وقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة البرمجيات الأميركية سيلزفورس، أنه رغم ‏التفاؤل بقدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي في العالم المهني، فإن 62 بالمئة من الموظفين المكتبيين الذين تم استطلاعهم، أكدوا أنهم لا يملكون المهارات اللازمة، لاستخدام هذه التكنولوجيا العصرية بشكل فعال وآمن.

وتأتي هذه النتائج في أعقاب دراسة جديدة أيضاً، كشفت أن موظفا واحدا فقط من أصل كل 10 موظفين على مستوى العالم، يمتلك المهارات الضرورية المطلوبة لاستخدام الذكاء الاصطناعي.

وهذا النقص في المهارات الذي تعاني منه الشركات في العالم، أدى إلى لجوئها إلى سوق العمل التكنولوجي الحر، وإلى تسليط الضوء على دور “خبير الذكاء الاصطناعي”، الذي بات ومنذ عشرة أشهر، يُعدّ منصباً جديداً ومثيراً في سوق الوظائف الحرة، حيث تشهد منصات التوظيف، طفرة في إعلانات الوظائف وعمليات البحث التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

ازدياد البحث في موقع “لينكد إن”

ووفقاً لما نقلته شبكة CNBC عن موقع “لينكد إن”، فإنه ومنذ أن ظهر الذكاء الاصطناعي التوليدي، لأول مرة على الجمهور في نوفمبر 2022، تستمر عمليات بحث أعضاء الموقع، حول المصطلحات العامة للذكاء الاصطناعي في النمو، كما أن إعلانات الوظائف باللغة الإنجليزية على الصعيد العالمي، والتي تشير إلى ” GPT ” أو “ChatGPT” زادت بمقدار 21 ضعفاً منذ نوفمبر 2022، في حين زادت الوظائف الإنتاجية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي على منصة Fiverr، بنسبة 250 بالمئة تقريباً، من يوليو 2021 إلى يوليو 2023.

ومع بحث أصحاب العمل بشكل متزايد، عن المواهب التي لديها معرفة بكيفية الاستخدام الفعال لتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة، يبقى السؤال ما هي وظيفة ومهام “خبير الذكاء الاصطناعي”، التي زاد الطلب عليها مؤخراً؟ وما هي المهارات التي يجب على الفرد امتلاكها كي يصبح خبيراً في الذكاء الاصطناعي؟

أعلى سلّم أولويات الشركات

وتقول ديانا عراجي، وهي الرئيسة التنفيذية لشركة The Business Horizons للتدريب والاستشارات، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الذكاء الاصطناعي التوليدي بات في أعلى سلم الأوليات بالنسبة للشركات، فهذه التكنولوجيا التي تشهد انتشاراً حالياً، ستكون ركيزة لازدهار الأعمال في المستقبل، حيث إن مهام خبراء الذكاء الاصطناعي، هو إيجاد طرق مبتكرة وفعالة لإدخال ودمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في روتين الشركات، مشيرةً إلى أنه حالياً لا يوجد ما يكفي من الأفراد المدربين، لمساعدة الشركات والمؤسسات على تطوير أعمالها، بما يتماشى مع التوجهات في السوق، ومن هنا تكمن أهمية المختصين وخبراء الذكاء الاصطناعي.

وبحسب عراجي فإن التخصص في الذكاء الاصطناعي يتفرَّع من تخصص علم الحاسوب، حيث تشمل دراسة هذا التخصص، مواد تحليل الأنظمة والخوارزميات، ودراسة أجهزة الحاسوب والبرمجيات، والعمليات المعقّدة، كما تشمل التمتع بمهارات التخطيط، والتنظيم، وتصميم لغة البرمجة، ومعالجة البيانات، لافتاً إلى أن علم الحاسوب يعتبر من الأساسيات المعرفية، للتخصص في الذكاء الاصطناعي الذي يتركَّز محتواه الدراسي حول التعرُّف على الأنماط التقنية، والشبكات العصبية، وأنظمة التصنيع، وأنظمة الروبوت، والاستخراج والتنقيب عن البيانات والهندسة، والتعلُّم الآلي وتكنولوجيا اللغات التي يتحدث بها الإنسان وغيرها الكثير من المواد العلمية.

وترى عراجي أن خبراء الذكاء الاصطناعي، باتوا ذات قيمة كبيرة بالنسبة للشركات والصناعات، التي ترغب في أن تكون في طليعة مستخدمي الأساليب الجديدة للذكاء الاصطناعي، وببساطة يمكن القول إن خبير الذكاء الاصطناعي، هو الشخص الذي يفهم الأنواع المختلفة من التكنولوجيا، والأدوات المتاحة في القطاع، ويعمل مع الشركات والمنظمات لاكتشاف طرق جديدة ومبتكرة، لتطبيق هذا النوع من التكنولوجيا في عملياتهم اليومية، مشددة على أن هؤلاء يجب أن تكون لديهم خلفية قوية في علوم الكمبيوتر، وأن يعملوا جاهدين للبقاء على اطلاع بما يجري في هذه الصناعة.

ما المطلوب من خبير الـ AI؟

وتكشف عراجي أنه إضافة إلى شهادة “علم الحاسوب”، التي يجب على خبير الذكاء الاصطناعي اكتسابها، يجب عليه إظهار أن لديه مهارات في كيفية تدريب الآخرين، على استخدام برمجيات الذكاء الاصطناعي في مكان العمل، مشيراً إلى أن فرص الأعمال لخبراء الذكاء الاصطناعي، ستكون متاحة في الوزارات والمدارس والجامعات والمراكز البحثية والشركات والمؤسسات الصناعية والمؤسسات المهنية والمؤسسات الفنية، وغيرها الكثير، إذ سيصبح استخدام الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية أمراً شائعاً، مع تبني المزيد من الصناعات هذه التكنولوجيا بشكل منتظم.

توجه رئيسي في السوق

من جهتها تقول خبيرة شؤون التوظيف رجاء خالد، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن الطلب على الخبراء المستقلين في مجال الذكاء الاصطناعي سيستمر في النمو، وسيغدو توجّهاً رئيساً في السوق خلال السنوات القليلة المقبلة، في ظل المشهد المتطور، حول مدى تأثير الذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال والصناعة، مشيرة إلى أن قيمة تقنية الذكاء الاصطناعي، تكمن في كيفية دمجها بكفاءة وبما يتناسب مع كل قطاع على حدة، ولكن الأمر المهم الآن هو كيفية سد الفجوة التي تتمثل في نقص المهنيين الذين يتمتعون بمهارات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى افتقار الكثير من الموظفين للمهارات المطلوبة لكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل فعال في مكان العمل.

وترى خالد أن التغلّب على هذه العقبات مسألة وقت فقط، حيث سيكون دور خبراء الذكاء الاصطناعي المستقلين، هو تهيئة الشركات من أجل الاستخدام الفعال لتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة، وتعزيز الإنتاجية، إضافة إلى إعداد قوى العمل وتدريبها، على التعامل مع التكنولوجيا الجديدة، لافتة إلى أن وظيفة “خبير في الذكاء الاصطناعي”، هي وظيفة ناشئة تحتاج لذكاء البشر، وتتطلب معرفة عميقة بخوارزميات التعلم الآلي، والتعلم العميق، والكثير من الأشياء التقنية، حيث هناك فرصة للعاملين المستقلين في مجال الذكاء الاصطناعي، للاستفادة من نقص المهارات بين المتخصصين الحاليين في الصناعة.

راتب خبير الذكاء الاصطناعي

وبحسب خالد فإن المؤسف في الأمر، هو أن التخصص في الذكاء الاصطناعي الذي يتفرَّع من تخصص علم الحاسوب، غير موجود في الكثير من الجامعات، ولذلك فإن أولئك الذين لم يدخلوا سوق العمل بعد، والمهتمين بمجال الذكاء الاصطناعي، عليهم تركيز أبحاثهم على أفضل الجامعات في هذا المجال، معتبرة أنه لا يمكن الحديث عن راتب معين لهذه الوظيفة، فالوضع يختلف كثيراً باختلاف الدول ونوع الشركة، ولكن يمكن القول إنه ينتمي إلى فئة الرواتب العليا.

وتوقعت خالد أن تتبنى مزيد من الجامعات في العالم، مناهج متعلقة بتخصص الذكاء الاصطناعي، ما سيساعد على سد الفجوة في المهارات المطلوبة لهذا القطاع.