الذكاء الاصطناعي.. أمل جديد لتحسين حياة ذوي الإعاقة
AI بالعربي – خاص
مع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه التقنية أداةً فعالة لتجاوز الحواجز التي تعيق ذوي الإعاقة عن ممارسة حياتهم اليومية بحرية واستقلالية. ما كان في الماضي يبدو مستحيلاً، أصبح اليوم واقعًا ملموسًا، مع تطور الأدوات الذكية التي تُحدث تغييرًا جذريًا في حياة الملايين حول العالم. من خلال هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي أحدثت فرقًا حقيقيًا في حياة ذوي الإعاقة، ونعرض قصص نجاح مُلهمة تسهم في تشكيل مستقبل أكثر شمولًا.
الأمل في التنقل المستقل: كيف يساعد الذكاء الاصطناعي المكفوفين؟
للمكفوفين وضعاف البصر، أصبح التنقل اليومي أكثر سهولة بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي. تطبيق “سيينغ أيه آي AI “Seeing ، المطوَّر بواسطة مايكروسوفت يمثل قفزة نوعية في هذا المجال. يعتمد التطبيق على الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور والفيديوهات الملتقطة عبر كاميرا الهاتف، ليحولها إلى وصف صوتي فوري. فهو قادر على قراءة النصوص، التعرف على الأشخاص بناءً على ملامح الوجه، وحتى وصف العناصر الموجودة في المشهد. يُستخدم هذا التطبيق في العديد من السيناريوهات اليومية مثل قراءة قوائم الطعام، وصف محتوى الحقيبة، أو حتى التعرف على العملات النقدية.
أما تطبيق “لوك أوت”Lookout من جوجل، فهو يأخذ التجربة إلى مستوى متقدم، حيث يقدم أوصافاً تفصيلية للبيئة المحيطة، بما في ذلك الأشياء الصغيرة مثل المنتجات في المتاجر أو الأرقام المكتوبة على لافتات. إضافة إلى ذلك، تعمل هذه التطبيقات على تحسين الثقة بالنفس لدى المستخدمين من خلال تقليل اعتمادهم على الآخرين.
التواصل بلا حدود: التكنولوجيا تتحدث نيابة عن الصامتين
الصعوبات في النطق والتواصل الشفهي قد تكون من أكثر التحديات التي تواجه بعض ذوي الإعاقة. هنا يبرز دور تطبيقات مثل “فويسيت”Voiceitt ، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتفسير أنماط الكلام غير الواضح وتحويلها إلى عبارات مفهومة. هذه التقنية لا تُسهل فقط عملية التواصل، لكنها تعطي المستخدمين فرصة للتعبير عن أفكارهم وشعورهم دون قيود.
من جهة أخرى، يُعد تطبيق “آفا” (Ava) مثالاً بارزًا لتحسين التواصل لضعاف السمع، إذ يقوم بتحويل المحادثات الصوتية إلى نصوص فورية تُعرض على شاشة الهاتف، مما يتيح لهم المشاركة في الاجتماعات والمناقشات الجماعية بسلاسة. هذه الابتكارات لا تساعد فقط في تحسين نوعية الحياة، لكنها تسهم في تعزيز شعور الأفراد بالاندماج في المجتمع.
التفاعل مع العالم الرقمي: الشاشة تتحول إلى صديق
التعامل مع الشاشات اللمسية وأجهزة الخدمة الذاتية مثل أجهزة الصراف الآلي أو شاشات الحجز في المطارات يشكل تحديًا كبيرًا للأشخاص المكفوفين. هنا، يأتي دور تقنية “توتشالي”Toucha11y ، التي تعمل كجهاز وسيط بين المستخدم والشاشة، حيث توفر تفاعلاً بسيطًا ومباشرًا عبر تحويل التعليمات البصرية إلى أوامر صوتية، حيث تمنح المكفوفين استقلالية تامة في استخدام الأجهزة العامة، مما يقلل من الحواجز التي تعيق مشاركتهم في الحياة اليومية.
تُعد تقنية “Toucha11y” ابتكارًا حديثًا يهدف إلى تمكين المكفوفين من استخدام الشاشات اللمسية العامة، مثل أجهزة الصراف الآلي وأكشاك الخدمة الذاتية، بشكل مستقل. تتألف هذه التقنية من جهاز ميكانيكي يمكن تثبيته على أي شاشة لمس بواسطة المستخدم الكفيف، بالإضافة إلى تطبيق مرافق على الهاتف الذكي، فبمجرد تثبيت الجهاز على الشاشة، يقوم بالتعرف على محتواها واسترجاع المعلومات المقابلة من قاعدة بيانات، ثم يعرضها على هاتف المستخدم. يتيح ذلك للمستخدم الوصول إلى المحتوى واتخاذ القرارات باستخدام ميزات الوصول المدمجة في الهاتف، بينما يقوم الجهاز الميكانيكي بتحديد وتفعيل الأزرار الافتراضية المناسبة على الشاشة.
أظهرت الدراسات أن “Toucha11y” يمكن أن يساعد المستخدمين المكفوفين بفعالية، في اتخاذ قرارات مستقلة سليمة، وذلك تم إثباته خلال مؤتمر CHI 2023 وحصل على جائزة التميز.
التعلم والرعاية: حلول مخصصة لاحتياجات خاصة
في مجال التعليم، أحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية من خلال تقديم خطط تعليمية مخصصة تتماشى مع احتياجات كل فرد. يمكن لهذه التطبيقات تحليل أداء المتعلم، التعرف على نقاط قوته وضعفه، ومن ثم تقديم محتوى تعليمي مصمم خصيصاً لتحسين تجربته التعليمية. هذا النوع من الحلول يُحدث تغييرًا كبيرًا خاصة للأطفال الذين يعانون من صعوبات تعلم أو اضطرابات النمو.
أما في المجال الطبي، فتُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم برامج علاج طبيعي ذكية قادرة على متابعة التقدم بدقة وتعديل الخطط العلاجية بناءً على البيانات الفورية. مثل هذه الأدوات ليست مجرد وسائل طبية، لكنها تساعد المرضى على الشعور بأنهم في أيدٍ أمينة.
نماذج واقعية تلهم العالم
- بي ماي أي:(Be My AI) داخل تطبيق “Be My Eyes”، تعتمد هذه الميزة بما لديها من قدرات على تقنيات OpenAI ، والتي يمكنها تقديم أوصاف مفصلة للصور، ما يُتيح للمكفوفين أو مما يعانون من إعاقة بصرية جزئية استكشاف العالم من حولهم بطريقة لم تكن ممكنة من قبل.
- السيارات ذاتية القيادة :تعمل شركات مثل تسلا وغيرها على تطوير أنظمة تنقل ذكية قد تكون حلاً مثالياً للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، حيث تتيح لهم التنقل بأمان وراحة دون الحاجة إلى مساعدة.
إن التطور المستمر في تقنيات الذكاء الاصطناعي يؤكد أن هذه التكنولوجيا ليست مجرد أدوات تقنية، بل هي وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية والشمول. مع استمرار الاستثمار في هذا المجال، يمكننا أن نتطلع إلى عالم يصبح فيه الذكاء الاصطناعي جزءًا من الحلول اليومية، ليمنح ذوي الإعاقة فرصًا متكافئة للعيش والعمل والإبداع. التكنولوجيا ليست مجرد وسيلة للراحة، بل هي جسر لتحقيق الأحلام وتجاوز التحديات، لتكون حياة الجميع أكثر إنسانية وكرامة.