الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل التمويل

6

متابعات – AI بالعربي 

أبرمت شركة بطاقات الائتمان التابعة لباركليز صفقة مع أمازون الأسبوع الماضي لتقديم خدمات تسوق ودفع سلسة ومخصصة في ألمانيا.
لفت الإعلان القليل من الاهتمام وسط زخم الانتخابات الأمريكية، والألم الذي سببه الوباء – إلى جانب إلغاء الطرح العام الأولي المفترض لشركة آنت فاينانشيال الذي جمع 37 مليار دولار. لكن المستثمرين والمنظمين يجب أن يتنبهوا. ليس بسبب ما تظهره الصفقة حول عادات التسوق الألمانية، أو توسع أمازون الشره، أو استراتيجية باركليز في حد ذاتها.
بدلا من ذلك، الأهمية الحقيقية للصفقة الألمانية وإن كانت تبدو ضئيلة، إلا أنها علامة مرئية بشكل غير عادي، تشير إلى سباق محموم تشارك فيه البنوك وشركات التكنولوجيا لإيجاد طرق لاستخدام البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي في التمويل. بشكل أساسي، يربط باركليز وأمازون البيانات بتحليل الذكاء الاصطناعي للموافقة على الائتمان (أو عدم الموافقة) والتنبؤ بالخدمات المخصصة التي يريدها العملاء بعد ذلك. قال لي جيس ستالي، الرئيس التنفيذي لباركليز: “أعتقد شخصيا أن الشراكة مع أمازون كانت من أهم الأشياء التي حدثت لباركليز في الأعوام الخمسة الماضية”.
ما يحدث بعد ذلك في سباق الذكاء الاصطناعي هذا قد يكون ذا أهمية كبيرة قريبا – ما يساعد على تحديد الفائزين المستقبليين في التمويل، والمجموعة الكبيرة التالية من المخاطر التنظيمية.
أصبحت منصات الذكاء الاصطناعي المنتشرة الآن في قطاع التمويل أقوى بشكل كبير من أي شيء سبق رؤيته. على وجه الخصوص، تحذر ورقة بحثية جديدة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من القدرات التي أطلقتها مجموعة فرعية من الذكاء الاصطناعي تسمى “التعلم العميق” تمثل “انقطاعا أساسيا” عن الماضي.
يمكن القول إن جاك ما، مؤسس شركة علي بابا، الشركة الأم لشركة آنت، كان من أوائل من اكتشف الإمكانات. يستخدم بيانات عن النشاط الرقمي للعملاء والشركات للتنبؤ بمخاطر الائتمان وتقديم خدمات مخصصة. هذا هو السبب الرئيس وراء توسع المجموعة المالية الصينية بمثل هذه السرعة التي تصيب المرء بالدوار. لكن الشركات الغربية تتسابق للحاق بركب خدمات التجزئة – بصفقة باركليز الألمانية – وخدمات التمويل الخاصة بكبار العملاء.
من الناحية النظرية قد يكون هذا مفيدا بوصفه طريقة “لإضفاء الطابع الديمقراطي على التمويل”، كما لاحظ مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا السابق. تحديدا، يجب أن تتيح هذه الابتكارات للشركات المالية تقديم “خيارات أكثر، وخدمات أفضل استهدافا، وتسعيرا أفضل للمستهلكين”.
يجب أيضا تخفيض تكاليف اقتراض الشركات. استخدمت آنت مجموعة بياناتها الضخمة والذكاء الاصطناعي لتحليل مخاطر الائتمان بطريقة تقول إنها تمكن الشركة من تقديم قروض أرخص. يمكن للذكاء الاصطناعي، إذا تم تنظيمه بشكل صحيح، أن يساعد المنظمين ومراقبي المخاطر على اكتشاف الاحتيال بسهولة أكبر، وتحسين اختبارات الإجهاد الخاصة بالمصارف.
لكن هناك تكاليف محتملة هائلة أيضا. أحدها هو ميل برامج الذكاء الاصطناعي إلى تضمين التحيز، بما في ذلك العنصرية، في صنع القرار. آخر يدور حول مخاطر الخصوصية.
أمر ثالث هو مكافحة الاحتكار. نظرا لأن امتلاك قاعدة بيانات ضخمة يوفر ميزة مقنعة في الذكاء الاصطناعي، يكون هناك ميل لدى الشركات المهيمنة لأن تصبح مهيمنة أكثر من أي وقت مضى. المسألة الرابعة ذات الصلة هي الجمهور. نظرا لأن برامج الذكاء الاصطناعي غالبا ما تبنى على أسس متشابهة، بالتالي استخدامها يمكن أن يقلل من التنوع المؤسسي ويقوض مرونة التمويل.
مع ذلك، أكبر مشكلة على الإطلاق هي التعتيم. تشير ورقة بحثية جديدة من مجلس الاستقرار المالي إلى أن “الافتقار إلى قابلية التفسير، أو قابلية التدقيق للذكاء الاصطناعي وأساليب التعلم الآلي يمكن أن يصبح خطرا على المستوى الكلي”. تضيف الورقة: “يمكن أن تؤدي تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي إلى أشكال جديدة وغير متوقعة من الترابط بين الأسواق المالية والمؤسسات”. ياللهول.
إذن، ما الذي يجب فعله؟ إحدى الأفكار الواضحة والمغرية هي أن يضغط السياسيون على زر “إيقاف مؤقت”. في الواقع هذا ما يبدو أن بكين تحاول فعله مع آنت (على الرغم من أنه من غير الواضح إلى أي مدى يعكس قرار إيقاف الاكتتاب العام مخاوف كبرى متعلقة بالسياسة الاقتصادية، مقارنة بمخاوف السياسة).
مع ذلك، لن يكون من السهل إعادة عفريت الذكاء الاصطناعي وإدخالة مجددا في الزجاجة. كما أنها ليست فكرة جيدة بالضرورة، بالنظر إلى الفوائد المحتملة. ما سيكون أفضل بكثير هو أن يتبنى صانعو السياسات والممولون أربع أفكار.
أولا، الشركات التي تمارس أنشطة مالية تدعم الذكاء الاصطناعي يجب أن يتم تنظيمها ضمن إطار مالي. هذا لا يعني نقل جميع القواعد المصرفية القديمة إلى التكنولوجيا المالية. كما جادل ما، هذه ليست كلها مناسبة. لكن يجب على المصرفيين المركزيين والمنظمين الاحتفاظ بالإشراف على التكنولوجيا المالية والحفاظ على تكافؤ الفرص، حتى لو تطلب ذلك منهم توسيع رقابتهم في مجالات جديدة، مثل البيانات التي يتم توصيلها بمنصات الذكاء الاصطناعي.
ثانيا، على المنظمين ومديري المخاطر أن يستحدثوا جسورا بين صوامع المعلومات. قلة قليلة جدا من الناس يفهمون كلا من الذكاء الاصطناعي والتمويل. بدلا من ذلك، الأشخاص الذين لديهم هذه المهارات يوجدون عادة في مؤسسات وإدارات مختلفة. هذا مقلق.
ثالثا، لا يمكننا تسليم عملية استحداث التمويل المدعوم بالذكاء الاصطناعي والتحكم فيه إلى مهووسين ذوي رؤية ضيقة. بدلا من ذلك يجب أن يكون لدى الأشخاص الذين يصوغون الاستراتيجية نظرة شاملة لتأثيرها المجتمعي.
لكن لكي يحدث ذلك، ينبغي أن يكون هناك تطور رابع. يجب على السياسيين والجمهور الأوسع التنبه إلى ما يجري، بدلا من إيكال الأمر إلى الخبراء التكنولوجيين.
لن يكون هذا سهلا، نظرا لصعوبة فهم الذكاء الاصطناعي. لكن العقد الأول من القرن الـ21 أظهر ما يمكن أن يحدث عندما يصاب المهووسون أصحاب الرؤية الضيقة بجنون التمويل ويتجاهلهم السياسيون. لا يمكننا السماح بهذا مرة أخرى. إذا كنت تعتقد أن الأزمة المالية في 2008 كانت سيئة، فقط تخيل أزمة تتحرك بشكل أسرع وأبعد من ذلك لأنها مدعومة من قبل الذكاء الاصطناعي. يجب أن يخيفنا ذلك ويقودنا الى نقاش للسياسة العامة ـ الآن.

اترك رد

Your email address will not be published.