سر الذكاء الاصطناعي.. البيانات الضخمة مادة التحليل والتطوير

14

AI بالعربي – متابعات

تعدُّ البيانت الضخمة Big Data، المادة الثرية التي يعمل عليها الذكاء الاصطناعي خلال عمليات التحليل المختلفة، التي تستهدف الخروج بمعلومات ونتائج قيمة. ولأنّ التكنولوجيات الرائدة تتجاوز كل الحدود وتشكل جزءًا لا يتجزّأ من الحياة اليومية، فلقد صار الجميع مُطالب بوضع استراتيجيات وطنية تحقّق استفادة قصوى من البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، وتخفّف في الوقت نفسه من أي تهديد ينشأ عنها.

يُعتبر الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة أدوات أساسية لتسهيل التعامل مع مختلف أنواع البيانات المُجمعة، سواء كانت منظمة أو غير منظمة، من مصادر متعددة على الإنترنت. كما تُعد هذه الأدوات مهمة للعاملين في المجال الرقمي، حيث تساعدهم في بناء وتحليل استراتيجياتهم، مما يُسهم في تعزيز كفاءة أساليب الإنتاج وطرق العمل لديهم.

تشير البيانات الضخمة إلى مجموعات ضخمة من البيانات التي يصعب معالجتها أو تحليلها بالطرق التقليدية بسبب حجمها الكبير وتعقيدها. تأتي هذه البيانات من مصادر متنوعة، مثل الأجهزة الرقمية والمعاملات التجارية، وتتميز بثلاثة جوانب رئيسية: الحجم (Volume) والسرعة (Velocity) والتنوع .(Variety) تُستخدم التحليلات المتقدمة لاستخراج رؤى قيمة تُساهم في اتخاذ قرارات استراتيجية وتحسين العمليات التجارية.

أنواع البيانات

أولًا: البيانات الضخمة (Big Data)

تُعرف البيانات الضخمة على أنها كميات كبيرة من البيانات التي تستمر في النمو بمعدل متزايد مع مرور الوقت.

ثانيًا: البيانات المهيكلة وغير المهيكلة (Structured/Unstructured Data)

تنقسم البيانات إلى نوعين رئيسيين:

  • البيانات المهيكلة: هي نموذج بيانات محدد مسبقًا، مثل قاعدة البيانات التقليدية التي تعتمد على الأعمدة والصفوف.
  • البيانات غير المهيكلة :تعبر عن تنسيق لا يتناسب مع الهيكلية التقليدية، ويمكن أن تتضمن مقاطع فيديو، وصورًا، وملفات صوتية، ونصوصًا. وتُعتبر البيانات المهيكلة أسهل في الإدارة والتحليل مقارنة بالبيانات غير المهيكلة.

ثالثًا: البيانات الوصفية (Meta Data)

تشير البيانات الوصفية إلى شكل من أشكال البيانات التي تصف وتوفر معلومات حول البيانات الأخرى، والتي تمكّن محللي البيانات من تنظيم البيانات غير المهيكلة في فئات، مما يسهل التعامل معها، وتحليلها، واستخراج الرؤى القيمة منها.

رابعًا: البيانات اللحظية (Real Time Data)

يشير مصطلح البيانات اللحظية إلى البيانات التي تُقدم بمجرد الحصول عليها في الوقت الفعلي. ويكون هذا النوع من البيانات مفيدًا عندما تتطلب القرارات السريعة معلومات محدثة. على سبيل المثال، يمكن لوسيط البورصة استخدام مؤشر سوق الأسهم لتتبع الأسهم الأكثر نشاطًا في الوقت الفعلي، ومن ثَمَّ اتخاذ القرار بالتداول أو عدم التداول.

خامسًا: بيانات الآلة (Machine Data)

هذا النوع من البيانات يتم إنشاؤه بالكامل بواسطة الآلات والأنظمة دون تدخل بشري. وبفضل إنترنت الأشياء (IoT) وأجهزة الاستشعار والتقنيات الأخرى، يمكن إنشاء البيانات تلقائيًا بواسطة أنظمة المصانع، والآلات، وتكنولوجيا المعلومات، والبنية التحتية للاتصالات، والسيارات الذكية، والأجهزة المحمولة، وكل ذلك دون الحاجة إلى تعليمات بشرية.

من أين نحصل على البيانات الضخمة؟

  • تتولد بيانات من مدخلات الأنظمة الآلية، مثل السجلات الإلكترونية.
  • تشمل البيانات الناشئة معاملات البطاقات الائتمانية والمعاملات عبر الإنترنت بواسطة الأجهزة المحمولة.
  • تُلتقط بيانات من خلال شبكات أجهزة الاستشعار، مثل التصوير بالأقمار الصناعية وأجهزة استشعار المناخ.
  • تأتي البيانات من أجهزة التتبع، مثل البيانات الناتجة عن الهواتف المحمولة ونظام تحديد المواقع.
  • تتبع البيانات السلوكية يشمل البحث عن المنتجات ومرات مشاهدة المقاطع على الإنترنت.
  • تشمل بيانات استطلاعات الآراء التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي.

منصات تحليل البيانات الضخمة

تُعدُّ منصات معالجة البيانات الآنية والتحليلات ذات أهمية كبيرة للبيانات المستخرجة من مصادر متعددة. وتتميز منصات تحليل البيانات الضخمة بقدرتها على تنفيذ عمليات حسابية مكثفة قد تستغرق وقتًا طويلًا. في عصر يتسم بالتسارع في الخطوات والنتائج، تُعد معالجة البيانات ضرورة ملحة، حيث تتيح هذه التكنولوجيا التعامل مع الحجم الهائل، والسرعة العالية، والتنوع الكبير للبيانات، التي تتنوع بين عدد من المنصات:

  1. Hadoop: منصة مفتوحة المصدر تسمح بمعالجة البيانات الضخمة عبر أنظمة موزعة، وتتضمن مكونات مثل HDFS لتخزين البيانات وMap Reduce لمعالجة البيانات.
  2. Apache Spark: إطار عمل يتيح معالجة البيانات بسرعات عالية، وهو معروف بقدرته على تنفيذ المهام في الذاكرة، مما يجعله أسرع من “Hadoop Map Reduce”.
  3. NoSQL Databases: قواعد بيانات مثل “MongoDB” و”Cassandra” توفر قدرات تخزين مرنة وقابلة للتوسع لأنواع بيانات متنوعة وغير منظمة.
  4. Data Lakes: تقنية تسمح بتخزين البيانات في شكلها الأصلي، وغالبًا ما تستخدم في تجميع البيانات من مصادر متعددة وتسهيل التحليل اللاحق.
  5. Machine Learning Platforms: منصات مثل “Tensor Flow” و”Apache Mahout” تدعم التحليلات المتقدمة وتعلم الآلات لاكتشاف الأنماط والتوقعات من البيانات الضخمة.
  6. Cloud Solutions: حلول مثل “Amazon Web Services” و”Google Cloud Platform” و”Microsoft Azure” تقدم خدمات لمعالجة وتحليل البيانات الضخمة في السحابة، مما يوفر مرونة وقابلية للتوسع.

لكن.. ما سمات هذه البيانات الضخمة؟

بما أنّ هذه البيانت الضخمة يُعتمد في تحليلها على المنصات والأدوات التقنية السالف ذكرها، فلا بد أنَّ لها من الخصائص تستدعي التعامل معها.

  • الحجم (Volume)

يشير الحجم (Volume) إلى كمية البيانات المولدة والمخزنة، التي غالبًا ما تُقاس بتيرابايتات أو بيتابايتات. ينمو حجم البيانات بشكل مستمر نتيجة لمصادر متعددة، مثل معاملات الأعمال، وسائل التواصل الاجتماعي، وأجهزة الاستشعار. تتزايد هذه الكميات الكبيرة من البيانات نتيجة التقدم التكنولوجي واستخدام الأجهزة المتصلة.

  • السرعة (Velocity)

تعبر السرعة (Velocity) عن السرعة التي تتدفق بها البيانات إلى المؤسسات، مما يتطلب معالجة فورية. ويتم توليد البيانات بسرعة عالية من خلال النشاط الإلكتروني اليومي، مثل المعاملات عبر الإنترنت، والأجهزة المتصلة بالإنترنت. هذا التسارع في تدفق البيانات يجعل المؤسسات بحاجة إلى أنظمة فعالة لمعالجتها في الوقت الفعلي.

  • التنوع (Variety)

يشير التنوع (Variety) إلى أنواع وأشكال البيانات المختلفة التي يتم التعامل معها، بما في ذلك البيانات المنظمة، وشبه المنظمة، وغير المنظمة. ويتضمن هذا التنوع النصوص، والصور، والفيديو، والبيانات الصوتية، والبيانات الجغرافية المكانية. ويمثل التعامل مع هذا التنوع تحديًا إضافيًا للمؤسسات، مما يتطلب أدوات تحليل متقدمة للتعامل مع البيانات بشكل فعّال.

ما أهمية البيانات الضخمة؟

  • اتخاذ القرارات الأفضل بناء على المعلومات الناتجة عن تحليل البيانات الضخمة لكافة وحدات المنشأة أو المؤسسة.
  • اكتشاف الفرص غير المستغلة ونقاط الضعف المحتملة في كافة أعمال ووظائف المؤسسة، بناء على نتائج تحليل البيانات.
  • تمكين المعنيين من إيجاد حلول لما يكشف عنه تحليل البيانات الضخمة من مشكلات محتملة في بعض عمليات أو تعاملات وحدات المؤسسة إداريًا وفنِّيًّا.
  • زيادة فرصة منافسة المؤسسة على المزيد من مستويات التميز في المجال العاملة فيه، بناء على نتائج تحليل البيانات الضخمة التي تعتبر من الأصول المعرفية عن المؤسسة.
  • تمكين وحدات الجامعة من تقديم خدمات لكافة العملاء، وتحسين أي خلل بناءً على ملاحظاتهم.
  • زيادة فرصة صناعة قرارات واضحة وصحيحة، وزيادة قدرة تنبؤ المخططين “إدراة وأصحاب المؤسسة”.

التحديات والحلول في البيانات الضخمة

مع التقدم السريع في مجال البيانات الضخمة، تظهر مجموعة من التحديات التي تجب معالجتها لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه التكنولوجيا الحديثة.

  • إدارة البيانات

يتمثل أحد التحديات الرئيسية في تنظيم وإدارة البيانات غير المنظمة والمتنوعة بشكل فعال. والحل هو استخدام أنظمة مثل Hadoop وNoSQL، حيث توفر هذه الأنظمة قواعد بيانات مرنة وقابلة للتوسع تدعم تنوع البيانات.

  • الخصوصية والأمان

تعد حماية البيانات الحساسة من الاختراقات والتسرب من الأمور المهمة في عصر البيانات الضخمة .والحل يتضمن تطبيق سياسات أمان معززة، مثل التشفير وتحديد الوصول، بالإضافة إلى استخدام تقنيات متطورة للتعرف على التهديدات والتصدي لها.

  • تحليل البيانات

تظهر الحاجة الملحة لأدوات تحليلية متقدمة لمعالجة واستخراج رؤى من كميات هائلة من البيانات. والحل هنا هو اعتماد أطر عمل مثل Apache Spark، التي توفر معالجة سريعة وتحليلات في الوقت الفعلي.

  • نقص المهارات

يعتبر النقص في المهنيين المؤهلين لتحليل البيانات الضخمة من التحديات الكبرى. والحل هو تعزيز برامج التدريب والتعليم لتطوير مهارات تحليل البيانات في القوى العاملة.

  • التكاليف

تشكل التكاليف المرتفعة لتخزين ومعالجة البيانات الضخمة عائقًا أمام الاستفادة منها. والحل هو استخدام حلول السحابة العامة والخاصة، مما يساعد في تقليل التكاليف التشغيلية والرأسمالية.

  • التكامل

يعد دمج البيانات الضخمة مع أنظمة تكنولوجيا المعلومات القائمة من التحديات المهمة. والحل يكمن في تطبيق واجهات برمجة التطبيقات المتقدمة (APIs) ومنصات التكامل، التي تسهل المزامنة بين الأنظمة المختلفة.

 

في الختام، يُظهر الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة كيف يمكن للتكنولوجيا أن تُحدث تغييرًا جذريًا في معالجة المعلومات وتحليلها. وتُعتبر البيانات الضخمة موردًا أساسيًا يعزز من قدرات الذكاء الاصطناعي، مما يمكّن المؤسسات من الاستفادة من رؤى غير مسبوقة تدعم الابتكار وتحسن الكفاءة. ومن خلال وضع استراتيجيات مستدامة، يمكن ضمان استخدام أدوات تحليل البيانات الضخمة بشكل مسؤول وفعّال، مما يسهم في تحقيق استثمار وتطوير ضمن مسار الاستدامة.

اترك رد

Your email address will not be published.