مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي في المؤسسات: الاتجاهات والتوقعات
AI بالعربي – متابعات
يشهد الذكاء الاصطناعي التوليدي “GenAI” تحولًا في القطاعات المختلفة حول العالم، ولا تُعد منطقة الشرق الأوسط استثناءً. وفي ظل الوعي المتزايد من قبل المؤسسات في المنطقة لقدرة الذكاء الاصطناعي على تعزيز الابتكار والكفاءة والميزة التنافسية، تتسارع وتيرة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتشير الأبحاث إلى أن 48% من الشركات في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تجري اختبارات أولية لتطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي، متجاوزة بذلك المتوسط العالمي البالغ 43%.
من المتوقع أن يشهد مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي في المؤسسات بالشرق الأوسط تطورًا سريعًا بالتزامن مع التقدم المستمر في النماذج المفتوحة والمغلقة المصدر.
انتشار سريع في مختلف القطاعات
لطالما كانت منطقة الشرق الأوسط مركزًا للابتكار التكنولوجي، حيث تتصدر دول مثل السعودية و الإمارات هذا المجال. ومن المتوقع أن يتسارع استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في قطاعات متعددة، بما في ذلك التمويل والرعاية الصحية والتجزئة والخدمات اللوجستية. تستثمر الحكومات والمؤسسات بكثافة في مبادرات الذكاء الاصطناعي، مع استراتيجيات وطنية مثل استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031 ورؤية السعودية 2030، التي تعتبر الذكاء الاصطناعي عنصر أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي.
في قطاع التمويل، على سبيل المثال، يُستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين تجارب العملاء من خلال تقديم خدمات مصرفية مخصصة ودعم العملاء بشكل آلي. وفي مجال الرعاية الصحية، تساهم التقنيات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي في تحسين التشخيصات والتحليلات التنبؤية، مما يعزز النتائج الصحية للمرضى. ومع تزايد سهولة الوصول إلى هذه التقنيات وانخفاض تكاليفها، نتوقع انتشارها الواسع بين المؤسسات في المنطقة.
صعود النماذج مفتوحة المصدر
تكتسب النماذج مفتوحة المصدر شعبية متزايدة في الشرق الأوسط، حيث تقدم للشركات مرونة أكبر وتحكمًا أعلى وحلولًا أكثر فعالية من حيث التكلفة. على عكس النماذج المغلقة، التي غالبًا ما تكون مكلفة ومحدودة من حيث إمكانية التخصيص، تتيح النماذج مفتوحة المصدر للمؤسسات ملائمة حلول الذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجاتها الخاصة. وهذا أمر ذو أهمية خاصة في منطقة تُعد فيها خصوصية البيانات وأمانها من الأولويات.
وفي الوقت الذي تتوجه فيه المزيد من الشركات في الشرق الأوسط نحو البدائل مفتوحة المصدر، نتوقع تحولًا نحو بناء القدرات الداخلية للذكاء الاصطناعي. وسيعزز هذا التوجه توافر الأطر والأدوات مفتوحة المصدر، مما يمكّن المؤسسات من تطوير ونشر وتوسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل مستقل. بالإضافة إلى ذلك، ستساهم تنمية الكوادر المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي في تسريع اعتماد النماذج مفتوحة المصدر.
تعزيز خصوصية البيانات وأمانها
تُعد خصوصية البيانات وأمانها من الاعتبارات الأساسية للمؤسسات في الشرق الأوسط، حيث يتم التأكيد بشكل متزايد على الامتثال التنظيمي والسيادة على البيانات. ومع توسع استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، يجب على الشركات ضمان تصميم أنظمتها الذكية مع مراعاة أعلى معايير الخصوصية والأمان.
ومن المتوقع أن يشهد مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي في المنطقة تركيزًا أكبر على تطوير حلول ذكاء اصطناعي تتماشى مع المعايير الصارمة لحماية البيانات. ويشمل ذلك اعتماد تقنيات ذكاء اصطناعي تحافظ على الخصوصية، مثل التعلم الموزع، الذي يتيح تدريب النماذج على مصادر بيانات موزعة دون المساس بالخصوصية. كما ستستثمر المؤسسات في إجراءات أمان متقدمة لحماية أنظمة الذكاء الاصطناعي من التهديدات المحتملة، مما يضمن أن الابتكارات لا تهدد سلامة البيانات.
تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص
يتسم نظام الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط بتعاون قوي بين القطاعين العام والخاص. وتعمل الحكومات في المنطقة بشكل نشط على تعزيز الشراكات مع الشركات التقنية والمؤسسات الأكاديمية والشركات الناشئة لدفع عجلة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
من المتوقع أن يستمر هذا النهج التعاوني مع إطلاق مبادرات مشتركة لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وبناء القدرات والبحوث. ونتيجة لذلك، سنشهد منظومة أكثر تكاملًا في مجال الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، حيث يعمل القطاعان العام والخاص معًا للتغلب على التحديات المشتركة والاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحقيق المنفعة المتبادلة.
يعد مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي في المؤسسات بمنطقة الشرق الأوسط ب الكثير من الفرص الكبيرة للابتكار والنمو. ومع توجه المؤسسات في المنطقة لاعتماد الذكاء الاصطناعي، نتوقع تسارعًا في الانتشار، وتوجهًا نحو النماذج مفتوحة المصدر، وتعزيزاً لخصوصية البيانات وأمانها، وزيادة التعاون بين القطاعين العام والخاص. حيث تساهم هذه الاتجاهات في تشكيل مسار الذكاء الاصطناعي التوليدي، مما يضع المنطقة في موقع الريادة العالمية في حلول المؤسسات المدعومة بالذكاء الاصطناعي.