الذكاء الاصطناعي ونهاية التاريخ
د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
حذر رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك من إن الذكاء الاصطناعي بحلول العام القادم 2025 سوف يصبح أكثر ذكاء من أي شخص، وبعد خمسة أعوام، أي بحلول عام 2029 سيتفوق في ذكائه على جميع البشر مجتمعين. وهذا يعزز الاستنتاج الذي توصل إليه المخترع الأميركي ريموند كورزويل، الذي سبق ماسك وأكد إن الذكاء الاصطناعي سوف يكون أكثر ذكاء من جميع البشر مجتمعين بقدوم عام 2029.
وإنذار هاتين الشخصيتين المهمتين، يأتي في الوقت الذي نعيش فيه المرحلة الأولى من الذكاء الاصطناعي، فما بالك، عندما يتقدم هذا الذكاء إلى المرحلة الثانية والثالثة. فالذكاء الاصطناعي سوف يتطور من المجال ضيق النطاق الذي هو عليه الآن (NAI) إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي العام (AGI)-عندما تتمكن الآلة من أداء أي مهمة فكرية يستطيع الإنسان القيام بها- وهذا ربما يحدث في العام القادم. أما المرحلة الثالثة المسماة الذكاء الاصطناعي الفائق (ASI)، فإنها سوف تؤدي إلى تفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري، وهذا ربما نشهده في غضون الخمسة أو العشرة أعوام القادمة.
ومثلما نرى، فإن المخاوف السابقة كانت تركز على أن الثورة الصناعية الرابعة والتوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي سوف يؤدي إلى ارتفاع مستوى البطالة. حيث كانت التقارير تحذر من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل ما يقارب من 300 مليون وظيفة خلال الفترة القادمة. وهذا بالتأكيد يجد له صدى طيب عند أصحاب الأعمال. فالذكاء الاصطناعي من شأنه أن يؤدي إلى خفض عدد العاملين، وبالتالي تقليص ما يدفعوه من أجور وزيادة ما يحصلون عليه من أرباح. من ناحية أخرى، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي سوف يؤدي حسب بعض التقديرات إلى رفع الإنتاجية، وبالتالي زيادة القيمة الإجمالية للسلع والخدمات المنتجة عالميا بنسبة 7%- الأمر الذي سوف يضاعف الأرباح التي يحصل عليها قطاع الأعمال.
ولكن، ليس بالضرورة، أن كل ما يصب في مصلحة أصحاب الأعمال يكون مفيداً للناس دائماً. فأخطار تقدم الذكاء الاصطناعي، تتعدى تأثيره على البطالة والإنتاجية والأرباح والقيمة المضافة. فانتقال الذكاء الاصطناعي إلى المرحلة الثالثة سوف يشكل خطر على الأنسان نفسه والحضارة البشرية برمتها. فهذا الكائن الصناعي، ربما يقودنا عن حق وحقيقة إلى نهاية التاريخ. وذلك في الاختلاف عن توقعات كارل ماركس، الذي اعتقد أن انتصار الاشتراكية سوف يؤدي إلى نهاية التاريخ، وكذلك فرانسيس فوكوياما، الذي اعتقد، في المقال الذي نشره عام 1989 في مجلة ناشيونال إنترست، أن انتصار الديمقراطية الليبرالية سوف يؤدي إلى نهاية التاريخ وتوقف التطور الأيديولوجي للإنسان. فكلاهما مثلما نرى كانا على خطأ.
بالفعل، فإن انتقال الذكاء الاصطناعي إلى المرحلة الثالثة سوف تنجم عنه مخاطر جسيمة على الانسان، فهذا الكائن الصناعي، الذي سوف يطور نفسه بنفسه فيما بعد، قد يكون معادي لنا. فهو خلال تطوراته اللاحقة ربما يتخذ قرارات قد تؤدي إلى التخلص منا، باعتبارنا كائنات غبية وغير مفيدة له.