ذكاء الآلة يتقدم خطوة
AI بالعربي – متابعات
بعض الاختراقات الحديثة في الذكاء الاصطناعي، على الرغم من كونها مذهلة، قد تبدو ذات أهمية نظرية في الأساس. الحصول على نتائج رائعة في بيئة بحثية شيء، وتطبيقها عمليا شيء آخر.
بالنسبة لكثير من الشركات، واقع التعلم الآلي لم يرق بعد إلى مستوى النظرية. تحضير البيانات وتنقيحها، وتدريب النماذج، وتحقيق نتائج متسقة وقابلة للاستخدام غالبا ما تكون جميعها أمورا أصعب مما هي عليه.
لكن عصر الذكاء الاصطناعي لديه أيضا القدرة على المفاجأة، ويمكن أن تأتي التطورات في قفزات غير متوقعة. معرفة كيفية الاستفادة من هذه الإمكانات الجديدة عندما تصبح متاحة، والعمل على أفضل السبل لتضمينها في عمل الشركات، أصبحت بسرعة مهارات أساسية لأي شخص يطمح إلى منصب قيادي في مجال الأعمال.
التقدم الأبرز لهذا العام في التكنولوجيا – أنموذج اللغة المعروف باسم GPT-3 – مؤشر على أن التطور في هذا المجال يتسارع. أيضا يظهر أن منتجات البحث المتقدم قد تكون متاحة في شكل سهل لاستهلاك مديري الأعمال في وقت أقرب بكثير مما قد يبدو محتملا. في أيلول (سبتمبر)، بعد ثلاثة أشهر فقط من الورقة البحثية التي وصفت التكنولوجيا لأول مرة، حصلت “مايكروسوفت” على ترخيص حصري بهدف جلبها إلى الاستخدام العام، وهو تطور سريع بشكل ملحوظ يسلط الضوء على الإمكانات.
يوجد بالفعل مقدار كبير من الكلمات المكتوبة عن أنموذج GPT-3 (عدد لا بأس به منها كتب بـ GPT-3 نفسها). يعد النظام، وهو أنموذج لغوي واسع النطاق، أقرب إلى نظام اقتراح تلقائي ممجد. من خلال استيعاب مجموعة كبيرة من النصوص وتطبيقها – ما يقارب 500 مليار كلمة – يقدم اقتراحات للكلمة التالية الأكثر احتمالا في أي تسلسل. من خلال إعطائه دفعة، يمكن للنظام إنتاج استجابة تبدو متسقة تمتد من الكلمات إلى الجمل، ثم إلى فقرات كاملة، على الرغم من أنه كلما كانت الاستجابة أطول، زاد احتمال دخولها في عدم الاتساق.
من أكثر الأشياء إثارة للاهتمام حول أنموذج GPT-3 هي قدرته على اشتقاق قواعد أساسية من عدد صغير نسبيا من الأمثلة. ويتضمن ذلك وضع مبادئ نحوية أساسية. المطورون الذين جربوا النظام سمحوا له أيضا، بنجاح مدهش، بتعليم نفسه كيفية معالجة المسائل الحسابية والتشفير البسيط.
من السهل استبعاد هذا باعتباره أكثر بقليل من مجرد خدعة متقنة، وتجربة فكرية مثيرة للاهتمام حول ما إذا كان ذكاء الآلة قد بدأ في تجاوز التنوع البشري. (الأمر ليس كذلك: مثل جميع الشبكات العصبية، إنه مجرد تمرين في الإحصائيات المتقدمة).
هناك أيضا قيود واضحة مشتركة بين جميع أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية. يفتقر أنموذج GPT-3 إلى السياق – ليس لديه أنموذج عام للعالم يمكن الاعتماد عليه. أيضا لا يمكنه التفكير، ومثل جميع الشبكات العصبية، فهو هش: فعلى الرغم من ذكائه الواضح، يمكنه التعثر في أكثر المهام التي تبدو بسيطة.
لكن أنموذج GPT-3 لا يزال يظهر نجاحا ملحوظا في تحقيق نتائج قابلة للاستخدام، ومن المرجح أن يدخل مجال الأعمال بسرعة أكبر بكثير من كثير من تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي الأخرى. شركة أوبن أيه إل، وهي شركة أبحاث مقرها سان فرانسيسكو طورت التكنولوجيا وأتاحتها من خلال واجهة برمجة التطبيقات لعدد محدود من المطورين، ما أدى إلى إجراء تجارب سريعة.
جعل الذكاء الاصطناعي متاحا على هذا النحو يعد بوضع التكنولوجيا في أيدي المديرين من دون مهارات برمجية تكنولوجية. بالنسبة لقادة أعمال المستقبل، فإن المهارات الأساسية عند التعامل مع مثل هذه التكنولوجيا ستكون معرفة الأسئلة الصحيحة لطرحها وفهم كيفية “تصحيح” الإجابات، والتخلص من غير المتصل بالموضوع للتركيز على المفيد حقا.
لا يزال من السابق لأوانه معرفة الاستخدامات الأكثر تعطيلا للتكنولوجيا مثل GPT-3 عند تطبيقها في بيئة عمل. لكن مثل جميع أشكال الأتمتة، فإنه من المحتمل أن تتخذ أشكالا عامة.
الأول يتضمن أتمتة المهام ذات المستوى المنخفض. ما يسمى أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية، التي تنتج محتوى أصليا، مناسبة تماما لإنتاج مخرجات اعتيادية من كتل من البيانات. تمكن المطورون الذين جربوا الأنموذج بالفعل من إنتاج بعض الحيل اللغوية المثيرة للاهتمام، مثل جعله يحول جزءا من الكتابة القانونية الكثيفة إلى لغة أكثر عمومية. أيضا تم استخدامه لجمع معلومات المالية من جزء من النص وإدخالها في جدول بيانات، وتحويلها إلى شكل من أشكال المحاسب الآلي.
الاستخدام الواسع الثاني للذكاء الاصطناعي هو زيادة عمل الخبراء وجعلهم أكثر إنتاجية. في حالة أنموذج GPT-3 قد يأتي ذلك من قدرات البحث باللغة الطبيعية – مثلا، العثور على معلومات مفيدة في مجموعات كبيرة من الوثائق القانونية أو مواد البحث التي لا يمكن العثور عليها بسهولة مع أنظمة البحث الحالية.
على المدى الطويل يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي مثل هذه أن تنتج رؤى وأفكارا جديدة لا يمكن استكشافها لولا ذلك، خصوصا عندما يتم تدريبها على بيانات خاصة بصناعة (وحتى خاصة بشركة). عمليات الربط التي تقوم تنطوي على إمكانية أن تكون جديدة حقا، على الرغم من أن أنموذج GPT-3 لم يتم إطلاقه إلا في مجموعة عامة من المعلومات.
في الوقت نفسه، يعد الاهتمام الذي ولده أنموذج اللغة بالفعل تذكيرا بأن عددا قليلا من التكنولوجيات تمت المبالغة فيها مثل الذكاء الاصطناعي. من ناحية أخرى، هناك القليل من التكنولوجيات التي من المحتمل أن تغير مستقبل الأعمال. يتحول التمييز بين الاثنين بسرعة إلى واحدة من المهارات الأساسية للإدارة العليا.