الأدوات قد تسهّل عملية التعلم، إلا أن التقرير يحذر من آثارها السلبية على مهارات التفكير النقدي والتحليل، ويشير إلى أن غياب سياسات تنظيمية تربوية قد يُحدث فجوة أخلاقية وعلمية يصعب ردمها. وبينما يرى بعض الأساتذة أن الذكاء الاصطناعي فرصة لتحسين المحتوى والتفاعل، يؤكد التقرير ضرورة مرافقة هذا التحول بإطار تربوي وأخلاقي واضح يضمن أن يظل الطالب هو المتعلّم لا الملقَّن.
وبحسب الأرقام، فإن الذكاء الاصطناعي يبرز كأداة أساسية في حياة الطلاب اليومية، حيث يُظهر التقرير أن 83% من الطلاب يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي لدعم دراستهم. ومع ذلك، فإن هذا الاستخدام لا يخلو من الإشكاليات، إذ أفاد اثنان من كل ثلاثة طلاب بأنهم لجأوا إليه بطرق غير نزيهة، واعترف 75% من الطلاب بأنهم لا يستطيعون مواصلة دراستهم بدونه، ورغم ذلك، فإن نصف الجامعات فقط وضعت سياسات واضحة تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي.
الثقة العامة بأدوات الذكاء الاصطناعي حول العالم
ما كشفه تقرير KPMG الأخير لا يتعلق فقط بالأرقام، بل بعلاقة مضطربة بين الإنسان والآلة. فبينما تتسارع التطبيقات الذكية في اجتياح مجالات التعليم، والصحة، والعمل، لا تزال الثقة العامة بها متذبذبة، بل ومتوترة في بعض الدول. وبحسب التقرير، يتطلب ذلك شفافية في الآليات، وتدريبًا موسعًا للمستخدمين، ووجود أنظمة مساءلة واضحة. ورغم التفاؤل الكبير حول الذكاء الاصطناعي، حيث يتوقع 89% من الناس تحسين الكفاءة والسرعة، و88% تقليل المهام الروتينية المملة، و86% وصولًا أسهل للمعلومات، إضافة إلى قرارات أدق بنسبة 85%، إلا أن الصورة ليست وردية بالكامل. فمعظم المستخدمين لاحظوا هذه الفوائد على أرض الواقع، لكن القلق ما زال حاضرًا بقوة؛ إذ أبدى 79% تخوفهم من سلبيات الذكاء الاصطناعي. وتصدرت المخاوف القضايا الأمنية بنسبة 85%، تليها مخاوف من تراجع التواصل الإنساني بـ83%، ثم التضليل والمعلومات الزائفة، والخصوصية، والملكية الفكرية بـ82% لكل منها، وأخيرًا القلق من فقدان الوظائف بنسبة 80%.
الثقة تتراجع والقلق يتصاعد
في تطور لافت، كشفت الدراسة أن الثقة في الذكاء الاصطناعي شهدت انخفاضًا ملموسًا من 63% في عام 2022 إلى 56% في عام 2024، مقابل ارتفاع في مستويات القلق من 49% إلى 62% خلال الفترة نفسها. هذا التحول يعكس إدراكًا أعمق من الناس لتقنيات الذكاء الاصطناعي، ووعيًا متزايدًا بمخاطرها المحتملة، ما دفعهم إلى اعتماد نهج أكثر حذرًا في التعامل معها.
تجارب سلبية للمستخدمين حول العالم
كثير من المستخدمين مرّوا بتجارب سلبية ملموسة من استخدام بعض أدوات الذكاء الاصطناعي حول العالم؛ وبحسب التقرير الحديث، فإن حوالي 55% من المستخدمين أكدوا أنهم فقدوا جزءًا من التواصل الإنساني بسبب اعتمادهم المتزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي، و52% واجهوا معلومات مضللة أدت لتشويش أو قرارات خاطئة؛ أما 48% فعبّروا عن شعورهم بالاعتماد الزائد على التقنية لدرجة أثّرت على استقلاليتهم. كما أكد 44% من المستخدمين أنهم تعرّضوا لاختراقات أمنية، بينما شعر 42% بأن وظائفهم أصبحت مهددة.