كل ما تود معرفته عن “ديب سيك DeepSeek” الذي هز الأسواق الأميركية
AI بالعربي – خاص
تصدر تطبيق “DeepSeek” اهتمام العالم بعد إطلاقه مطلع يناير الجاري، والذي صدر عن شركة “DeepSeek”، الصينية الناشئة التي تأسست في 2023 على يد ليانغ ونفنغ، رئيس صندوق التحوط الكمي الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي “High-Flyer”. وتطور الشركة نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، وارتقى تطبيق الهاتف الذي يحمل الاسم نفسه ليتصدر قوائم التحميل على هاتف “أيفون” في الولايات المتحدة بعد إطلاقه بأيام قلائل. وأشاد سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، بالنموذج الجديد للذكاء الاصطناعي، واصفًا إياه بأنه “مثير للإعجاب ومميز”.
وجاء التطبيق خلال الفترة الماضية في مقدمة قوائم تحميل “أبل”، كما تم تحميل التطبيق للهاتف 1.6 مليون مرة بحلول 25 يناير، وتصدر متاجر تطبيقات “أيفون” في أستراليا، وكندا، والصين، وسنغافورة، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، بحسب البيانات الصادرة عن منصة متابعة السوق “App Firgures”.
ويتميز “DeepSeek”، بعرضه لطريقة عمله والمنطق الذي يتبعه أثناء معالجة استفسارات أو طلبات المستخدمين المكتوبة، وبدأ المطورون من جميع أنحاء العالم تجربة البرنامج، مع إعلانهم السعى نحو تطوير أدوات باستخدامه. مما يزيد من احتمالية تسريع وتيرة تبني نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة للتفكير المنطقي، فيما يُحتمل أن يشعل تساؤلات وقلق بشأن ضرورة وجود قوانين خاصة عند الاعتماد على التطبيق في كثير من العمليات البشرية، وفقًا لما أثير من جانب المتخصصين على مدار الأيام الماضية والذي تدوالته تقارير إعلامية عالمية.
ميزات خاصة ومتعددة
يدعم هذا النموذج تطبيق روبوت المحادثة على الهاتف، ومع إطلاق واجهة الاستخدام عبر المتصفح في يناير، اكتسب النموذج شهرة عالمية باعتباره بديلاً أقل تكلفة بكثير لنموذج “OpenAi”، فيما وصفه المستثمر مارك أندريسين بأنه “لحظة سبوتنيك في الذكاء الاصطناعي”، أي الإدراك المفاجئ لتفوق المنافس في التكنولوجيا مثلما حدث مع إطلاق روسيا أول قمر صناعي قبل الولايات المتحدة في الخمسينيات، ويحظى تطبيق الذكاء الاصطناعي الجديد باهتمام عالمي بالغ منذ تدشينه الأول في 2023. وفي نوفمبر، وأعطت الشركة المطورة له العالم لمحة عن نموذج “آر ون” للتحليل المنطقي، المصمَّم لمحاكاة التفكير البشري. وبحسب المحللون فإن أداء نموذج DeepSeek-R1 يُقارن بأفضل نماذج الاستدلال التي تقدمها OpenAI عبر مجموعة متنوعة من المهام، بما في ذلك الرياضيات، البرمجة، والاستدلال المعقد.
تقييمات التطبيق
على سبيل المثال، حصل DeepSeek-R1 على نسبة 79.8% في اختبار الرياضيات AIME 2024، مقارنة بنسبة 79.2% لنموذج OpenAI-o1، وفي معيار MATH-500، حقق النموذج 97.3% مقابل 96.4% لـ o1؛ أما في مهام البرمجة، فقد وصل DeepSeek-R1 إلى 96.3% على منصة Codeforces، بينما وصل o1 إلى 96.6%.
وتعد نماذج “ديب سيك” أقل تكلفة بكثير من نماذج الذكاء الاصطناعي الاخرى، كما تمتلك فعالية تشغيلية على رقائق محدودة القدرة، فقد أدت دورًا في المساعدة على خفض التكاليف على مطوري الذكاء الاصطناعي في الصين، وإلى جانب “01.AI”، الشركة الناشئة التي أسسها كاي فو لي، تتميز “ديب سيك” باستراتيجية المصادر المفتوحة، التي تهدف إلى جذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين بشكل سريع قبل وضع استراتيجيات لتحقيق الأرباح فضلاً عن العدد الكبير من المستخدمين.
هل يهدد هيمنة الشركات الأميركية؟
تدفع ميزات “DeepSeek”، شركة “OpenAI” ومقدمي الخدمة الآخرين في أميركا إلى خفض الأسعار للحفاظ على تفوقهم الحالي، كما سيثير الشك حول الإنفاق الكبير لشركات مثل “ميتا” و”مايكروسوفت”، إذا كانت النماذج الأكثر كفاءة بمقدورها المنافسة باستثمارات أقل بكثير، إذ تعهد كل من الشركتين الأميركيتين بإنفاق رأسمالي يبلغ 65 مليار دولار أو أكثر هذا العام على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بشكل رئيسي، بحسب ما أكدت تقارير صحافية عالمية.
وتشهد العقود الآجلة للمؤشرات الأميركية تراجعًا، وسط مخاوف من تأثير نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد لشركة “DeepSeek” الصينية، ما يهدد هيمنة شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى؛ حيث انخفضت أسهم Nvidia بنحو 11.7% في تداولات ما قبل افتتاح السوق لتصل إلى 125.8 دولار في السهم الواحد، وفي أوروبا، قادت أسهم التكنولوجيا خسائر السوق، مع انخفاض أسهم شركة ASML المصنعة لمعدات الرقائق أيضًا بنسبة 11%.
وبحسب ما ذكرت”وول ستريت”، تراجعت العقود الآجلة لمؤشر”ناسداك 100″ الذي يضم أبرز الشركات بنحو 3.99% ليصل إلى 21037 نقطة، فيما تراجعت لمؤشر ستاندرد أند بورز 500 الأسرع نطاقًا بنحو 2.38% إلى 5987 نقطة، ولمؤشر داوجونز للإنتاج الصناعي نحو 0.93% إلى 44186 نقطة.
وتراجعت أسهم “ميتا” بنحو 3.1% إلى627 دولار، وأسهم “أمازون” بنحو 4.61% إلى 224.04 دولار، و”ألفابت” المالكة لغوغل بنحو 3.57% إلى 194.6 دولار؛ فيما انخفضت أسهم “أبل” بنحو 0.57% إلى 221.5 دولار، وأسهم “تسلا” نحو 3.98% إلى 390.4 دولار.
تأُثر أسواق الأسهم الآسيوية
كما أدى ظهور التطبيق هذا إلى هزة في أسواق الأسهم الآسيوية، إذ سعى المستثمرون وراء شركات صينية مرتبطة بـ”ديب سيك”، مثل “إيفليتك”، وابتعدوا عن شركات سلسلة توريد صنع الرقائق مثل “أدفانتست”، التي قد تتعرض لأي تراجع في الطلب المتوقع على أشباه الموصلات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي.
في حين سجلت أسهم الشركات اليابانية المرتبطة بأشباه الموصلات، بما في ذلك “Advantest Corp” “Disco Corp” انخفاضًا ملحوظًا، بعد أن أدى إطلاق نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني “DeepSeek” إلى عمليات بيع في أسهم التكنولوجيا الأميركية.
شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تنتعش
على النقيض تمامًا فقد شهدت أسهم الشركات الصينية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي حالة من الانتعاشة، حيث قفزت أسهم شركة “Merit Interactive” المدرجة في البر الرئيسي بالحد الأقصى اليومي. وتُعد الشركة من أبرز المرتبطين بـ”ديب سيك” بعدما ذكرت في وثائق سابقة أنها دمجت نموذج الشركة المحلية للذكاء الاصطناعي في أنشطة التسويق الخاصة بها. وفي هونغ كونغ، ارتفع مؤشر “هانغ سينغ” لأسهم التكنولوجيا بنحو 2% قبل عطلة رأس السنة القمرية هذا الأسبوع.
التطبيق والموضوعات المشحونة جيوسياسيًا
تفرض شركة “ديب سيك” رقابة ذاتية على الموضوعات التي تُعد حساسة في الصين، فتتجنب الإجابة عن الاستفسارات عن مظاهرات ميدان تيانانمن أو تراوغ في الأسئلة المشحونة جيوسياسيًا، مثل احتمال غزو الصين لتايوان.
وفي الاختبارات، تمكن روبوت “ديب سيك” من تقديم إجابات تفصيلية عن شخصيات سياسية مثل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، لكنه رفض ذلك عند سؤاله عن الرئيس الصيني شي جين بينغ.
ومن جانبها قالت شارور تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في “Saxo Markets”: “بينما تتمتع الشركات الرائدة حاليًا مثل “إنفيديا” بموطئ قدم قوي، فإن ذلك يذكرنا بأن الهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي ليست أمرًا مضمونًا. فظهور نموذج “DeepSeek” الصيني يشير إلى أن المنافسة تزداد حدة، وعلى الرغم من أنه قد لا يشكل تهديدًا كبيرًا الآن، إلا أن المنافسين المستقبليين سيتطورون ويتحدون الشركات الكبرى بشكل أسرع. وإعلان نتائج أرباح شركات التكنولوجيا هذا الأسبوع سيشكل اختبارًا حاسمًا لجميع الشركات الذكاء الاصطناعي المتخصصة.
وحذر بيلهام سميثرز، المحلل في شركة “Pelham Smithers Associates” البريطانية، في مذكرة بحثية من تأثير التطبيق الصيني الجديد، مؤكدًا أنه سيفرض وقفة مؤقتة في بعض خطط البنية التحتية التجارية للذكاء الاصطناعي، ويجب أن يتسبب في تباطؤ الاستثمار المرتبط بالذكاء الاصطناعي العالمي.