تبني البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لخلق مدن ذكية أكثر كفاءة واستدامة

55

فدوى سعد البواردي

البيانات لها دور هام في تطوير وإدارة وتحقيق أهداف المدن الذكية، حيث تتبنى المدن الذكية أحدث التطورات في مجال التكنولوجيا والاتصالات.  ويتم تطوير هذه المدن الذكية تقنياً بفضل استخدام التقنيات الحديثة في جمع وتحليل البيانات الضخمة او ما يُعرف بمصطلح Big Data وكذلك تعزيز كفاءة الخدمات الحضرية المختلفة.  لذلك، فإن البيانات تعتبر من أهم عناصر بناء المدن الذكية، وتحسين جودة الحياة وزيادة الكفاءة في استخدام الموارد. ويمكن للبيانات أن تسهم في تطوير المدن الذكية من خلال العديد من الطرق لتحسين النقل وتوفير الطاقة وتعزيز الأمن والصحة والتعليم وتحسين الخدمات العامة الأخرى.

وبداية، يمكن للبيانات تطوير المدن الذكية من خلال جمع وتحليل البيانات، ثم يمكن للجهات الحكومية والقطاع الخاص اتخاذ قرارات أفضل بشأن تخطيط المدن وإدارتها.   وبشكل عام، يمكن استخدام البيانات لتحسين حركة المرور وتقليل الازدحام، وكذلك لتحسين إدارة الطاقة والموارد في المدينة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام البيانات لتحسين الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والتعليم. ومن خلال هذا الاستخدام الذكي للبيانات، يمكن تحسين جودة الحياة في المدن وتحقيق الاستدامة والكفاءة في استخدام الموارد.

 وتوجد الكثير من الأمثلة التفصيلية على كيفية استخدام البيانات في المدن الذكية..

اولا، تحسين خدمات النقل، حيث يُمكن جمع البيانات من أجهزة الاستشعار في الطرق، والكاميرات، والخرائط الجغرافية، وتطبيقات الهاتف المحمول لمراقبة حركة المرور وتدفقها في المدن.  ويمكن تحليل هذه البيانات، من خلال الذكاء الاصطناعي، للتنبؤ بحالة الطرق، وزمن وصول وسائل النقل العام، والتنبؤ بتأخرها، وتحسين جداولها، وكذلك التحكم في إشارات المرور لتقليل الازدحام المروري، وتقديم توجيهات دقيقة لتحسين تدفق السير وتقليل الازدحام.

ثانيا، توفير الطاقة، حيث يُمكن استخدام أجهزة استشعار الطاقة والمياه لتجميع البيانات حول استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون في المدن.  ويمكن استخدام هذه البيانات لتحليل الاستهلاك وأنماطه، وتحديد الفرص لتحسين كفاءة استخدام الموارد وتوجيه الموارد بفعالية، مما يؤدي إلى توفير الطاقة وتقليل التكاليف.  ويمكن جمع بيانات استهلاك الطاقة من الأجهزة المنزلية وأماكن العمل ومناطق الإنارة العامة في الطرق، ثم تحليل هذه البيانات لتحديد الأوقات الأكثر استهلاكا للطاقة، ومعرفة أيضا الأجهزة الأكثر استهلاكا.  وتساعد هذه النتائج في التخطيط لحملات توعية بهدف توفير الطاقة وتطوير حلول تقنية تساهم في تقليل استهلاك الطاقة، مثل استخدام البيانات لتطوير أنظمة الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه.

ثالثا، تعزيز الأمن والأمان، حيث يُمكن استخدام أجهزة استشعار الأمان وكاميرات المراقبة لجمع البيانات حول الجرائم والحوادث المتوقعة في المدن. ويمكن استخدام هذه البيانات لتحليل أنماط الجرائم، وكذلك تحديد المناطق المحتملة لحوادث المرور، والتي يمكن تحسينها لتعزيز الأمان العام.  وبمعنى اخر، فيما يتعلق بالأمن، يمكن للبيانات أن تسهم في تعزيز أمن المدن وحماية سكانها من خلال تحليل الأنماط الغريبة والتعرف على نشاطات الاشتباه المحتمل. ويمكن أيضا تحليل بيانات الشبكات الاجتماعية واستخدام خوارزميات التعلم الآلي للحصول على معلومات أمنية قيمة.   وبالإضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز الأمن بالتعاون مع أجهزة الإنذار المبكر ورصد الحرائق، يمكن استخدام البيانات لتحسين استجابة الطوارئ وتعزيز الأمان الشامل في المدن.

رابعا، تحسين خدمات الصحة، حيث يُمكن جمع البيانات الصحية من مصادر مختلفة مثل المستشفيات والعيادات والأجهزة الصحية الذكية والأجهزة المحمولة وكذلك الأجهزة الطبية الذكية او ما يعرف بمصطلح smart wearable devices  والتي يتم ارتدائها في المنازل، لمتابعة صحة المواطنين، خاصة المرضى وكبار السن. وتحليل هذه البيانات يساعد في رصد المؤشرات الصحية مثل ضغط الدم ونسبة السكر في الدم ومعدل ضربات القلب، وتوفير الرعاية الصحية اللازمة للمرضى في حالات الطوارئ.  وبمعنى اخر، يُمكن استخدام البيانات في تعزيز جودة الحياة وصحة السكان وتحسين خدمات الرعاية الصحية.  كما يُمكن تحليل هذه البيانات لتحديد الأمراض الشائعة ونطاق انتشارها وتطوير برامج وقائية وعلاجية فعالة حيالها، وكذلك ومن خلال الذكاء الاصطناعي، يُمكن توقع نسب حدوث الأوبئة المستقبلية والمشاكل الصحية العامة الأخرى، قبل حدوثها.

خامسا، تسهم البيانات في تعزيز الاستدامة والبيئة، عن طريق مراقبة الجودة البيئية وتحليل البيانات البيئية، حيث يتم اتخاذ إجراءات للحفاظ على البيئة وتحسين النمط الحيوي في المدن، وذلك من خلال رصد ومراقبة البيئة، من خلال جمع البيانات، وتحديد المشكلات المحتملة والمستجدة، وتشمل مراقبة جودة الهواء والمياه والتربة وتتبع الظواهر البيئية الأخرى مثل تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، وغيرها من العناصر.

كما يُمكن التوعية البيئية وتحسين أداء الشركات، من خلال تحليل البيانات، وذلك في تحديد الممارسات غير المستدامة وتحسين أدائها البيئي خاصة أثناء عمليات سلاسل الإمداد والتصنيع.  ومن خلال تحليل البيانات، يمكن للشركات تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وتطوير استراتيجيات للتحول إلى أنماط عمل أكثر استدامة،وكذلك تقييم تأثير السياسات الحكومية المحتملة على البيئة وتوجيه اتخاذ القرارات حيالها.

سادسا، في مجال إدارة النفايات، يُمكن استخدام البيانات في تحسين عمليات جمع النفايات وإدارتها. فمن خلال جمع البيانات عن حجم النفايات ومعدلات توليدها في مناطق مختلفة من المدينة، يمكن التوصل إلى توزيع فعال لنقاط تجميع النفايات وتحديد أفضل طرق للتخلص منها، حسب أنواع تلك النفايات. كما يُمكن استخدام البيانات لتطوير أنظمة تحويل النفايات إلى طاقة مستدامة والتقليل من استخدام المكبات الصحية.

سابعا، في مجال التعليم، يُمكن للبيانات أن تساعد في تحسين عمليات التعلم من خلال جمع البيانات عن أداء الطلاب ومستوياتهم واهتماماتهم، ثم تحليلها لتطوير برامج تعليمية مخصصة تلبي احتياجات الطلاب. كما يمكن استخدام البيانات في توفير التوجيه المهني للطلاب وتشجيع الابتكار في المجال التعليمي. وبهذه الطرق، تساهم البيانات في تحسين جودة حياة سكان المدن الذكية وتحقيق التنمية المستدامة.

المصدر: مال

 

اترك رد

Your email address will not be published.