Facebook X Instagram TikTok

“نماذج الانتباه” العميق.. من الفهم إلى التوقع

0

“نماذج الانتباه” العميق.. من الفهم إلى التوقع

إم إيه هوتيلز – خاص

شهدت بنية الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا مع بروز ما يُعرف بـ”نماذج الانتباه” (Attention Models)، والتي مهدت الطريق لفهم أعمق للسياقات، وانتقال من الفهم اللحظي إلى القدرة على التوقع والاستنتاج.

فما الذي يجعل “الانتباه” مفهومًا محوريًا في نماذج الذكاء الحديثة؟ وكيف أسهم في تطوير أدوات كالترجمة الآلية، توليد اللغة، وتحليل الصور المتعددة الأبعاد؟

من السلاسل الخطية إلى البؤر الإدراكية

في السابق، اعتمدت الشبكات العصبية التقليدية على تسلسل زمني ثابت (Recurrent Models) يتتبع ترتيب الكلمات أو البيانات. إلا أن هذه الطريقة فشلت في التقاط العلاقات البعيدة بين العناصر المختلفة ضمن الجملة أو الصورة. هنا ظهرت آلية “الانتباه” لتغيير القواعد.

يعني الانتباه أن النموذج لا يمر على البيانات مرورًا خطيًا فقط، بل يركّز على الأجزاء الأكثر صلة بالمعنى، حتى وإن كانت بعيدة في الترتيب، وكأنه يُعيد ترتيب الإدراك نفسه لتكوين فهم أكثر دقة.

آلية “التركيز الديناميكي”

في جوهرها، تعمل آلية الانتباه كمرشح ذكي، يمنح وزنًا متفاوتًا لكل جزء من الإدخال. فمثلًا، في جملة طويلة، لا تُعامل كل الكلمات بالتساوي، بل يُعطى تركيز أعلى للكلمات التي تساعد على تحديد المعنى أو اتخاذ القرار.

يتحقق ذلك عبر ما يُسمى بـ”الانتباه الذاتي” (Self-Attention) الذي مكّن النماذج مثل BERT وGPT من فهم العلاقات الداخلية داخل النص، دون الحاجة إلى تتابع زمني تقليدي، مما سرّع الفهم ودقّقه.

من الفهم إلى التوقع

ميزة نماذج الانتباه ليست فقط في الفهم العميق، بل في التنبؤ السياقي. فهي قادرة على إكمال الجمل، أو توقع الكلمة التالية، أو حتى إنتاج نصوص كاملة بناءً على إدخال قصير. هذا ما يجعلها العمود الفقري في أنظمة الترجمة، كتابة البريد الإلكتروني الذكي، وحتى في الروبوتات الحوارية.

في الصورة، تُستخدم آليات الانتباه في نماذج مثل ViT (Vision Transformer) لتحديد مواضع الاهتمام البصري بدقة، ما يجعلها فعالة في المهام مثل تصنيف الصور، أو التعرّف على الأشياء.

التحدي: انتباه بلا فهم بشري

رغم براعتها، تطرح نماذج الانتباه سؤالًا فلسفيًا: هل تُشبه عملية التركيز هذه الإدراك البشري فعلًا؟
في الواقع، تقوم النماذج بوزن العلاقات بناءً على الاحتمالات الإحصائية، لا على الفهم الحقيقي. وهذا ما يجعلها قوية حسابيًا لكنها لا تزال تفتقر إلى “النية” أو “الوعي”.

التطبيقات العملية

تعتمد كبرى شركات التقنية على نماذج الانتباه في:

  • الترجمة الفورية في أدوات مثل Google Translate وDeepL

  • أنظمة الاقتراح في شبكات التواصل

  • توليد النصوص في المساعدات الرقمية مثل ChatGPT

  • معالجة الصور وتحسين الرؤية الحاسوبية

  • تحليل البيانات الطبية وتسليط الضوء على نقاط الخطر

إلى أين تتجه؟

المستقبل يتجه نحو “نماذج الانتباه المتعددة الوسائط” (Multimodal Attention) التي تدمج الصوت، النص، والصورة في سياق واحد. كما أن بعض النماذج بدأت في دمج الانتباه مع الذاكرة طويلة الأمد، لتقليد التعلم البشري بشكل أعمق.

يبقى السؤال:

هل نقترب من نماذج تُنصت كما يفعل الإنسان، أم أننا نبني فقط آلات تُحاكي نتائج الفهم دون إدراك حقيقي؟

اقرأ أيضًا: الحوسبة العصبية العشوائية.. نماذج تتحدى الخطية

اترك رد

Your email address will not be published.