مسارات متباينة ومشاهد معقدة عن قمة سلامة الذكاء الاصطناعي في بريطانيا
AI بالعربي – متابعات
جمعت قمة “سلامة الذكاء الاصطناعي” الأخيرة في المملكة المتحدة، التي استضافها رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، قادة العالم، والمديرين التنفيذيين للتكنولوجيا، والباحثين، وصناع السياسات لمعالجة الحاجة الملحة إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي. وعلى مدار يومين من المناقشات، تم التوصل إلى اتفاقيات رئيسية، فيما لا تزال هناك تحديات في تحديد المسار نحو تنظيم الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي.
“إعلان بلتشلي”… الاعتراف بمخاطر الذكاء الاصطناعي
من بين النتائج المهمة للقمة كان “إعلان بلتشلي” الذي وقّعه زعماء 28 دولة، بما في ذلك الصين. وقد أقرّ هذا البيان المشترك بالمخاطر الكامنة المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي سريعة التطور. وكان الإعلان بمثابة خطوة حاسمة نحو الاعتراف بالحاجة إلى التعاون العالمي في التصدي لهذه التحديات.
معاهد سلامة الذكاء الاصطناعي… استجابة عالمية
أعلن كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عن خطط لإنشاء معاهد سلامة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهما. وتهدف هذه المعاهد إلى تعزيز البحث والتعاون في مجال سلامة الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على أهمية التخفيف من المخاطر التي تشكلها أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة. ويشير إطلاق هذه المعاهد إلى الالتزام بمعالجة مسألة سلامة الذكاء الاصطناعي على نطاق عالمي.
خلافات حول التنظيم
وبينما كان هناك إجماع على ضرورة تنظيم الذكاء الاصطناعي، أظهرت القمة اختلافات فيما يتعلق بالنهج والقيادة في تنظيم الذكاء الاصطناعي. لقد اختلف اقتراح المملكة المتحدة بشأن اتباع نهج خفيف في تنظيم الذكاء الاصطناعي عن قانون الذكاء الاصطناعي التابع للاتحاد الأوروبي، الذي يفرض ضوابط أكثر صرامة على مطوري التطبيقات «عالية المخاطر». وأعرب القادة الأوروبيون عن الحاجة إلى مستوى معين من الإجماع العالمي بشأن قواعد الذكاء الاصطناعي لمنع سيناريو تهيمن فيه دولة أو كتلة واحدة على تطوير الذكاء الاصطناعي وتنظيمه.
دور الصين وأهميتها
اعتُبر حضور الصين في القمة بمثابة تطور مهم، حيث وقّع المسؤولون الصينيون على “إعلان بلتشلي”. وأعرب نائب وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني عن استعداد بلاده للتعاون في حوكمة الذكاء الاصطناعي مع جميع الأطراف. ومع ذلك، كانت التوترات الكامنة بين الصين والدول الغربية واضحة. وأكد وو تشاو هوي، الوزير الصيني، أن جميع الدول، بغضّ النظر عن حجمها، يجب أن تتمتع بحقوق متساوية في تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي. ولا يزال دور الصين في مشهد الذكاء الاصطناعي موضوعاً للتدقيق العالمي.
مخاطر الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر
وخلف الأبواب المغلقة، سلطت المناقشات الضوء على المخاوف بشأن المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر. في حين أن النماذج مفتوحة المصدر توفر وصولاً مجانياً إلى كود الذكاء الاصطناعي بهدف التجربة، فقد حذّر الخبراء من إمكانية استغلال إمكانية الوصول هذه من قبل جهات ضارة لأغراض خبيثة كإمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر في صنع أسلحة كيميائية أو ذكاء فائق خارج نطاق سيطرة الإنسان.
رؤى أساتذة جامعة أكسفورد
طوال القمة، قدم كثير من أساتذة جامعة أكسفورد رؤى قيمة حول المشهد المعقد لتنظيم الذكاء الاصطناعي. فقد أشاد سياران مارتن، أستاذ الممارسة في إدارة المنظمات العامة بجامعة أكسفورد، بالقمة باعتبارها مبادرة جيدة، وأشاد بالحكومة البريطانية لقيادتها العالمية في معالجة مخاطر الذكاء الاصطناعي. فيما أكدت الدكتورة آنا فالديفيا، محاضرة في الذكاء الاصطناعي والحكومة والسياسة في معهد أكسفورد للإنترنت (OII)، على ضرورة تنظيم الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة، خصوصاً في ضوء الجهود الدولية للتخفيف من مخاطر الذكاء الاصطناعي.
أما جون تاسيولاس، أستاذ الأخلاق والفلسفة القانونية ومدير معهد أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالجامعة، فقد سلط الضوء على التعريف الواسع لـ”السلامة” في “إعلان بلتشلي”، معترفاً بأن مخاطر الذكاء الاصطناعي تشمل جوانب مختلفة، بما في ذلك حقوق الإنسان والتنمية المستدامة. من جهة أخرى، أثار البروفيسور برنت ميتلشتات، مدير الأبحاث في معهد أكسفورد للإنترنت، مخاوف بشأن تركيز القمة على الذكاء الاصطناعي الحدودي وإهمال مخاطر الذكاء الاصطناعي الحالية، وحثّ على اتباع نهج متوازن لتنظيم الذكاء الاصطناعي.
شكّلت قمة سلامة الذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة علامة بارزة في الحوار العالمي حول تنظيم الذكاء الاصطناعي. إن التوقيع على “إعلان بلتشلي” وإنشاء معاهد سلامة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يظهران الالتزام بمعالجة مخاطر الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، ويظل تحقيق الإجماع العالمي بشأن قواعد الذكاء الاصطناعي مسعى معقدًا. ربما كانت القمة خطوة إلى الأمام، لكن الطريق إلى التنظيم الشامل للذكاء الاصطناعي يظل صعبًا ومتعدد الأوجه.