سياسات الذكاء الاصطناعي والتعليم: مهام وآثار واعدة في ظل آمال اليونيسكو

42

AI بالعربي – متابعات

منذ صدور تقرير اليونيسكو عام 2021 حول إرشادات توظيف الذكاء الاصطناعي لواضعي سياسات التعليم، أصبح واضحًا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون محركًا أساسيًا لتحقيق تطور كبير في العملية التعليمية والسياسات المرتبطة بها. التقرير قدَّم بنية تنظيمية ومجموعة من التوجيهات لواضعي السياسات التعليمية حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وفعَّال في التعليم والمجالات المرتبطة. هذه التوجيهات تسلِّط الضوء على الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي، لكنها أيضًا تشير إلى ضرورة مواجهة التحديات الأخلاقية والمخاطر المصاحبة.

أسس الذكاء الاصطناعي لصانعي السياسات

يتناول التقرير عدة نقاط أساسية حول كيفية بناء أساس قوي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في السياسات التعليمية. ويشمل تعريف الذكاء الاصطناعي بشكل واضح، وشرحًا لأهمية التخصصات المختلفة المرتبطة به، مثل نظم التعلم العميق والشبكات العصبية، بالإضافة إلى شرح خصائص الذكاء الاصطناعي “الحسّية” و”المعرفية”.

في إطار الجهود التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة، تبرز أسس واضحة لتوجيه صانعي السياسات حول توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل آمن ومستدام. ويشمل ذلك تقديم تعريفات دقيقة لصانعي السياسات توضح مفهوم الذكاء الاصطناعي وخصائصه المتنوعة، مما يساعد على فهم عميق لأبعاد هذه التكنولوجيا وآفاقها. بالإضافة إلى ذلك، تؤكد المنظمة الطبيعة المتعددة التخصصات للذكاء الاصطناعي، حيث يتطلب تعاونًا بين مجالات كثيرة مثل: علوم الحاسوب، والفلسفة، والقانون، لضمان تكامل هذا الابتكار في جميع المجالات الحيوية.

آليات

كما تهتم المنظمة بعملية صنع السياسات، من خلال دمج التخصصات المختلفة في مراحل تطوير الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تطوير ذكاء “حسّي” و”معرفي”، وتوجيه النقاشات نحو أخلاقيات التخصصات المتداخلة. هذا يساهم في ضمان توافق التطورات التقنية مع المعايير الأخلاقية والإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، تُولي المنظمة أهمية كبيرة لفهم العلاقة بين الإنسان والآلة، ودراسة التأثيرات المتبادلة بينهما، سواء في سوق العمل أو في الحياة اليومية، لضمان تحقيق فوائد مستدامة وملموسة على المدى الطويل.

فهم الذكاء الاصطناعي والتعليم

تسلِّط اليونيسكو الضوء على أهمية إدماج الذكاء الاصطناعي في نظم التعليم الحديثة، بحيث يتم التركيز على أهمية التقييم المستمر للمخاطر والفوائد لضمان تحقيق الاستفادة القصوى من هذه التكنولوجيا. ويشمل ذلك تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة الفصول الدراسية، وتحسين تجربة التعلم، وتعزيز قدرات المعلمين في تطوير المناهج. ووُضعت خمسة تساؤلات رئيسة حول:

1-   ما الذي يمكن للذكاء الاصطناعي تحقيقه للأنظمة التعليمية؟

2-   كيف يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين التدريس وتعزيز التعلم.

3-   كيفية تقييم فوائد ومخاطر الذكاء الاصطناعي في التعليم؟

4-   كيف يمكن تفعيل الذكاء الاصطناعي للتعامل مع احتياجات الطلاب المتنوعة؟

5-   كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم العمل والتعليم المستمر؟

تطوير أهداف الذكاء الاصطناعي

تشير اليونيسكو إلى أهمية تبني استراتيجيات تعمل على دمج الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتؤكد ضرورة التعاون بين المؤسسات التعليمية والحكومات لضمان تحقيق التوازن بين الابتكار والاستدامة في هذا المجال.

وتُعتبر البيانات الكبيرة واحدة من الأدوات الأكثر تأثيرًا في تحسين نظم التعليم، حيث يُمكن للذكاء الاصطناعي استخدام هذه البيانات بشكل ذكي لتطوير استراتيجيات تعليمية مخصصة وفعّالة، تلبي احتياجات كل طالب بشكل فردي. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في تصميم استراتيجيات تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين في مجال التعليم، من خلال تحليل البيانات والأنماط التعليمية لتحديد الفجوات والعمل على معالجتها. ويُعزز الذكاء الاصطناعي أيضًا كفاءات المتعلمين والمعلمين على حد سواء، من خلال تقديم أدوات متقدمة تُساعد في تطوير مهارات التفكير النقدي والتحليلي. وعلى صعيد آخر، يُسهم الذكاء الاصطناعي في تمكين الأفراد من تحقيق طاقاتهم الكاملة، مما يعزز قدراتهم ويتيح لهم دورًا أكبر في التنمية المستدامة، مما يعكس أثره على وكالة التنمية وقدرتها على تعزيز المجتمعات بشكل مستدام.

 استنتاجات تأثير الذكاء الاصطناعي

من بين أهم البنود التي ركَّز عليها التقرير هي الاستنتاجات السياسية التي تعزز من تأثير الذكاء الاصطناعي في المجال التعليمي. وتتعلق هذه الاستنتاجات بتحديد أطر السياسات التي يجب أن توجه التطور في هذا المجال بما يضمن حماية حقوق الإنسان ويحقق الأهداف التعليمية المرجوة، لا سيَّما من قتراحات للتعديلات السياسية المُستدامة والمستمرَّة، وكذا دعم رؤية الذكاء الاصطناعي الدولي.

سياسات الذكاء الاصطناعي والتعليم

ذكر تقرير اليونيسكو أنَّ تنوُّع السياسات الشاملة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في التعليم بين البلدان والمناطق، يمكن تصنيفها عمومًا إلى ثلاثة مناهج رئيسة: مستقلة، ومتكاملة، وموضوعية.

  • النهج المستقل: يعتمد هذا النهج على إنشاء سياسات واستراتيجيات مخصصة لتطوير الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل عن السياسات التعليمية الأخرى. مثال على ذلك هو “خطة تطوير الذكاء الاصطناعي للجيل الجديد” التي أطلقتها الصين في عام 2017، وأيضًا الاستراتيجية الأوروبية لتطوير الذكاء الاصطناعي التي تم طرحها في عام 2018.
  • النهج المتكامل: يعتمد هذا المنهج على دمج الذكاء الاصطناعي في السياسات التعليمية أو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحالية. مثال على ذلك، برنامج “أبريندر كونيكتادوس” الذي أطلقته وزارة التعليم في الأرجنتين عام 2017، والذي يهدف إلى دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في التعليم.
  • النهج الموضوعي: يركز هذا المنهج على معالجة قضايا محددة تتعلق بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى حماية البيانات والخصوصية في ظل انتشار التكنولوجيا الحديثة في التعليم.

كل من هذه المناهج الثلاثة يعكس مستوى مختلفًا من التكامل بين الذكاء الاصطناعي والنظم التعليمية، ويعتمد على أولويات كل دولة أو منطقة في تبني هذه التقنيات لتحسين التعليم.

توصيات سياسات الذكاء الاصطناعي

تأتي توصيات اليونيسكو في النهاية لتوجيه واضعي السياسات إلى الخطوات الاستراتيجية التي يجب اتباعها لضمان تبني الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح وآمن. وتشمل هذه التوصيات تعزيز البنية التحتية التعليمية، وتطوير الأطر القانونية والأخلاقية التي تضمن استخدامًا فعّالًا ومسؤولًا للتكنولوجيا.

وشملت التوصيات ما يلي:

1-   رؤية على مستوى المنظومة والأدوات الاستراتيجية على مستوى التخطيط لتطبيق أي نظام تعليمي يقوم على الذكاء الاصطناعي، أو يستفيد من إحدى جنباته.

2-   إطار عمل قانوني وأخلاقي، يضمن الاستخدام الشامل والعادل للذكاء الاصطناعي في التعليم.

3-   تعزيز التعاون الدولي من أجل السير في طريق الذكاء الاصطناعي لتتوحد الجهود القائمة.

وختامًا، وضع التقرير نُصْبَ عيني واضعي سياسات التعليم القائم على الذكاء الاصطناعي جملة مفادها “أنَّ (AI)، ليس طلقة سحرية”، في ظل العديد من التحدِّيات السياسية والإقليمية والتنموية، وضرورة الوفاء بتوصيات مراعاة التخصص والحوكمة المشتركة بين القطاعات، والتي يجب أن تعمل جنبًا إلى جنب مع استخدام أكثر شمولية وعدالة وأخلاقًا.

اترك رد

Your email address will not be published.