الذكاء الاصطناعي يساهم في تسريع وصول عربات الإسعاف والمطافئ بأميركا

20

AI بالعربي – متابعات

تتزايد صعوبة بلوغ عربات الإسعاف والإطفاء مواقع الطوارئ في الولايات المتحدة بسبب البلاغات الكاذبة والاختناقات المرورية، وجدت البلديات التي تعاني ضغوطًا أن بإمكانها تفادي الازدحام بتقنية تعتمد على تحليل أنماط حركة المرور وتصنيف حالات الطوارئ.

صارت المدن الأميركية حقل اختبار للشركات الناشئة لتحسين زمن الاستجابة لمكالمات الطوارئ، كما أنها تعِد بتوفير المال في الوقت ذاته.

تستخدم مجموعة “سي 2 سمارتر C2Smarter” البحثية حساسات لتساعد سيارات الإطفاء على اختراق شوارع مانهاتن المزدحمة بشكل أسرع، فيما تستخدم “لايت Lyt” الذكاء الاصطناعي لتحديد متى يمكن تغيير إشارات المرور من الضوء الأحمر إلى الأخضر في سان خوسيه وسياتل، وذلك كي تتمكن المركبات التابعة للمدينة من الوصول إلى وجهاتها بسرعة أكبر.

وجدت شركة “إم دي آلاي MD Ally” سبيلاً لفرز المكالمات التي يتلقاها رقم الطوارئ 911 وإعادة توجيهها في فينكس وفي فورت مايرز بولاية فلوريدا كي لا تتعرض أقسام استقبال حالات الطوارئ في المستشفيات لفيض اتصالات عن حالات غير طارئة، فيما تسعى لتقديم الرعاية الطبية لمن يحتاجها.

أهمية الجهود

تتبع هذه الجهود اتجاهًا عامًا لمكاسب الإنتاجية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، وخفض تكاليف الشركات في أنحاء الولايات المتحدة، لكن في هذه الحالات، فإن النتائج الإيجابية من شأنها أن تنقذ أشخاصًا. في مدينة نيويورك وحدها، بلغ متوسط زمن الاستجابة في حالات الطوارئ نحو ثماني دقائق، أي أطول بأكثر من دقيقة مما كان عليه في 2013، فيما زاد زمن الاستجابة للحرائق أيضًا.

بدأ “سي 2 سمارتر”، وهو تكتل حاصل على تمويل من الحكومة الاتحادية يضم باحثين من سبع مؤسسات وترأسه كلية تاندون للهندسة بجامعة نيويورك، العمل على إنشاء ما يُسمى بتوأم رقمي لبعض شوارع حي هارلم في مانهاتن، وذلك لمحاكاة حركة المرور وأنماطها بغرض تحسين زمن استجابة فرق الإطفاء.

قالت لورا كافاناه، مفوضة الإطفاء في مدينة نيويورك: “نعلم أن حركة المرور تزداد سوءًا، فهي تؤثر على الخدمات الطبية الطارئة وزمن الاستجابة للحرائق، ونود أن نفهم أسباب ذلك بشكل أفضل. كيف يمكننا أن نقدم توصيات لو لم نفهم السلوك البشري وراءها؟ ليس فقط الأماكن التي تزداد فيها حركة المرور سوءاً بل أيضًا ما يؤثر عليها وما يخفف من حدتها”.

تقنيات متطورة

تعتمد التقنية التي تستخدمها “سي 2 سمارتر” على بيانات من حساسات في الشوارع لتحليل الطرق التي باتت أكثر ازدحاماً في السنوات الأخيرة بسبب الدراجات الكهربائية المستخدمة لتوصيل الطلبات وشاحنات شركة “أمازون” وأكشاك المطاعم على الأرصفة. بإمكان التقنية أن تبلغ العربات بأفضل الطرق التي ينبغي أن تسلكها للوصول إلى موقع الحريق.

يأمل جوزيف تشو، كبير الباحثين، في إجراء محاكاة آنية، وذلك مثلاً لاختبار أي مركبة قد تكون في أفضل موقع لتستجيب لحالة طوارئ. وقد لا تكون تلك المركبة هي الأقرب للموقع، حسب تقلبات حركة المرور اليومية.

قال تشو، الذي يعكف فريقه على ترتيب كل البيانات لتدريب نظام التنبؤ بالحركة المرورية المعتمد على الذكاء الاصطناعي: “نحن ما نزال في مرحلة التجارب الآن. ينبغي أن يكون لدينا شيء ملموس بقدر أكبر” بحلول الصيف.

بعد تأسيسها في 2016، بدأت شركة “لايت” نشاطها عبر مساعدة حافلات المدينة في اجتياز خط سيرها بسرعة أكبر، لكن تقنية “أولوية إشارة العبور” الخاصة بالشركة يمكن تطبيقها على مركبات المستجيب الأول أيضًا. بدأ تيم مينارد، مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي، حياته المهنية كمهندس في “تويوتا” ولاحقًا في “تسلا”، وكان يعمل على أجهزة محاكاة الحركة المرورية والسيارات الذكية. قال مينارد إن ما كان يدور في خلده آنذاك هو: “إذا استطعنا فقط أن نأخذ تلك التقنية إلى المدن، يمكننا أن نغير شكل حركة المرور للجميع”.

تجارب ناجحة

أسس مينارد نظامًا للربط بين الحساسات التي تتتبع مركبات المدن والبرمجيات التي تتحكم في إشارات المرور، إذ يمده بالبيانات الآنية عن أوضاع الطرق، التي يحللها الذكاء الاصطناعي الخاص بـ”لايت” بدوره لتعديل توقيت الإشارات الحمراء والخضراء ومساعدة الحافلات على الوصول إلى محطتها التالية بسرعة.

بل يمكن حتى تطبيق النظام، الذي يتعلم الأنماط المختلفة من خلال أداء مهامه، على جرافات الثلج الخاصة بالبلديات. بدأت سان خوسيه تجرب استخدام “لايت” في عدد محدود من خطوط سير الحافلات في 2018، ثم تلتها سياتل وبورتلاند وأوريغون وغيرها من المدن.

انخفض عدد الساعات التي توقفت فيها الحافلات بانتظار الإشارات الخضراء في سان خوسيه وبورتلاند بواقع 9107 ساعات، أي ما يوازي 54 أسبوعًا. هذا إلى جانب أن تقليص فترات وقوف المركبة أثناء تشغيل المحرك وفر الوقود أيضًا بما بلغ 569 ألف دولار في هاتين المدينتين فحسب خلال 2023، وقلص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

على مدى العامين المقبلين، تعتزم سان خوسيه أن توسع نطاق استخدام “لايت” بحيث يشمل 242 تقاطعاً إضافياً، فيما تستخدمه مدينة تورونتو الآن لتحسين مسارات جرافات الثلج. قال مينارد: “الأمور تسير بسلاسة حاليًا”.

مكالمات غير طارئة

لكن حركة المرور ليست العامل الوحيد الذي يؤخّر وصول سيارات الإسعاف والإطفاء. قالت شانيل فيلدز، رائدة الأعمال التي أسست “إم دي آلاي” والتي كان والدها يتطوع للعمل كتقني طبي في حالات الطوارئ، إن نحو نصف المكالمات البالغ عددها 240 مليون مكالمة التي يتلقاها رقم الطوارئ 911 سنويًا ليست طارئة.

أتاح ذلك لفيلدز الاطلاع على منظومة رقم الطوارئ في الولايات المتحدة في مرحلة مبكرة من حياتها، وهي أنظمة تعاني في مناطق مختلفة من البلاد من نقص الموظفين وعبء المكالمات غير الطارئة التي تأتي من أناس لا يعلمون متى ينبغي أن يلجأوا للنظام، أو أنهم يعتمدون عليه لتلبية احتياجات الرعاية الصحية المعتادة.

قالت فيلدز، التي حصلت على درجة ماجستير إدارة أعمال من كلية وارتون في جامعة بنسلفانيا في 2019: “911 هو أول رقم نتعلمه كأطفال، ويستخدمه كثير من الناس للحصول على الرعاية التي يحتاجونها. لذا اتسع نطاق خدمة 911 ليشمل تقديم الرعاية للتجمعات السكانية بشتى الأشكال، وليس هناك سوى خيار استجابة واحد فقط، وهو الطوارئ”.

تتسبب المكالمات غير الضرورية في اكتظاظ أقسام الطوارئ في المشافي بحشود من أناس ليسوا بحاجة لأن يتواجدوا فيها. ارتفع معدل الازدحام في قسم طوارئ مستشفى ماساتشوستس العام إلى مستويات حرجة على أساس يومي تقريباً على مدى 16 شهرًا الماضية، ما أدى إلى ما وصفه دايفيد براون، رئيس المستشفى، بأنه “أزمة مكتملة الأركان” تتهدد رعاية المرضى. وأخيرًا، تبلغ تكلفة استخدام عربات الإسعاف وزيارات قسم الطوارئ غير الضرورية ما يُقدّر بنحو 31.5 مليار دولار سنويًا.

خدمات إنسانية

يتكامل برنامج “إم دي آلاي” مع نظام الإرسال في رقم الطوارئ 911 وأنظمة سجلات المرضى الإلكترونية لتحويل المكالمات غير العاجلة إلى جلسة للاستشارات الصحية عبر الفيديو. في هذه الجلسة، يتواصل المتحدث مع طبيب طوارئ لمدة تصل إلى ساعة، يناقش خلالها التاريخ المرضي والأدوية لتحديد خطة علاج أو ضرورة الإحالة إلى أطباء متخصصين.

قالت فيلدز: “نحن نرد على الهاتف خلال 15 ثانية ونوصّل المتصل بشخص يتحدث إليه خلال 15 دقيقة”. بعد ذلك، يتابع “موظف مختص بالرعاية” من “إم دي آلاي” مع الشخص المتصل لحجز المواعيد، ويمكن حتى أن يحجز له رحلة عبر تطبيق “أوبر” من أجل الزيارة. يختلف ثمن هذه الخدمات من ولاية لأخرى ويعتمد على التغطية التأمينية للمريض.

تقدم “إم دي آلاي” خدماتها حاليًا لأكثر من خمسة ملايين شخص في أريزونا وكاليفورنيا وفلوريدا، وهناك أكثر من 12 تجمعًا سكانيًا على قائمة الانتظار. تتلقى مقاطعة لي في فلوريدا، التي تشمل مدينة فورت مايرز، نحو 350 مكالمة طوارئ يومياً. كانت المقاطعة تعتمد على شبكة محلية للمستشفيات لتقديم خدمات الرعاية الصحية عن بُعد، لكن مكالمات الأشخاص الذين كانوا خائفين من دخول المستشفيات انهالت على الخدمة بشدة خلال الجائحة.

قال كولين جونسون، نائب رئيس قسم الخدمات الطبية الطارئة في مقاطعة لي: “أستحسن في “إم دي آلاي” هو أن لديها ذلك النظام الشامل الذي يعمل مع أي وكالة”. لكن اللمسة الإنسانية أثارت إعجاب جونسون أكثر من التقنية، مثلًا حين أوصلت فيلدز بنفسها دواءً لمريض في منزله ثم تعاونت لاحقاً مع مسؤولي الولاية لنقله إلى أحد المرافق لرعايته. قال جونسون: “كان ذلك الشخص يتواصل بين خمس وسبع مرات يوميًا. لكننا لم نتلق منه أي مكالمة منذ ذلك الحين، وهنا تكمن أهميتها”.

اترك رد

Your email address will not be published.