تعد الذكاء الاصطناعي بحل المشكلات البيئية الكبرى على كوكب الأرض.. لكن هناك عقبة
Ehsan Noroozinejad, Seyedali Mirjalili
لقد أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في حياتنا بعدة طرق، بدءًا من تخصيص محتويات وسائل التواصل الاجتماعي لدينا إلى إعطائنا توجيهات للقيادة ورصد صحتنا.
في السنوات الأخيرة، زادت الآمال بأن يساعد الذكاء الاصطناعي البشرية في مواجهة المشكلات البيئية العالمية مثل تغير المناخ.
يتضمن الذكاء الاصطناعي استخدام الحواسيب للتفكير مثل البشر. إذ يمكنه حل المشكلات المعقدة ومعالجة كميات هائلة من البيانات. لكن هذه التكنولوجيا تجلب معها مجموعة من التكاليف البيئية.
4 طرق يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد بها العالم الطبيعي
كفاءة الطاقة
يمكن أن تتحكم أنظمة الذكاء الاصطناعي في استخدام الطاقة وتحسينه. على سبيل المثال، تقوم الشبكات الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي بمراقبة وإدارة توليد الكهرباء لتلبية طلب المستهلكين، مما يمكن أن يقلل من تكاليف الطاقة ويسمح باستخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة.
يمكن أيضًا للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تبسيط الطاقة المستخدمة من قبل الأنظمة التجارية والصناعية الكبيرة. على سبيل المثال، استخدمت شركة جوجل العملاقة الذكاء الاصطناعي لتقليص كمية الطاقة المطلوبة لتبريد مراكز البيانات بنسبة 40%.
البنية التحتية الحضرية
يمكن أن تساعد أنظمة إدارة النفايات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي في زيادة معدلات إعادة التدوير. في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تستخدم شركة Recycleye، المتخصصة في إعادة التدوير، الذكاء الاصطناعي لتحديد المواد لفرزها، مما يقلل من معدلات التلوث ويزيد من كميات إعادة التدوير، وبالتالي، يقلل الضغط على مواقع الطمر.
تساعد تكنولوجيا المدن الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي على جعل أنظمة النقل العام تعمل بشكل أكثر سلاسة، مما يمكن أن يقلل من الازدحام ويقلل من انبعاثات المركبات.
يمكن أيضًا استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الهواء في المدن. على سبيل المثال، تستخدم شركة IBM هذه التكنولوجيا لتحليل بيانات الطقس وتلوث الهواء من المستشعرات والأقمار الاصطناعية. يمكن أن يساعد هذا السلطات في تحديد مصادر التلوث، وتقديم توقعات جودة الهواء، وإصدار تنبيهات صحية.
الزراعة المستدامة
تُستخدم الآلات الذكية والروبوتات والمستشعرات المدعومة بالذكاء الاصطناعي بالفعل في الزراعة.
يمكنها توفير مراقبة فورية للطقس وظروف التربة واحتياجات المحاصيل، مما يؤدي إلى استخدام أفضل للمياه وضمان حصول المحاصيل على ما تحتاجه فقط.
يمكن للتكنولوجيا أيضًا تحديد الآفات، مما يقلل من الحاجة لرش المبيدات الكيميائية على المحاصيل.
مع تفاقم تغير المناخ، هناك آمال بأن يساعد الذكاء الاصطناعي المزارعين في تجنب انخفاض غلة المحاصيل وزيادة قدرتهم على التكيف.
الرصد البيئي
يمكن أن تتنبأ أنظمة الذكاء الاصطناعي بالفيضانات وحرائق الغابات وغيرها من المخاطر الطبيعية بسرعة ودقة. ويمكن أن يقلل هذا من تأثيرات المخاطر الطبيعية على البيئة والمجتمعات.
يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتتبع التغيرات البيئية. على سبيل المثال، يمكنه قياس التغيرات في الجبال الجليدية بسرعة تفوق الإنسان بـ10.000 مرة.
في الوقت نفسه، تستخدم منظمة الطبيعة The Nature Conservancy الذكاء الاصطناعي لتقليل الآثار البيئية للطاقة المائية عبر منطقة الأمازون.
لكن ماذا عن الجوانب السلبية؟
إن الطريق نحو تحقيق إمكانيات الذكاء الاصطناعي مليء بالتحديات، وتأتي التكنولوجيا مع عدة عيوب رئيسية، كما هو موضح أدناه.
استخدام الطاقة
يستهلك الذكاء الاصطناعي كمية هائلة من الطاقة. أولاً، يجب “تدريب” نماذج الكمبيوتر، أو تغذيتها بمجموعة كبيرة من البيانات. يمكن أن تكون هذه العملية سريعة نسبيًا، أو تستغرق عدة أشهر، وخلال هذه الفترة تعمل معالجات البيانات الكبيرة على مدار الساعة.
وعندما نطلب من الذكاء الاصطناعي حل مشكلة، يتطلب ذلك أيضًا معالجة تستهلك طاقة. وتشير تقديرات إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة مثل ChatGPT تستخدم طاقة تزيد على عشرة أضعاف الطاقة المستخدمة في البحث التقليدي عبر جوجل. فقط جزء صغير من هذه الطلبات يتم تلبيته من قبل مصادر الطاقة المتجددة.
تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يزداد استهلاك الكهرباء من مراكز البيانات وقطاع الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة ليصل إلى الضعف في السنوات الأربع حتى عام 2026، من 460 تيراواط ساعة في 2022 إلى أكثر من 1.000 تيراواط ساعة في 2026.
هناك حاجة ملحة لأنظمة ذكاء اصطناعي أكثر اخضرارًا، وهذا يبدو ممكنًا بشكل متزايد. أظهرت الدراسات أن استهلاك الطاقة لنماذج الكمبيوتر القائمة على الذكاء الاصطناعي يمكن تقليله بوسائل متنوعة، مثل تقليل تعقيد النموذج دون التأثير على أدائه.
تأثيرات المياه
تتطلب أنظمة الذكاء الاصطناعي كميات كبيرة من المياه. وتولد مراكز البيانات التي تضم خوادم الذكاء الاصطناعي القوية الكثير من الحرارة. فتُستخدم المياه في عمليات التبريد للحفاظ على درجة حرارة التشغيل للخوادم.
يستهلك الذكاء الاصطناعي أيضًا المياه بشكل غير مباشر من خلال استهلاك الطاقة. وتستخدم محطات الطاقة التي تعمل بالفحم المياه للتبريد، وتفقد المياه أيضًا عبر التبخر من محطات الطاقة الكهرومائية.
وكما أشار آخرون، فإن التعدين والتصنيع اللازمين لإنتاج أجهزة الذكاء الاصطناعي يستخدمان المياه ويسببان تلوثها.
الأضرار البيئية الأوسع
يتجاوز تأثير الذكاء الاصطناعي على البيئة استهلاكه للطاقة. على سبيل المثال، كما أفادت مجلة Scientific American، في مقال إلى تعاون ExxonMobil في 2019 مع Microsoft لنشر الذكاء الاصطناعي في استخراج النفط، مما زاد الإنتاج بشكل كبير.
كما أشار المقال، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات المستهدفة عبر الإنترنت، على منصات مثل Instagram وFacebook، يخلق طلبًا على السلع المادية. يؤدي ذلك إلى زيادة استهلاك المنتجات الجماعية، مما يسبب انبعاثات كربونية ويستخدم الموارد الطبيعية للأرض.
إلى أين الآن؟
مع تزايد اندماج الذكاء الاصطناعي في الحياة الحديثة، سيزداد بصمته البيئية. يجب على البشرية إيجاد التوازن الصحيح لضمان أن يساعد الذكاء الاصطناعي الأرض، بدلاً من الإضرار بها.
لتحقيق ذلك بشكل أفضل، يجب تطوير معايير موحدة لقياس آثار الذكاء الاصطناعي على البيئة بدقة.
هناك أيضًا دعوات من بعض الجهات لمزيد من التنظيم البيئي للذكاء الاصطناعي، وزيادة الشفافية من الشركات حول انبعاثاتها المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
لكن الجهود الرامية لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر صداقة للبيئة ستواجه صعوبة في قبول الجمهور والصناعة إذا تم التضحية بفعالية أنظمة الذكاء الاصطناعي. لتجنب ذلك، هناك حاجة إلى تعاون أقوى بين الباحثين وصناعة الذكاء الاصطناعي.
المصدر: The Conversation