“داعش” تستغل الذكاء الاصطناعي.. دعاية افتراضية وخطط لهجمات حقيقية

"داعش" تستغل الذكاء الاصطناعي.. دعاية افتراضية وخطط لهجمات حقيقية

“داعش” تستغل الذكاء الاصطناعي.. دعاية افتراضية وخطط لهجمات حقيقية

AI بالعربي – متابعات

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة لتسريع التطور التكنولوجي، بل تحول إلى ساحة صراع خفية تتقاطع فيها مصالح الدول، ومخاوف الأمن القومي، مع طموحات التنظيمات الإرهابية. وفي مقدمة هذه التنظيمات يقف “داعش”، الذي برع في استغلال الإنترنت والإعلام الرقمي سابقاً، واليوم يستعد لمرحلة جديدة قد تجعل من الخوارزميات محركاً لابتكار تكتيكات قتالية وتصميم عبوات ناسفة وتشغيل “وكلاء رقميين” قادرين على إدارة عمليات معقدة بشكل شبه مستقل.

من الافتراض إلى الواقع

منذ ظهوره عام 2014، عرف “داعش” بقدرته على استخدام الإنترنت والدعاية الرقمية لتوسيع قاعدته واستقطاب أنصار جدد حتى بعد هزيمته ميدانياً في العراق وسوريا. واليوم يحذر خبراء من انتقال التنظيم من مرحلة الافتراض إلى مرحلة الاستخدام العملي للذكاء الاصطناعي في مجالات التخطيط الدعائي وتنفيذ الهجمات. ويؤكد صامويل هانتر، مدير الأبحاث في المركز الوطني للابتكار بمكافحة الإرهاب في جامعة أوماها، أن “الجماعات المتطرفة لم تعد تختبر التكنولوجيا فقط، بل بدأت بالفعل في توظيفها على أرض الواقع”.

الدعاية الرقمية بوجوه افتراضية

يركز التنظيم حالياً على استغلال الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج محتوى دعائي سريع ودقيق، من أبرز أمثلته مقاطع فيديو يظهر فيها مذيعون افتراضيون يروّجون لرواية “داعش” حول هجمات مثل العملية الدامية قرب موسكو العام الماضي. وقد حملت هذه الحملة اسم “حصاد الأخبار”، وقادها عناصر من “ولاية خراسان” في أفغانستان. كما لجأ التنظيم إلى تعديل أعمال ثقافية غربية، مثل حلقات من مسلسل “Family Guy”، لتضمين رسائل متطرفة بشكل مموه.

الذكاء الاصطناعي وتخطيط الهجمات

القلق الأكبر يتجاوز حدود الدعاية، إذ تتزايد المؤشرات على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تطوير تكتيكات قتالية جديدة وابتكار أشكال متقدمة من العبوات الناسفة. ويُخشى أن يمثل “الذكاء الاصطناعي الوكيلي” (Agentic AI) نقلة نوعية، حيث يتيح للتنظيم إدارة عمليات معقدة بشكل شبه مستقل عبر التكيف مع البيانات اللحظية والأنماط التاريخية.

“وكلاء رقميون” ينفذون المهام

آدم هادلي، مؤسس منظمة “تكنولوجيا ضد الإرهاب”، يحذر من أن المرحلة المقبلة قد تشهد اعتماد التنظيم على أنظمة وكيلة تبحث عبر الإنترنت عن مواد متفجرة وتشتريها وترسلها إلى عناوين محددة دون تدخل بشري. ويقول إن “المهام التي كانت تستغرق مئات الساعات يمكن أن تُنجز في وقت قصير جداً، وهو ما يجعل الخطر واقعياً وملحاً”.

بين القاعدة وداعش.. تكنولوجيا الدعاية

استخدام التكنولوجيا الناشئة ليس جديداً على التنظيمات المتطرفة. فقد استفادت القاعدة من المنتديات غير الخاضعة للرقابة مع بدايات الإنترنت، بينما قدم “داعش” منذ عام 2014 نموذجاً مختلفاً عبر مقاطع فيديو عالية الجودة ومواد دعائية متعددة اللغات. ورغم سقوط “الخلافة” المزعومة عام 2019، بقيت بصمة التنظيم الإعلامية حاضرة، بل توسعت عبر فروع مثل “داعش-خراسان” وشبكات أفريقيا.

تحرك أميركي وتشريعات جديدة

أمام هذا الواقع، تقدم مشرعون أميركيون بمشروعات قوانين لمواجهة التهديد. فقد طرح النائب الجمهوري أوغست فلوجر مشروع “قانون تقييم مخاطر الإرهاب عبر الذكاء الاصطناعي التوليدي”، محذراً من أن هذه التكنولوجيا قد تتحول إلى سلاح بيد التنظيمات الإرهابية. وأشار إلى أن تنظيم القاعدة عقد بالفعل ورشات عمل لتعليم أعضائه كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك برامج لتوليد الدعاية واستقطاب “الذئاب المنفردة”.

قلق دولي وتحديات تنظيمية

لم يقتصر القلق على الولايات المتحدة، إذ أكد تقرير أممي في يوليو الماضي أن “داعش” وفروعه يواصلون اختبار الذكاء الاصطناعي في مجالات التجنيد والدعاية. وأشار التقرير أيضاً إلى أن حركة الشباب في الصومال استخدمت أدوات ترجمة آلية بالذكاء الاصطناعي لنشر رسائلها، بينما نشر “داعش” تعليمات لتفادي الرقابة عند استخدام منصات مثل “ChatGPT”.

ويؤكد الباحث غفار حسين من جامعة جورج واشنطن أن التنظيم يطور نشاطه في أربعة مسارات رئيسية: الروبوتات الحوارية، الذكاء الاصطناعي التوليدي والوكيلي، الألعاب الإلكترونية، والتحليلات التنبؤية.

ويحذر من أن منصات الألعاب مثل “Roblox” و”Minecraft” أصبحت بيئة جديدة لتسلل الدعاية الإرهابية، بينما تعزز أدوات التحليل قدرة التنظيم على استهداف الفئات الأكثر عرضة للتأثر برسائله.

ثغرات التشريعات الأوروبية

يرى حسين أن التشريعات الأوروبية مثل “قانون الخدمات الرقمية” و”قانون الأضرار على الإنترنت” تركز بشكل مفرط على مراقبة المحتوى، في حين أن المشكلة الجوهرية تكمن في الخوارزميات والمنتديات المظلمة غير المنظمة، وهو ما يجعل المواجهة أكثر تعقيدًا.