عذرا .. أخطأت حين تفاءلت بقدوم الروبوتات
سارة أوكونور
اعتدت أن أكون متفائلة بشأن التكنولوجيا. كنت أظن أن موجة جديدة من الأتمتة يمكن أن تحررنا من العمل الرتيب أو الشاق. بدت مستودعات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت مثالا ممتازا على ذلك. هنا لدينا قطاع متوسع حيث كان على “جامعي الطلبات لتوصيلها”، ذوي الأجور المنخفضة، أن يسيروا لمسافة تصل إلى 15 ميلا في اليوم لأخذ طلبات العملاء من الرفوف، وتوجيهها ومراقبتها وذلك بواسطة الأساور أو سماعات الرأس.
أجريت مقابلات مع عمال المستودعات الذين كانوا يدهنون أقدامهم المتقرحة بالفازلين لتمضية اليوم. تصورت أنه كلما أسرعنا في اختراع الروبوتات لأداء هذه الوظائف الشبيهة بالروبوتات، اقترب الوقت الذي تتوافر فيه الحرية للبشر للقيام بشيء أقل كآبة. لكن الآن بعد أن وصلت الروبوتات أدركت أنني كنت مخطئة.
أدت الزيادة الكبيرة في الطلب على التسوق عبر الإنترنت بسبب الوباء إلى تسريع أتمتة المستودعات. تتوقع مجموعة ستاتيستا Statista للأبحاث أن ترتفع سوق أتمتة المستودعات العالمية من 15 مليار دولار في 2019 إلى 30 مليار دولار بحلول 2026. لكن الروبوتات لا تحل محل وظيفة جامعي وموصلي الطلبات بالكامل، لأن الأصابع البشرية تظل أفضل من الآلات في التعامل مع الأشياء المتنوعة.
أوضح أحد مديري المستودعات ذلك لباحثين في جامعة كاليفورنيا، بيركلي بالقول: “أجد صعوبة في العثور على الروبوت الذي سيكون قادرا على التعامل مع كيس من الجبس الفرنسي، والرأس الحديدي لآلة ثقب الصخور، وعلبة نفايات فولاذية مجلفنة، وشفرة منشار، ودلو من الطلاء سعة خمسة جالون”. بدلا من ذلك، أصبح كثير من وظائف المستودعات يتم جزئيا على يد الإنسان وجزئيا من الروبوت. هذا يغير طبيعة العمل، لكن ليس بالضرورة إلى الأفضل.
تشاك Chuck هي عربة روبوت مستقلة تقود جامعي الطلبات البشر عبر مستودع من رف إلى آخر. تقول شركة 6 River Systems، التي تبيع الروبوتات أو تؤجرها لمشغلي المستودعات، مثل دي إتش إل DHL وإكس بي XPO، أو لوجيستيكس Logistics وأوفيس ديبو Office Depot، إن التكنولوجيا تخفف الضغط عن العمال لأنهم لم يعودوا مضطرين لدفع عربة هنا أو هناك. لكن تشاك تضع أيضا وتيرة لا هوادة فيها.
أما أمازون، التي اشترت شركة الروبوتات كيفا Kiva مقابل 775 مليون دولار في 2012، فهي أكثر إبداعا. في مستودعاتها الآلية، الروبوتات تجلب الرفوف إلى جامعي المواد الذين يقفون ثابتين بدلا من المشي طوال اليوم. هذا يعني عدم وجود المزيد من الأرجل المتقرحة أو إضاعة الوقت بين الطلبات المنتقاة. يختار العامل العادي ما يقارب 100 بند في الساعة إذا كان يتجول، لكن أكثر من 300 بند في الساعة في النظام الآلي، وفقا للتقارير الإخبارية.
لكن في حين أن الوظيفة تحسنت من بعض النواحي، ساءت في جوانب أخرى. الوقوف طوال اليوم صعب على الجسم، كذلك الالتواء والانحناء والشد. وجد تحقيق أجراه مركز التقارير الاستقصائية في العام الماضي أنه في كل سنة من الأعوام الأربعة الماضية، كانت معدلات الإصابة في مستودعات أمازون الروبوتية أعلى بشكل ملحوظ من مستودعاتها التقليدية.
قامت لجنة نيويورك للسلامة والصحة المهنية، وهي منظمة من العمال والنقابات والمختصين في الصحة والسلامة، بإجراء مسح على 145 عاملا في مستودع أمازون الآلي في جزيرة ستاتن. تبين أن ثلثيهم عانوا آلاما جسدية أثناء العمل (خاصة في القدمين والركبتين والظهر والكاحلين والكتفين واليدين) واستمر 42 في المائة في الشعور بالألم حتى وهم بعيدون عن العمل.
قد تتم أتمتة هذه الوظائف في نهاية المطاف أيضا، لكن بيننا وبين هذه التكنولوجيا عقد من الزمن على الأقل، وفقا لمعظم الخبراء. في غضون ذلك، يتم سحق البشر في نظام روبوت يعمل بوتيرة روبوت. هذا يجلب فوائد واضحة للشركات وعملائها الذين يحصلون على أغراضهم بسرعة وبتكلفة منخفضة. لكن هناك تكاليف يتحملها العمال والمجتمع. الاضطرابات العضلية الهيكلية، مثلا، هي سبب رئيس للإعاقة والمرض في وقت لاحق من الحياة، ما يضيف إلى فاتورة المنافع والرعاية الصحية التي يسددها دافعو الضرائب.
وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 14 في المائة من الوظائف في الدول الغنية قابلة للأتمتة بدرجة عالية، بينما من المرجح أن تتغير 32 في المائة أخرى لأن كثيرا من مهام الوظيفة، ولكن ليس كلها، يمكن أتمتتها. تم إيلاء الكثير من الاهتمام الأكاديمي والإعلامي للوظائف التي قد تختفي. ما يحدث داخل المستودعات هو تذكير للقلق بشأن كيفية التحول الذي يطرأ على الوظائف المتبقية.
نزع الصفة الإنسانية وتكثيف العمل ليسا حتميين. لكن النتيجة المختلفة تتطلب خيارات مختلفة وتوزيعا مختلفا للسلطة في مكان العمل. إذا كان لدينا زملاء من الروبوتات، فنحن بحاجة إلى تصميم العمليات الخاصة بهؤلاء الزملاء حول نقاط القوة والضعف لدى البشر، مع إيجاد طرق تتيح لهم التعبير عن المشكلات، واقتراح الحلول، والمطالبة بحصة من مكاسب الإنتاجية.
بعبارة أخرى، يجب أن نتأكد من أن الروبوتات تعمل لمصلحتنا، وليس العكس.