التحول إلى الذكاء الاصطناعي .. هلع سابق لأوانه
إلين مور
أحد الألغاز المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي هو السبب في أن النص الذي يستحضره طويل جدا. لماذا ينتج “شات جي بي تي 10″ فقرات عندما يمكن لفقرة واحدة أن تكفي؟ لغز آخر هو كيف سنتصرف جميعا عندما ينتشر. هناك احتمال أننا على وشك أن نكون أكثر إيجازا بكثير. إن الذكاء الاصطناعي يوسع فجوة الواقع بين وادي السيليكون وبقية العالم. فمعظمنا لم يستخدم بعد برامج الدردشة الآلية لكتابة رسائل البريد الإلكتروني أو إجراء الأبحاث. لكن شركات التكنولوجيا تعتقد أن هذا سيصبح أمرا مفروغا منه قريبا. إذا كانوا على حق، فإن الطريقة التي نتواصل بها على وشك أن تتحول. قد تكون نقطة التحول هي 2024. فهناك خطط قيد التنفيذ لدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في حياتنا اليومية، خاصة في العمل. و”جوجل” على وشك إطلاق نموذج “جيميناي” للذكاء الاصطناعي بينما ستقوم “مايكروسوفت” ببيع مساعدها للذكاء الاصطناعي، كوبايلوت. ويمكن أن نجد أنفسنا محاطين بأوامر تعرض تلخيص الاجتماعات وكتابة رسائل البريد الإلكتروني وملء جداول البيانات.
لا أحد يعرف كيف سيكون رد فعل الجمهور. فالحكومات قلقة بشأن حدوث كارثة. حيث أصدر الرئيس جو بايدن يوم الإثنين لوائح تنظيمية تلزم شركات الذكاء الاصطناعي بإخطار الحكومة إذا كانت تعمل على تطوير نماذج تشكل خطرا أمنيا. ومن المرجح أن تدرس قمة الذكاء الاصطناعي اللافتة للنظر في المملكة المتحدة في بلتشلي بارك كل ما يمكن أن يسير على نحو خاطئ، من تمكين الاحتيال إلى تسهيل الهجمات. لكن هذه الأنواع من النتائج لن تحدث على الفور، هذا إن حدثت على الإطلاق. ولن يحدث أيضا فقدان الوظائف المخيف. ما سيحدث أولا هو تحول في سلوكنا نفسه.
تركز معظم النقاشات حول الذكاء الاصطناعي التوليدي على الطرق التي يمكن عبرها مساعدة المستخدمين. حيث يتم قضاء قليل من الوقت في التفكير في أثره في المتلقين. لكن للكلمات التي يتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر وزن أقل. ففي نقاش جرى أخيرا حول الذكاء الاصطناعي في هونج كونج، كشفت إحدى المتحدثات أن ما كانت تقرأه قد تم إنشاؤه بواسطة برمجية دردشة آلية تعمل عن طريق الذكاء الاصطناعي. بدت الكلمات مقنعة، لكن ما باحت به جردها أيضا من المعنى. اهتز انتباهي على الفور.
أظن أنك ستتصرف بالطريقة نفسها إذا علمت أن ما تقرأه أو تسمعه لم يصدر عن شخص آخر. ويمكنه أيضا تغيير الطريقة التي نتفاعل بها عبر الإنترنت. فبمجرد أن تدرك أنه لا يوجد أحد في الطرف الآخر من المحادثة، ليست هناك حاجة إلى كتابة جمل كاملة. ما يهم هو الكلمات الرئيسة. والمجاملات تصبح غير ضرورية أيضا. حتى عند إرسال رسالة إلى شخص حقيقي، فإن معرفة أنه يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل تلك الرسالة واستخراج المعلومات تعني عدم وجود حاجة إلى التفاصيل الدقيقة. ويمكن تقليص الاتصالات إلى تبادل جاف للحقائق.
إذا كنت من النوعية المتفائلة، فقد تعتقد أن هذا سيجعلنا جميعا أكثر إنتاجية. ويمكن أن يجعل التفاعلات في العالم الحقيقي أكثر قيمة أيضا. فلا يجوز إغفال الشكليات المنمقة. والكثير يعتمد على ما إذا كنا سنحصل على طرق نجاحها مضمون لمعرفة ما تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي وما لم يتم إنشاؤه. بدون أختام إلكترونية لا يمكن تقليدها أو إزالتها، أعتقد أن الثقة ستتداعى. لا يتفق الجميع معي. إذ يقول الأشخاص الذين أعرفهم ممن يستخدمون بالفعل الذكاء الاصطناعي التوليدي “ومعظمهم من الأصدقاء الذين يعملون في مجال التكنولوجيا في سان فرانسيسكو”، “إن صياغة الأوامر اللازمة لإنشاء المحتوى المناسب تعني أنه لا تزال هناك مشاركة من إنسان إلى إنسان”.
وتعتقد بعض شركات التكنولوجيا أننا لن نتفاعل مع النصوص التي ينشئها الذكاء الاصطناعي بشكل مختلف عن تفاعلنا بالفعل مع بعضنا بعضا. إذ تخطط شركة ميتا لإطلاق مزيد من روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي باستخدام حساباتها الخاصة على إنستجرام وفيسبوك. ويتوقع مارك زوكربيرج أن تصبح تجارب الذكاء الاصطناعي جزءا مهما من جميع تطبيقات ميتا، حيث يتمكن مبتكرو المحتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي من إنشاء إصدارات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم التي يمكنها التفاعل مع المعجبين، وإنشاء المحتوى، وفي الوقت المناسب، التفاعل مع بعضهم بعضا. ويقول “إنه سيكون نوعا جديدا تقريبا من شكل الوسائط والفن”.
“شكل من أشكال الفن” هو وصف مشكوك فيه. فقد يكون النظام منخفض الجهد لتحقيق الدخل لمنشئي المحتوى المشغولين أكثر دقة. لكن ما نوع التفاعل مع المعجبين الذي تتوقعه ميتا؟ إن كل التكنولوجيا الجديدة تمر بدورة حياة. فالذكاء الاصطناعي في مرحلة الإنفاق على البحث والتطوير. وإذا وصل إلى المرحلة التالية، يمكننا أن نتوقع انتشارا واسع النطاق. وإذا حدث ذلك، فستتم مقارنة حجم تأثير الذكاء الاصطناعي بالثورة الصناعية. يمكن أن تأتي ردود أفعالنا كمفاجأة لنا. سيقبل كثير منا المساعدة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي. وبعض منا سيرفضها. وقد تكون المواقف الأخرى أغرب. فبدلا من محاولة التمييز بين ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي، قد نختار بدلا من ذلك تشويش الخطوط الفاصلة
المصدر: الاقتصادية