التعليم بالتنقيط.. هل تنجح نماذج التعلم اليومية بديلاً عن المناهج التقليدية؟

التعليم بالتنقيط.. هل تنجح نماذج التعلم اليومية بديلاً عن المناهج التقليدية؟

التعليم بالتنقيط.. هل تنجح نماذج التعلم اليومية بديلاً عن المناهج التقليدية؟

AI بالعربي – خاص

في عصر تزداد فيه سرعة الحياة وتتسارع فيه المتغيرات، لم يعد نموذج التعليم التقليدي وحده قادرًا على مواكبة احتياجات الأفراد. من هنا برز ما يُعرف بـ “التعليم بالتنقيط”، وهو أسلوب يقوم على تقديم جرعات معرفية صغيرة منتظمة في سياق الحياة اليومية، بهدف بناء تراكم معرفي مستمر دون الاعتماد على مناهج جامدة أو صفوف تعليمية مطوّلة.

يستند هذا النموذج إلى فكرة أن التعلم لا يجب أن يكون حدثًا منفصلًا عن الحياة، بل يمكن أن يحدث في أي وقت، عبر تطبيق أو بودكاست أو منشور مدروس. ويتجسد هذا النوع من التعلم في تجارب مثل “دقيقة يوميًا في علم النفس”، أو “كبسولة ريادة الأعمال”، أو حتى الدورات المصغرة التي تُرسل عبر البريد الإلكتروني على مدار أسبوع.

الميزة الكبرى لهذا النموذج تكمن في مرونته، إذ يُتيح للأفراد التعلم وفقًا لسرعتهم الخاصة، وضمن السياق الذي يعيشونه، دون الحاجة إلى تفرغ أو التزام مكاني وزمني صارم. كما أنه يستفيد من أدوات التحفيز القصير، مثل التنبيهات اليومية، والمكافآت الرقمية، والتكرار التفاعلي، ما يعزز من فرص تثبيت المعلومة.

بحسب دراسة أجرتها “جامعة كولومبيا للتعليم المستدام”، فإن المتعلمين الذين تلقّوا محتوى تعليميًا مقسّمًا على فترات قصيرة يومية احتفظوا بنسبة 42% أكثر من المعلومات مقارنة بمن تلقوا نفس المحتوى دفعة واحدة. هذا يدل على فاعلية التعليم بالتنقيط في تحسين التذكر والفهم على المدى الطويل.

لكن رغم ذلك، يواجه هذا النموذج تحديات حقيقية، أبرزها خطر السطحية. فالاعتماد على جرعات قصيرة قد يخل بترابط المفاهيم أو يمنع الغوص العميق في القضايا المعقدة. كما أن بعض المجالات، مثل الرياضيات أو الفلسفة أو القانون، تتطلب سياقات منهجية مترابطة يصعب تجزئتها إلى وحدات مبسطة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التعليم بالتنقيط ينجح عندما يكون مدعومًا بإطار أوسع يربط بين الأجزاء ويحدد الأهداف النهائية. بمعنى آخر، لا يكفي أن نتلقى معلومة كل يوم، بل يجب أن نعرف كيف تُسهم هذه المعلومة في بناء فهم شامل أو تطوير مهارة متكاملة.

ومع تزايد التطبيقات والمنصات التي تتبنى هذا النموذج، من “دولينغو” في اللغات، إلى “كورسيرا” في المهارات المهنية، يصبح السؤال الملح: هل سيحل التعليم بالتنقيط مكان المدارس والمناهج؟ أم أنه يبقى مكملًا ذكيًا يعيد تشكيل مفهوم التعلم الذاتي لا أكثر؟

ربما تكمن الإجابة في الموازنة، حيث يصبح التعليم بالتنقيط وسيلة لتقوية المعرفة اليومية، بينما تظل المناهج التقليدية حاملة للهياكل الكبرى للفهم. وبين هذا وذاك، يكتسب المتعلم قدرة جديدة على تشكيل تعليمه بنفسه، وفقًا لحاجاته وظروفه وسرعته الخاصة.

اقرأ أيضًا: غرف الأخبار الآلية.. عندما يكتب الذكاء الاصطناعي نشرات الأخبار دون مذيعين

 

Related Posts

وزير العدل: الذكاء الاصطناعي لن يحلّ محل المحامين والقضاة ودوره سيتركز في تحسين الإجراءات

AI بالعربي – متابعات أكد معالي وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني أن استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع العدالة لن يُلغي دور المحامين والقضاة، موضحًا أن القرار النهائي سيظل بيد المحاكم،…

“يان ليكون” يترك “ميتا” ليؤسس شركة ذكاء اصطناعي برؤية مختلفة

AI بالعربي – متابعات يخطو العالم “يان ليكون” خطوة جديدة في مسيرته. قرر ترك منصبه قائدًا لقطاع الذكاء الاصطناعي في شركة “ميتا”. يأتي ذلك بهدف تأسيس شركة متخصصة برؤية مختلفة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات

الذكاء الاصطناعي يؤجج حرب التضليل الإعلامي

  • نوفمبر 22, 2025
  • 49 views
الذكاء الاصطناعي يؤجج حرب التضليل الإعلامي

الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

  • نوفمبر 10, 2025
  • 154 views
الذكاء الاصطناعي أَضحى بالفعل ذكيًا

في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

  • نوفمبر 8, 2025
  • 154 views
في زمن التنظيمات: هل تستطيع السعودية أن تكتب قواعد لعبة الذكاء الاصطناعي؟

“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

  • أكتوبر 30, 2025
  • 179 views
“تنانين الذكاء الاصطناعي” في الصين وغزو العالم

الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

  • أكتوبر 12, 2025
  • 326 views
الذكاء الاصطناعي في الحياة المعاصرة.. ثورة علمية بين الأمل والمخاطر

حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law

  • أكتوبر 1, 2025
  • 407 views
حول نظرية القانون المشتغل بالكود “الرمز” Code-driven law