الوجه الآخر لثورة وظائف الذكاء الاصطناعي

10

سيد فينكاتاراماكريشنان

لطالما كان للإنسانية علاقة غير مستقرة مع الذكاء الاصطناعي. لعقود من الزمان زودتنا الثقافة الشعبية برؤى الإنسان الآلي في حالة تمرد، وإسقاط أسيادهم الحمقى. مع تسلل الأتمتة إلى أماكن العمل، احتل هذا الخوف المرتبة الثانية بعد الرؤية البائسة الأكثر شيوعا، مستقبل تحل فيه الآلات ببساطة محل العاملين.
زاد هذا القلق بسبب فيروس كورونا. حذر بحث صدر في كانون الأول (ديسمبر) من أن قطاعات في المملكة المتحدة، مثل الضيافة والتجزئة التي تعاني بالفعل إغلاق كوفيد – 19، هي الأكثر عرضة للخطر من تسريع أتمتة مكان العمل أثناء الوباء، رغم أن كثيرا من الوظائف الأخرى معرضة للخطر.
يواجه قادة الأعمال خيارا حول كيفية تطبيقهم للتكنولوجيات المبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات الصناعية. تتمثل الرؤية طويلة المدى التي ستثري المجتمع، في التعامل مع هذه الأدوات باعتبارها إضافات للقوة العاملة والاستثمار بكثافة في ضمان تمتع الموظفين بالمهارات اللازمة للاستفادة منها على أفضل وجه. البديل هو السير نائما إلى فراغ في سوق العمل، حيث غالبا ما يكون أولئك الذين يعانون بالفعل أثناء أزمة فيروس كورونا أكثر عرضة للخطر.
يستحضر الحديث عن صعود الروبوتات صورا للأجهزة على خطوط الإنتاج في المصانع. في الواقع، كانت وايت كاسل، سلسلة مطاعم الوجبات السريعة في الولايات المتحدة، تختبر طاهيا غير عادي إلى حد ما لا يحتاج إلى مسافة اجتماعية أو عزل ذاتي: ذراع آلية تسمى فليبي، تم إنشاؤه بواسطة ميسو روبوتيكس. في اليابان ارتفع عدد الروبوتات المصدرة بمعدل سنوي 13 في المائة في الربع الثاني من 2020، وفقا لجمعية الروبوتات اليابانية.
لكن الأمر الأكثر انتشارا هو ظهور الواجهات الآلية، حيث وجد المستهلكون أنفسهم غير قادرين على زيارة المتاجر أو المطاعم، وبدلا من ذلك يشترون البضائع عبر متصفح أو يطلبون الوجبات السريعة عبر التطبيقات. حتى الشوارع الرئيسة التي تنجو من الإغلاق قد تجد أن زبائنها السابقين يفضلون تجنب متاعب الرحلة.
بعض الآخر أقل حزنا بشأن الأتمتة، من بين هؤلاء مايكل بريديس الرئيس التنفيذي لشركة فاذم إي أيه Faethm AI ، وهي شركة برمجيات توفر بيانات حول كيفية تأثير التكنولوجيا في القوى العاملة وتساعد أصحاب العمل على إعادة تزويدها بالمهارات. يقول بريديس: “تحليلنا لمعظم الدول المتقدمة هو أنه خلال الأعوام الخمس المقبلة، فإن الزيادة ستكون أكبر تأثير منفرد”. ستساعد التكنولوجيات الجديدة على تحسين إنتاجية كثير من العاملين من خلال القيام بالأجزاء المتكررة من عملهم، بدلا من مجرد استبدالها.
بريديس متفائل أيضا بعديد من الوظائف التي تتعرض لخطر الأتمتة. مثلا، يتوقع انخفاضا في متطلبات المحاسبين على مدار العقد المقبل حيث تأخذ الروبوتات جزءا كبيرا من العمل. في الوقت نفسه، مع نمو اعتمادنا على الخدمات الرقمية، من المرجح أن يكون محترفو الأمن السيبراني في حالة نقص في المعروض. يقول: “عندما تسترجع المسميات الوظيفية وتنظر إلى الأجزاء المكونة لها، فإن ما تراه عددا كبيرا من أوجه التشابه بينها”. أضاف: “ليس من المنطقي أن ينفق الناس الأموال على فقدان الوظائف وإعادة التوظيف (…) موظفوك المستقبليون يعملون من أجلك. إنهم فقط في وظائف مختلفة”.
بالنسبة لقادة الأعمال في المستقبل مثل طلاب ماجستير إدارة الأعمال، فإن الاستثمار الداخلي والتأكد من ملاءمة التعليم للغرض سيكون أمرا حيويا لدعم النمو الاقتصادي المستدام. من خلال فهم مباشر للوظائف والمهارات المطلوبة، يمكنهم أيضا لعب دور مهم في توجيه سياسة الحكومة حول التعليم.
سيكون هذا مهما بشكل خاص لأولئك الذين يعملون في وظائف منخفضة الأجر وتتطلب مهارات أقل، والذين يكون وقتهم لإعادة التدريب محدودا بشكل خاص. بحث كانون الأول (ديسمبر)، وهو جزء من تحقيق استمر عامين من قبل لجنة شكلتها كوميونتي، النقابة العمالية في المملكة المتحدة، ومؤسسة فابيان سوسايتي، دعا إلى إصلاح شامل لنظام التعليم البريطاني للراشدين، وهو نوع من التفكير الاستباقي في هذا المجال قد يدعمه كبار رجال الأعمال.
يجب على رجال الأعمال أيضا التفكير في الأدوار الجديدة التي يمكن وينبغي، إنشاؤها. كما يلاحظ بريديس: “أجهزة الكمبيوتر جيدة فيما نجده صعبا، وما نجده سهلا”. المشكلة بالنسبة لأصحاب العمل هي أن أغلب الوظائف مناسبة بشكل أفضل للآلات: المهام المتكررة والحسابات ورفع الأحمال الثقيلة وما إلى ذلك.
مع الأتمتة، هناك إمكانية لتحويل مزيد من العمال إلى المهام التي تعتمد على المهارات التي يمتلكها البشر ولا تمتلكها الروبوتات، مثل التعاطف والإبداع والتحفيز والقدرة على فهم سياقات متعددة. ربما أصبحت عبارة “معظم الوظائف المستقبلية لأطفالنا غير موجودة حتى الآن” مبتذلة ومشكوك فيها. لكن الاختراقات في التكنولوجيات الجديدة توفر إمكانية إعادة هيكلة عالم العمل، طالما أن هناك برامج قوية ومتماسكة لإعادة تشكيل المهارات.
لقد مر الآن أكثر من عام منذ أن سمع العالم لأول مرة عن مرض غريب يظهر في وسط الصين. خلال عقد من الزمان أو نحو ذلك شهد الانتفاضات العربية، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وانتصار دونالد ترمب وخسارته، وأكثر من ذلك، كان قليل من الناس يتوقعون أن السمة المميزة ستكون وباء.
الأتمتة ليست حلا سهلا للمشكلات التي كشف عنها فيروس كورونا، لكن يبدو أنه لا مفر من أن تتبناها الشركات. إذا استخدمتها بشكل جيد، يمكن أن تقدم فوائد كبيرة للمجتمع. البديل أقل استساغة.

اترك رد

Your email address will not be published.