الذكاء الاصطناعي والتنمية: حقائق وأرقام
د. بدر سالم البدراني
في مقال لنائبة رئيس تحرير SciDev.Net الباحثة روث دوغلاس عن الذكاء الاصطناعي وأهميته المستقبلية في جميع جوانب الحياة، قامت الباحثة بالتركيز على ثلاثة محاور كانت كالتالي:
* الذكاء الاصطناعي يقدم حلولًا لمكاسب الزراعة والصحة والتعليم والاقتصاد العالمي.
* يمثل الاتصال تحديًا كبيرًا حيث يفتقر نصف سكان العالم إلى الوصول إلى الإنترنت.
من هنا تأتي الإشارة إلى أهمية التعرف على مستقبليات الذكاء الاصطناعي بشكل منهجي ودقيق، وبشكل يعتمد على دراسات استشراف المستقبل، وليس فقط على التوقعات الشخصية، أو الاستنتاجات الفردية.
حيث تستكشف الباحثة روث دوغلاس عن الأثر الناتج عن تطبيق الذكاء الاصطناعي في التنمية الدولية والمخاطر المرتبطة بهذه التكنولوجيا سريعة النمو. ومن الملاحظ عالميًا أن تطبيق الذكاء الاصطناعي يتم بالفعل على كل قطاع من قطاعات التنمية الدولية من الزراعة والصحة والتعليم إلى التخطيط الحضري. وهناك موجة من الاهتمام في الفترة الأخيرة بتسخير هذه التكنولوجيا من أجل الصالح الاجتماعي.
ويتناول الذكاء الاصطناعي جميع جوانب الحياة فمثلًا؛ يستطيع المزارعون التخفيف من فشل المحاصيل بفضل تطبيقات الهواتف الذكية القائمة على الذكاء الاصطناعي، ويمكن للسلطات الصحية التنبؤ بتفشي المرض التالي ، ويتم رسم خرائط لمدارس العالم لتحديد الفجوات في الموارد، كل ذلك بعد مشيئة الله عز وجل بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتحاول المؤسسات والشركات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي فيما يخص جانب التكنولوجيا للتنبؤ بالكوارث الطبيعية ورصدها مثل الزلازل والفيضانات والجفاف واستهداف الاستجابة لحالات الطوارئ بشكل فعال.
فوفقًا للتنبؤات الأخيرة، سيرتفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 14 في المئة في عام 2030 نتيجة لتسارع التنمية واستيعاب الذكاء الاصطناعي – مما يعزز الاقتصاد العالمي بمقدار 15.7 تريليون دولار أمريكي.
ويأتي هذا الرقم من تقرير عن قيمة الذكاء الاصطناعي من قبل شركة المحاسبة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC)، والذي وجد أن الصين وأمريكا الشمالية من المرجح أن تشهدا أكبر المكاسب الاقتصادية، حيث تمثلان 70 في المئة من الإجمالي العالمي.
وتُعتبر الزراعة هي أحد القطاعات التي تشهد انفجارا في التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي تهدف إلى مساعدة المزارعين على معالجة أمراض المحاصيل والآفات والمشاكل المتعلقة بالمناخ.
فيشير تقرير عالمي جديد للصناعة حول الذكاء الاصطناعي في الزراعة إن حجم السوق سينمو من 522.6 مليون دولار أمريكي في عام 2017 إلى 1،765.98 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2023. ويستشهد بالنمو السكاني وما يتبعه من ارتفاع الطلب على الإنتاج الزراعي كعامل رئيسي في هذا النمو.
مع توقع نمو عدد سكان العالم من 7.6 مليار في عام 2018 إلى أكثر من 9.6 مليار في عام 2050، وفقًا لأرقام الأمم المتحدة، ستكون هناك زيادة كبيرة في الطلب على الغذاء. وفي الوقت نفسه، تتعرض الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي الزراعية الخصبة لضغوط متزايدة بسبب تغير المناخ والإفراط في الاستخدام، مما يغذي الحاجة إلى تقنيات جديدة لتحسين القدرة على التكيف مع المناخ.
ويمكن أن تكون الابتكارات والتقنيات الرقمية جزءًا من الحل، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو). تسمح الذكاء الاصطناعي التقنيات مثل التعلم الآلي والتحليلات التنبؤية، للمزارعين بتلقي رؤى حول الظروف الجوية ورطوبة التربة وأمراض المحاصيل والآفات، لإبلاغ عملية صنع القرار. ويلتزم عدد من المنظمات غير الحكومية والشركات الناشئة والوكالات المتعددة الأطراف بجعلها في متناول المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة في البلدان النامية.
وفي دراسة استقصائية لقادة أعمال التكنولوجيا في 108 دولة، أطلقتها KPMG وHarvey Nash، قال المشاركون إنهم يعتقدون أن حوالي 10 في المئة من القوى العاملة في شركاتهم سيتم استبدالها في غضون خمس سنوات بالذكاء الاصطناعي / الأتمتة. ومع ذلك، قال أكثر من الثلثين إنهم يعتقدون أن وظائف جديدة ستظهر للتعويض عن ذلك. فلا تزال الفكرة البائسة لتولي الروبوتات المسؤولية عن البشر، في الوقت الحالي، تهديدًا بعيدًا.
وفي الختام؛ لا شك أن التخصصات المستقبلية بعد مشيئة الله عز وجل تعتمد على الدراسات العلمية المحكمة التي تعني وتهدف إلى استشراف المستقبل، وعليه فعند اختيار التخصص الجامعي، أو التخصص الوظيفي، لابد من مراعاة نقطة التحول التخصصي والوظيفي المستقبلي، وعليه يجب رسم برامج تعليمية يكون التأسيس العلمي فيها موحد بشكل شامل قوي، ويبدأ التفرع في التخصصات والمهارات بعد اجتياز التأسيس الشامل.