الذكاء الاصطناعي وسنمار؟!
عبدالله الغنام
أصبح الذكاء الاصطناعي هو الموضوع الذي يشغل الكثير من المهنيين في مجالات متعددة، وليس فقط المبرمجين ومهندسي الحاسبات الآلية (الكمبيوترات) والتطبيقات المتعددة. المسألة تعدت ذلك، وأصبحت حديثا عاما في المجالس، حيث يتحدث البعض عن أنه استطاع استخدامه في مجال عمله مثل تطبيق (ChatGPT) ومن المؤكد أن هناك العديد من التطبيقات المشابهة له وتحمل نفس الفكرة، ولكن المقصود أن فكرة الذكاء الاصطناعي بدأت مؤخرا ظاهرة متسارعة ومفيدة جدا، ومقلقة في نفس الوقت من عدة نواح.
ومنذ بدايات نشأة الحاسبات الآلية والإنسان يسعى أن تقوم هي بمعظم الأعمال عنه وبشكل أسرع وأدق. وهذا السبب جعلنا اليوم نسمع بشكل واسع عن الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) والذي يرمز له (AI). وهو بلا أدنى شك سوف يكتسح العديد من المجالات، ويمتلك إمكانيات مذهلة في المساعدة في الكثير من الجوانب المهنية والشخصية، وأداء المهمات، وحل المشكلات، وطرح الحلول والبدائل على مختلف المستويات، وقريبا سيختطف الكثير من الوظائف الحالية، ولكن في المقابل سيفتح آفاقا لوظائف جديدة متعلقة به ومنه.
وحول هذا الموضوع تدار حاليا الكثير من التساؤلات والإشكاليات خصوصا أنه ربما يغزو عالم السياسة قريبا! وسيساعد في اتخاذ قرارات قد تكون مصيرية للشعوب، بل مؤثرة على مستوى المعمورة. وما كنا نراه في عالم السينما من أفلام خيالية علمية أو حروب بين البشر والآلات الذكية ليست عنا ببعيد، أي ما كان خيالا بالأمس أصبح اليوم ممكنا، وهو يلوح بالأفق! ولكن دعونا حاليا نتعرف عليه لأنه هو اليوم صديق لنا، ونتمنى ألا يكون عدونا في المستقبل! فأهل السياسية يقولون: صديقك اليوم ربما يكون عدوك في الغد، وعدوك اليوم قد يكون صديقك غدا!
وعودا على نشأة، فقد كانت البدايات مع أول حاسب آلي (بحسب ويكبيديا) في عام (1946م) وأطلق عليه في أمريكا اسم (إينياك)، وكان الغرض الأساسي منه حساب جدول ضرب المدفعية لمصلحة مختبر أبحاث المقذوفات. فإذا كانت هذه البدايات (أسلحة) فما إذا نتوقع منه في النهايات!
وأما عن التعريف المبسط له فهو: أنظمة الكمبيوتر القادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً ذكاءً بشريا! (وهنا مربط الفرس كما يقال) حيث وراء هذا التعريف البسيط استخدامات متعددة لا حصر لها منها على سبيل المثال: الإدراك البصري، والتعرف على الكلام، واتخاذ القرارات، والترجمة بين اللغات، وتحليل ملاحظات العملاء، وتقليل الأخطاء البشرية وحالات التعطل، وبناء نماذج تنبؤية، والتعلم الآلي للبيانات، وأهمها وأخطرها على الإطلاق التعلم الذاتي! (كالطفل يتعلم ليصبح رجلا) وقد يفاجئنا يوما بأفكار أو نتائج لم نطلبها أو نريدها.
وحتما مع ظهور أي تقنية حديثة يُثار الكثير من التساؤلات عنها والمخاوف منها كالأخلاقية والمهنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسة. والبعض أيضا يتساءل عن القوانين العالمية والتشريعات الدولية التي تحكمها؟! بالإضافة إلى الخوف على أمن وسلامة البشر منها. ولكن يبقى أهم سؤال وهو، هل سيتحكم الذكاء الاصطناعي بالإنسان؟ ويصبح هو له تابعا؟ بعد أن كان الإنسان هو المعلم والسيد؟!
ولا بد من القول إن الذكاء الاصطناعي كأي آلة أو تطبيق أو اختراع له فوائد، وله أضرار، ولكن حين تكون أضراره أكبر من نفعه علينا أن نتوقف ونفكر مليا، وعلينا كذلك أن نستعد لما هو قادم لنا من الآن سواء عن طريق قوانين ومواثيق دولية إلزامية، أو اتحاد وحلف عالمي قوي يمتلك الإمكانيات والصلاحيات الضرورية من أجل حماية البشر والبيئة والأرض. وكل ذلك من أجل ألا ينطبق علينا قصة (جزاء سنمار)؟! أو المثل القائل: (يداك أوكتا وفوك نفخ).
المصدر: اليوم