بيئة الأعمال في المملكة العربية السعودية تشهد تحولًا ديناميكيًا مع تزايد اعتماد الذكاء الاصطناعي
NIRMAL NARAYANAN
شهدت بيئة الأعمال في المملكة العربية السعودية تحولًا جذريًا في السنوات الأخيرة؛ حيث يعتبِر أصحاب العمل، الذكاء الاصطناعي أداة حاسمة لعملياتهم.
مع استضافة المملكة لفعاليات تكنولوجية كبرى مثل LEAP، أدرك أصحاب الأعمال والموظفون الإقليميون، الحاجة إلى تحسين كفاءتهم في العمليات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي لتحفيز النمو.
وفي حديثه إلى “عرب نيوز”، قال رامي مرتضى، الشريك ومدير مجموعة بوسطن الاستشارية، إن الشركات في المملكة العربية السعودية يجب أن تضع أجندة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها على الفور والاستعداد للتكيف مع هذا التطور الديناميكي.
وأضاف: “لا يمكن أن يحدث اعتماد الذكاء الاصطناعي التحويلي في المملكة دون اعتماد الأعمال بشكل مناسب، ويجب على الشركات التي لم تضع بسرعة أجندة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، تحديد خارطة طريق استراتيجية للذكاء الاصطناعي، وتجربة استخدام واعد، وإشراك المنظمة بشكل صحيح في هذا التغيير”.
وتابع: “مع تقدم قادة الأعمال في هذه الرحلة، تعد فعاليات مثل LEAP مهمة للتعلم من تجارب الشركات الأخرى، والتفاعل مع الخبراء للمساعدة في تحسين جدول أعمالهم، والحصول على أفكار جديدة لحالة الاستخدام للتجربة”.
سد فجوة الذكاء الاصطناعي بين أصحاب العمل والموظفين
كشف تقرير صادر عن شركة الاستشارات الإدارية “أوليفر وايمان” ومقرها الولايات المتحدة، أن المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط استثمرت بكثافة في الاستراتيجيات الوطنية للذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، وقد بدأ هذا النهج يؤتي ثماره.
وكشفت الدراسة أن الشباب في المملكة الذين ولدوا بين عامي 1997 و2010 قد أدركوا بالفعل فوائد هذه التكنولوجيا الجديدة، حيث أقر أكثر من نصفهم بالمزايا التي سيقدمها الذكاء الاصطناعي في تعزيز الإنتاجية.
وقالت “آنا كريسيتش”، كبيرة مسؤولي المعرفة في شركة “أوليفر وايمان”، إن سد الفجوة بين أصحاب العمل والموظفين، أمر ضروري لضمان التبني السلس للذكاء الاصطناعي في الشركات.
في الوقت الحالي، هناك فجوة كبيرة بين أصحاب العمل والموظفين. وفي حين يدرك الرؤساء التنفيذيون إمكانات الذكاء الاصطناعي، ويقوم العديد منهم بالفعل بإعادة تصميم العمل لتحسين الإنتاجية، أو تبسيط العمليات، أو الحصول على ميزة تنافسية؛ فإنهم يقللون من شأن العديد من جوانب التكنولوجيا.
وأضافت: “يجب على الشركات إنشاء مهمة مشتركة حول اعتماد الذكاء الاصطناعي، ليس فقط حول تحسين إنتاجية الأعمال، ولكن أيضًا حول كيفية تأثير التكنولوجيا على العمال وأدوارهم. ويتعين على قادة الأعمال الآن أن يعطوا الأولوية لكيفية تحفيز العمال الشباب، وتطويرهم وتدريبهم، وتخفيف مخاوفهم”.
وأكد التحليل الذي أجراه “أوليفر وايمان” أن حوالي 57% من الموظفين الذين شملهم الاستطلاع في المملكة العربية السعودية، كشفوا أن التدريب الذي قدمته شركاتهم على الذكاء الاصطناعي لم يكن كافيًا، في حين طالب 40% منهم ببرامج الإرشاد من نظير إلى نظير للتكيف مع التغيير.
هناك نقص في الفهم والثقة حول كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على العمل، وكيف تخطط الشركات لدعم موظفيها من خلال التحول إلى الذكاء الاصطناعي. وتحتاج الشركات، أكثر من أي وقت مضى، إلى التواصل بانتظام مع موظفيها بشأن خططهم، وتوفير إرشادات واضحة، وكذلك مضاعفة جهود بناء مهارات الذكاء الاصطناعي والتدريب المستمر.
وشددت كذلك على أنه يجب على قادة الأعمال إعطاء الأولوية لتحفيز وتدريب العمال الشباب، وهو ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى تقليل مخاوفهم بشأن اعتماد التكنولوجيا.
تشهد معظم الأدوات التي تدعم الذكاء الاصطناعي تحسنًا مستمرًا، مما يعني أن الموظفين لا يحتاجون فقط إلى تعلم كيفية استخدام هذه الأدوات مرة واحدة فحسب، بل سيستمرون في تعلم أشياء جديدة أثناء تفاعلهم مع الأدوات بمرور الوقت. وهذا يختلف عن معظم التقنيات السابقة التي تفاعلنا معها، وهو جزء من السبب الذي جعل الموظفين يصنفون الذكاء الاصطناعي كأولوية قصوى لإعادة مهاراتهم.
وأشارت “كريسيتش” كذلك إلى أن الشركات تحتاج أيضًا إلى التركيز على التدريب الرقمي للأفراد الذين وُلدوا بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أو جيل Z، الذين يفتقرون إلى المهارات المطلوبة للذكاء الاصطناعي على الرغم من تدريبهم ومعرفتهم بالكمبيوتر.
تحتاج الشركات أيضًا إلى المساعدة على تطوير المهارات الشخصية التي أصبحت أكثر أهمية، حيث يلغي الذكاء الاصطناعي الأدوار المتكررة. وأضافت: “لقد تم انضمام العديد من جيل Z إلى العمل أثناء جائحة كورونا، أو قضوا وقتًا أقل في المكتب بسبب العمل عن بعد، ولم يكتسبوا المهارات التي تعلمتها الأجيال الأكبر سنًا أثناء العمل جنبًا إلى جنب مع الزملاء”.
حيوية تشجيع تبني الذكاء الاصطناعي من خلال تخفيف المخاوف
على الرغم من أن اعتماد الذكاء الاصطناعي سيزيد من إنتاجية الشركات، فإن غالبية العمال يشعرون بالقلق من أن هذا الاتجاه سيؤثر سلبًا في أمنهم الوظيفي.
هناك قلق متزايد لدى القوى العاملة بشكل عام بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على أمنهم الوظيفي، خاصة مع تزايد اعتماده؛ حيث يرى المزيد من الموظفين قدراته وتأثيره بشكل مباشر. وقد أظهرت أبحاث مجموعة بوسطن الاستشارية أن الإعداد الأمثل – أي الذي يؤدي إلى أقل خطر للتحيز أو الخطأ – هو حيث يقوم البشر بدور الإشراف، مع نقاط التفتيش الرئيسية للعمليات التي يتم تحويلها بواسطة الذكاء الاصطناعي.
“يجب على الموظفين أولًا التأثير على أصحاب العمل لتبني هذا النهج المختلط، ثم التفاعل معه للحصول على الفوائد مباشرة”.
وكشفت دراسة “أوليفر وايمان” أن 69% من الشباب السعودي يشعرون بالقلق بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على الأمن الوظيفي، مقارنة بـ59% من كبار السن.
ووفقًا للتقرير، قد يشعر كبار الموظفين بمزيد من الأمان في حياتهم المهنية، لأنهم يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير أقل على التوظيف على مستوى أعلى.
هذا الخوف يؤثر بالفعل على الاحتفاظ بالمواهب. وقالت كريسيتش: “يبحث 24% من جيل Z السعودي عن وظائف أخرى أكثر أمانًا في التحول إلى الذكاء الاصطناعي مقارنة بـ14% عالميًا”.
وأضافت: “يمكن للشركات والحكومة معالجة هذه المخاوف وتثبيط العمال عن الهروب دون داعٍ من خلال التواصل بشكل واضح ومنتظم حول كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على العمل والأنشطة التي سيتم استبدالها أو زيادتها أو تحويلها، وكذلك كيف يخططون لدعم موظفيهم خلال الفترة الانتقالية”.
وفقًا لـ”كريسيتش”، يجب على الشركات إنشاء مهمة مشتركة حول اعتماد الذكاء الاصطناعي، ليس فقط حول تحسين إنتاجية الأعمال، ولكن أيضًا حول كيفية تأثير التكنولوجيا على العمال وأدوارهم.
وقالت لصحيفة “عرب نيوز”: “مع تزايد اعتماد الشركات على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، قد يشعر العمال الشباب بأنهم أقل ارتباطًا بالشركة، لذا فإن تعزيز شعور العمال الشباب بالانتماء سيكون أمرًا بالغ الأهمية للسماح لهم بالوصول إلى إمكاناتهم الكاملة في العمل”.
المصدر: arabnews