قفزة مفاجئة للذكاء الاصطناعي.. تطبيقات متطورة للأنظمة التوليدية

17

ريتشارد ووترز

على الرغم من كل إمكاناته الهائلة، إلا أن مجال الذكاء الاصطناعي كان راكدا في عالم الاستثمار، هناك شركات ركبت موجة الذكاء الاصطناعي بطرق مهمة: تدعي جوجل أنها حسنت عديدا من خدماتها بمساعدة الذكاء الاصطناعي، وعزز التعلم الآلي مبيعات وحدات معالجة الرسومات لشركة إنفيديا، ومن المعروف أن خوارزمية تطبيق تيك توك تلعب دورا كبيرا في عودة المستخدمين إليه لمشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة.
لكن من الصعب العثور على شركة ذكاء اصطناعي خالصة نهضت على خلفية هذه التكنولوجيا فقط، أو تحديد سوق جديدة كبيرة تم إنشاؤها لهذا الغرض، لكن هذه الصورة قد تكون على وشك التغيير، وعلى نحو كبير.
ووفقا لبات جرادي، الشريك في سيكويا كابيتال، فإن شيئا مهما حدث في الذكاء الاصطناعي في الأسابيع الأخيرة، تطورت الأنظمة التوليدية – التي تنتج نصوصا وصورا تلقائية بناء على عمليات تلقين نصية بسيطة – إلى مستوى يمكن أن يصبح لها استخدامات تجارية واسعة النطاق. كذلك أفاد شريك في شركة أخرى رائدة في مجال رأس المال المغامر في وادي السيليكون، وصف التاريخ الحديث للذكاء الاصطناعي بأنه مقبرة للمستثمرين في الشركات الناشئة، أن السباق مستمر لإيجاد تطبيقات متطورة لهذه التكنولوجيا الجديدة.
منذ إطلاق نظام جي بي تي 3 لكتابة النصوص من أوبن أيه أي قبل عامين، ظلت النماذج التوليدية مثل هذه، هي السائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. القضايا الأخلاقية التي تثيرها عميقة، وتراوح من أي تحيزات يمكن أن تتشبع بها من البيانات، التي تم تدريبها عليها، إلى مخاطر إمكانية استخدامها لنشر معلومات مضللة. لكن هذا لم يمنع البحث عن استخداماتها العملية.
لقد تغيرت ثلاثة أشياء تجعل من هذه الأنظمة تنتقل من حيل ذكية إلى أدوات مفيدة محتملة.
أحدها أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تجاوزت النص. وكشفت شركة ميتا الأسبوع الماضي النقاب عن أول نظام قادر على إنتاج فيديو من مطالبات النصوص أو الصور. كان يعتقد أن هذا الإنجاز على بعد عامين أو أكثر من الآن. وحتى لا يتفوق عليها أحد، استجابت جوجل على ذلك ليس فقط بنظام واحد، بل اثنين من أنظمة الفيديو بالذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
وقد جاء أكبر تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي لهذا العام في مجال إنشاء الصور، بفضل أنظمة مثل دال-إي 2 من أوبن أيه آي، وإيماجين من جوجل، وشركة ميدجيرني الناشئة. عماد مشتاق، مدير صندوق تحوط في لندن يدعم ستايبل ديفيوجين، وهو أحدث نظام لتوليد الصور يجتاح عالم الذكاء الاصطناعي، يشير إلى أن الصور ستكون “التطبيق المتفوق” لهذا الشكل الجديد من الذكاء الاصطناعي، ويقول إن هذه الأداة الإبداعية الجديدة قد تكون أساسية بالنسبة للجيل الذي نشأ مع تيك توك وسناب تشات، كما أنها تمثل تهديدا واضحا لأي شخص يعتمد في عيشه على إنشاء الصور بطرق أخرى.
يأتي التغيير الكبير الثاني من التكلفة التي تنخفض بشكل سريع لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة. أكد دعم مايكروسوفت البالغ مليار دولار لشركة أوبن أيه أي قبل ثلاثة أعوام على التكلفة الباهظة لهذه النماذج التي أصبحت أكبر من أي وقت مضى. وتعمل التكنولوجيات الجديدة التي تجعل من الممكن تحقيق نتائج عالية الجودة من خلال تدريب شبكات عصبية ذات طبقات أقل من الخلايا العصبية الاصطناعية على تغيير الصورة. ووفقا لمشتاق، موارد الحوسبة المستخدمة لتدريب ستايبل ديفيوجين تكلف 600 ألف دولار فقط بأسعار السوق.
التغيير الثالث هو توافر التكنولوجيا. وكانت كل من جوجل و”أوبن أيه أي” حذرة بشأن جعل تكنولوجيتها متاحة على نطاق واسع، جزئيا بسبب القلق بشأن إساءة الاستخدام المحتملة. على النقيض من ذلك، يتوافر نظام الصور الخاص بشركة ميدجيرني لجميع المستخدمين من خلال نموذج مجاني. فيما ذهبت “ستايبل ديفيوجين” إلى أبعد من ذلك، بفتحها مصادر برمجيتها ونشر تفاصيل حول الكيفية التي تم بها تدريب نظامها. ويتيح ذلك للشركات الأخرى تدريب نماذج ابتكار الصور على مجموعات البيانات الخاصة بها.
حظيت المخاطر التي تنجم عن مثل هذه الأنظمة التوليدية باهتمام كبير. فهي تنتج صورا أو نصوصا جديدة بناء على ملايين الأمثلة التي تعلمتها، مع عدم فهم المادة الأساسية لها. ويمكن لذلك أن يؤدي إلى نتائج لا معنى لها، فضلا عن التضليل المتعمد.
لكن في بيئة الأعمال، يمكن السيطرة على بعض أوجه القصور هذه على الأقل. تتمثل الحيلة في إيجاد طرق لزرع التكنولوجيا في آليات العمل الحالية، وإنشاء أدوات يمكنها اقتراح أفكار جديدة أو تسريع عملية الإنتاج الإبداعي، مع قيام العاملين البشريين بتنقية المخرجات. الفكرة يتم استخدامها حاليا لإنشاء رموز الحاسوب.
السؤال الكبير الآن، كما يقول أحد المستثمرين: هل سيكون العمالقة الحاليون في الصناعات مثل التسويق والإعلام والترفيه أول من يستخدم هذه الأدوات الإبداعية الجديدة والقوية؟ أم أنها ستتعرض للتعطيل من قبل جيل جديد من المبتدئين، الذين ترجع جذورهم إلى الذكاء الاصطناعي؟

اترك رد

Your email address will not be published.