متاحف باريس تستخدم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة لاستقطاب الشباب

22

AI بالعربي – متابعات

تلجأ المتاحف في باريس إلى التجارب الغامرة والذكاء الاصطناعي بهدف استقطاب الفئة الشابة، لكن من دون تخليها عن التجربة التقليدية للزوار في الاطلاع على الأعمال الفنية. وفي حديث معها، تقول كلويه سيغانو، وهي رئيسة قسم العروض الحية في مركز بومبيدو الذي يشكل متحفا كبيرا للفن الحديث وجهة ثقافية رائدة في استخدام التقنيات الجديدة، إنها “لغة الأجيال الجديدة، من ولدوا في ظل العصر الرقمي ويعتبرون أن ثمة نقصا ما في أي صالة لا تضم تكنولوجيا حديثة”. وفقًآ لما نشرته صحيفة العرب.

وبينما يخصص عدد من المراكز الثقافية الخاصة على غرار “لاتولييه دي لوميير” التكنولوجيات الحديثة، وتنكب على تطوير معارضها الرقمية العملاقة في مختلف أنحاء العالم، لا تستخدم التقنيات الحديثة بشكل متواصل في المراكز الرسمية. بدأ متحف اللوفر يستخدم التقنيات الحديثة بصورة محدودة في العام 2019، مع اعتماد تقنية للواقع الافتراضي جعلت ليوناردو دافينشي يتحدث عن موناليزا وأعماله الأخرى. ومنذ أكتوبر، بات بإمكان زوار أكبر متحف في العالم اكتشاف بعض الأعمال المصرية القديمة باستخدام هواتفهم الذكية واستنادا إلى تقنية الواقع المعزز، ما أتاح إضافة معلومات بشكل مباشر إلى العمل الأصلي.

بفضل خوذة الواقع المعزز، تمكن مركز بومبيدو في العام الماضي من توعية الرأي العام الفرنسي والعالمي على قصة الناشطة في الحقوق المدنية بالولايات المتحدة كلوديت كولفين، وهي أول أميركية من ذوي البشرة السوداء ترفض التخلي عن مقعدها في الحافلة لصالح شخص أبيض، قبل روزا باركس.

وتمت رواية قصتها من خلال صور مجسمة أُعيد فيها إحياء شخصيات من حياتها في ألاباما خلال خمسينيات القرن العشرين. ويشرح أوغو دانتيز من شركة “هولوفورج إنترأكتيف” كيف أتاحت شركته بفضل تقنية الواقع المعزز، “إعادة اكتشاف كازينو فيلا ماسينا في نيس، أو دار بوانكاريه للرياضيات في باريس أو موقع لاليبيلا المسيحي الإثيوبي المدرج على قائمة اليونسكو للتراث

ولا يفصل دانتيز هذه التقنية “بصورة تامة عن الواقع”، مبديا أمله في استخدامها يوما ما في قصر فرساي. وتقول ماريون كاريه، رئيسة ومؤسسة مشاركة في شركة “أسك مونا” الناشئة والرائدة في الذكاء الاصطناعي الخاص بالثقافة، إن العالم شهد محطة مفصلية يمكن تلخيصها بـ”ما قبل تشات جي بي تي وما بعده”. وتشير إلى أن الشركة طورت “أول دليل صوتي يجيب مباشرة على أسئلة الزائر”، وهو “متوفر حاليا في المتحف الوطني للفنون الجميلة في كيبيك”.

يقول فالانتان شميت، المدير العام لـ”أسك مونا” التي توفر قطعا مغناطيسية تتيح للشخص التواصل كتابيا أو شفهيا مع نحو 30 شخصية تاريخية من خلال مسح رمز استجابة سريعة عبر هاتفه الذكي، إن “التجربة الغامرة والتقنيات الجديدة لا تحل قط مكان المعاينة التقليدية للعمل الفني، لكنها تعزز من تجربة المتاحف وتستقطب جمهورا جديدا”.

ويُعتمد هذا “المحتوى البسيط والقابل لإعادة الإنتاج” منذ العام 2017، في نحو مئتي متحف في العالم، بينها متحف اللوفر ومركز بومبيدو والكولوسيوم في روما، بحسب شميت. في متحف أورسيه الذي ركب عددا كبيرا من الأجهزة خلال معرض مخصص لأيام فنسنت فان غوخ الأخيرة، يتم التركيز على هدف واحد هو “أن يكون تم التحقق علميا من كل تجربة غامرة” وأن “يُحترم التوازن المالي للمتحف”.

وسيجدد المتحف التجربة في مارس من خلال تجربة انغماس مدتها 45 دقيقة خلال افتتاح المعرض الانطباعي الأول، عبر استخدام خوذات الواقع الافتراضي. وفي هولندا، يحذو متحف هيلفرسوم حذو المتاحف الأخرى، لكن عن طريق تقنية التعرف على الوجه، مقدما لزواره تجربة مخصصة لكل واحد منهم. فيمكن لكل شخص إنشاء ملفه الخاص. وتقول مديرة المتحف كارن دروست، في حديث إلى وكالة فرانس برس، “يتم التقاط صورة للزائر مع توفيره عنوان بريده الإلكتروني وتاريخ ميلاده واهتماماته الخاصة، من أجل إتاحة زيارة مخصصة بالكامل له” عبر هاتفه الذكي.

يستخدم عدد متزايد من المتاحف التكنولوجيا التفاعلية، مثل شاشات اللمس والواقع الافتراضي والمُعزز والتطبيقات ورموز الاستجابة السريعة والعديد من المتاحف الأخرى لجعل عروض المعلومات بسيطة ومباشرة. تتخذ نسبة متزايدة من الزوار قرارات بناءً على معروضات المتحف المحسّنة رقميًا. وتستخدم المتاحف تقنية تدفق الزوار لفهم كيفية تفاعل الزوار مع شاشات العرض الخاصة بهم بشكل أفضل. من خلال تقديم محتوى يطابق الاهتمامات ومساعدة المتاحف في تنظيم مجموعاتها بشكل أفضل لتلبية احتياجات زوارها، يتم استخدام البيانات لتعزيز التجربة السياحية.

وقد تطور الذكاء الاصطناعي في المتاحف بشكل كبير. فساهم في إشراك الجمهور داخل وخارج جدران المتاحف، وحسن من الطريقة التي يتلقى بها الناس المعلومات بشكل أكثر يسر وتبسيط ونجاعة. وتواصل باريس تطوير أفكار جديدة للتطبيقات لجعل زيارة المتاحف أبسط وأكثر متعة، ولتحسين الأنظمة بما يمكن من توفير الوقت والمال على المتاحف.

وللذكاء الاصطناعي تأثير كبير على دراسة مجموعات المتحف وتفسيرها. فيمكن تحليل كميات هائلة من البيانات باستخدام خوارزميات التعلم الآلي لاكتشاف الروابط والأنماط التي لم يلاحظها الباحثون على الفور. قد ينتج عن هذا تصورات وتعلم جديد يساعد المتاحف في فهم خصائصهم ووضعها في سياقها، ولكن هذا التمشي لا يأتي وفق القائمين على المتاحف على حساب العنصر البشري والتجربة الملموسة.

اترك رد

Your email address will not be published.