الإرشاد الأخضر أسرع من الصوت.. الذكاء الاصطناعي المرشد الرقمي الأمين لتطوير الفلاحين

25

AI بالعربي – متابعات

منذ وقت بعيد، تنبهت الدولة المصرية، إلى ضرورة الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كوسيلة مختصرة لتحقيق الاكتفاء الذاتى فى المحاصيل الاستراتيجية وزيادة الإنتاجية الزراعية، بما ينعكس إيجابًا على مؤشرات النمو الاقتصادي.

وجاء مشروع العيادة الزراعية الذكية، كثمرة تحالفات وبروتوكولات خاضتها أكاديمية البحث العلمي، بهدف التحول من الإرشاد الزراعى التقليدى (المهندس والمعاون والمشرف)، إلى الإرشاد الرقمى عبر تطبيق إلكتروني.

المشروع الذكى يقدم الحلول للمشاكل الخاصة بصحة النبات من الناحية الزراعية والإصابة بالآفات والأمراض فى ثوانٍ معدودة، كما يعمل على تطوير وتحسين الزراعة فى مصر من خلال مشروع قومى لتشخيص ومكافحة الأمراض النباتية على المنصات الالكترونية، الأمر الذى يدعم رقمنة الزراعة المصرية لتدخل عصر الذكاء الاصطناعى، وتواكب التطورات العالمية وتدعم الحملة القومية للنهوض بالزراعات الصحراوية ومشروع 1.5 مليون فدان.

ورغم أن مصر أقدم دولة عرفت الزراعة فى العالم، إلا أنها لأول مرة فى تاريخها قررت مواكبة الاتجاهات الزراعية الحديثة واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك لترشيد استخدام المياه وتعظيم الاستفادة من القطاع، فضلًا عن العمل على زيادة كفاءة ترشيد استهلاك مياه الرى من خلال تحليل البيانات المختلفة، مما ينتج عنه تحديث دورى أدق للمعلومات عن الرقعة الزراعية واحتياجاتها من المياه ويساعد على التنبؤ بموسمية الطلب على المياه مما يجعل التخطيط أكثر فاعلية.

«الأهرام التعاوني» تحدثت مع عدد من المسئولين حول التوجه الجديد وآثاره الإيجابية المرتقبة والمتوقع منه خلال السنوات المقبلة، حيث يقول رئيس أكاديمية البحث العلمى الدكتور محمود صقر، إن الأكاديمية قد أعلنت عن مشروع العيادة الزراعية «منصة المزارع المصري»، ضمن ثلاثة مشروعات من برنامج الزراعة والغذاء، كما يعد المشروع من أهم مشروعات الدولة لمرحلة ما بعد كورونا فى ٢٠ يوليو ٢٠٢٠، لافتا إلى أن المنصة تضم نخبة كبيرة من الفرق البحثية القوية والمتكاملة، والراغبة فى تحقيق إنجاز فعلى على أرض الواقع ومؤسسات متعاونة ومتكاملة وداعمة .

وطالب رئيس أكاديمية البحث العلمى، أنه يجب وضع رؤية استدامة المشروع لتقديم الخدمات بطريقة احترافية على أرض الواقع يجب أن يكون كيان اقتصادى مختلف تماما عن الطرق الحالية، واستكمال المنصة لتقديم الخدمات البيطرية وكذلك خدمات الإنتاج الحيوانى، وتوفير الخدمات التى يحتاجها المزارع.

وأضاف أن المشروع يستهدف رفع كفاءة قطاعى الإرشاد الزراعى والإنتاج الحيواني، وإدارة الحملات الإرشادية وزيادة دخل المزارعين والمربين وإدارة الأمراض النباتية والحيوانية والمساهمة فى تنمية المجتمع وتحسين الاقتصاد الوطني، مؤكدًا أن الأكاديمية قامت بتنفيذ وتمويل وتكوين شراكة بحثية بين مركز البحوث الزراعية كمؤسسة زراعية بحثية من أكبر المؤسسات فى مجال الزراعة بالشرق الأوسط مع جامعة النيل كأول جامعة أهلية بحثية لها خبرة جيدة فى تقديم الحلول التكنولوجية وفق برمجيات الذكاء الاصطناعي، ليقدما معاً هجيناً بحثياً تكنولوجياً يحول الزراعة المصرية والإرشاد الزراعى الإلكترونى إلى منصة ذكية وفق برمجيات التعلم العميق والذكاء الاصطناعى لأول مرة بمصر من خلال مشروع «العيادة الزراعية الذكية – منصة المزارع المصرى للمستقبل، ليضع الزراعة المصرية على الطريق الصحيح .

وأشار رئيس الأكاديمية إلى أهمية الانتقال من تقديم خدمات الإرشاد الزراعى لقطاع المزارعين فى مصر، والذى يضم 6 ملايين فلاح مصرى إلى الشكل الإلكتروني، لأن الطرق القديمة فى الإرشاد الزراعى لم تعد تصلح لهذا العالم، والبديل هو صفحات التواصل الاجتماعى والشركات المختلفة حتى تلتقى بالفلاحين وتقدم الخدمات لهم، مؤكدا أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى تبذل جهودا كبيرة فى هذا الصدد ولديها قناة مصر الزراعية التى تقدم خدمات ذات صلة بالإرشاد الزراعي، لكنها موجهة على فترات معينة، وهناك حاجة إلى تقديم هذه الخدمات بصورة شبه يومى لكل المزارعين فى مصر بكل العناصر ذات الصلة بالأرض الزراعية.

واستطرد قائلا، إن التعاون هو الحل الوحيد لتقديم شيء مفيد للمجتمع المصرى سواء فى مجتمع الزراعة أو أى مجال آخر، موضحا أن أكاديمية البحث العلمى تمثل بيت الخبرة وتعمل على توفير التمويل، لافتا أن هناك انتقاء القادر على تنفيذ المهمة، مشيدا بمركز البحوث الزراعية لما يمتلكه من خبرات واسعة، كما أن الأبحاث التطبيقية المتميزة على المحاصيل خاصة الاستراتيجية منها قد نجحت فى زيادة الإنتاجية فى نفس المساحة المنزرعة.

فيما قال رئيس مركز البحوث الزراعية الدكتور محمد سليمان، إن إطلاق المنصة الإلكترونية الذكية لخدمة المزارع يعد حدثا هاما فى مواكبة إستراتيجية الدولة المصرية، وكذلك التحركات التى تقودها القيادة السياسية للدولة والحكومة المصرية، كما يتماشى ذلك مع ما يتم من إنشاءات ومشروعات عملاقة والعاصمة الإدارية واستخدام التكنولوجيا الحديثة فيها، مشيرا إلى أن العيادة الزراعية الذكية نجحت فى تجاربها الأولية فى تطوير ورقمنة الإرشاد الزراعى والبيطري، الأمر الذى يؤدى إلى سرعة نقل المعلومة الزراعية ونتائج البحوث إلى حقول المزارعين مستفيدًا من التطور الحادث فى تقنيات الاتصالات، وهو ما يساهم بدرجة كبيرة فى تقليل الفجوة الإنتاجية بين الحقول الإرشادية وحقول المزارعين بإتاحة المعلومة مباشرة إلى المستفيدين ما يساهم بدرجة كبيرة فى زيادة الغلة الفدانية للمحاصيل المستهدفة .

ولفت سليمان إلى تراجع دور الإرشاد الزراعي، واصفا إياه بأنه فى حالة شيخوخة، وذلك على الرغم من تنفيذ العديد المشروعات القومية على ارض الواقع كمشروع الدلتا الجديدة ومشروع 1.5 مليون فدان وتوسعات فى جنوب الوادى أكثر من 450 ألف فدان، ومشروع الاستزراع السمكى والنهضة فيها والإنتاج الحيوانى والتحسين الوراثى فيها، مشددا على أن المنصة جاءت لتواكب التكنولوجيا الحديثة التى يشهدها العالم وتخطى التقليدية التى يعشها الإرشاد فى الوقت الحالى .

وطالب سليمان أكاديمية البحث العلمى بضرورة توسيع رقعة التمويل الخاص بالمنصة الالكترونية لتشمل الأسماك، وذلك من خلال عمل عيادة بيطرية (منصة) لها والتى تتضمن جميع الأمراض وأساليب وطرق التغذية الصحيحة، وكذا الإدارة المتكاملة لها الكترونيا او رقميا، موضحا أن ذلك يأتى متماشيا مع إهتمام القيادة المصرية بتنمية قطاع الثروة السمكية فى مصر.

أكد الدكتور وائل عقل رئيس جامعة النيل الأهلية، أهمية قطاع الإرشاد الزراعى لخدمة المزارعين، مشيدا بالتعاون المثمر مع البحوث الزراعية من أجل استخدام تكنولوجيا المعلومات لخدمة المزارع المصرى وتوطينا للتكنولوجيا

وقال عقل: المنصة تمثل استثمارا ناجحا، نظرا لأن المرحلة القادمة ستشهد الغلبة لصاحب العلم، كما أن المنصة سيكون لها مردود واسع، على المستويين الإقليمى والمحلى مع مراعاة توفير الاستدامة لها من خلال أنظمة مبتكرة تضمن الاستمرارية والتطور، كما أن المنصة تعد خطوة أساسية وتعبر بحق عن كيفية الاستفادة من تطور تكنولوجيا المعلومات فى مجال حيوى فى مصر وهو مجال الزراعة وما يستتبعها فى مجالات مختلفة.

وتابع أن جامعة النيل حريصة على تبادل الخبرات والمعلومات ونقل التكنولوجيا مع مختلف الجامعات المصرية الآخرى والمراكز البحثيه، من أجل تحقيق استراتيجية الدوله المصرية 2030 فى مختلف المجالات، مشيرا إلى أن مصر تسير على الطريق الصحيح لأنها أصبحت تدرك أن البداية الحقيقية من حيث أنتهت الدول ومسايرة التكنولوجيا الحديثة .

أكد الدكتور عطوة أحمد عطوة، الباحث الرئيسى للمشروع، الأستاذ بمركز البحوث الزراعية معهد وقاية النباتات، أن الهدف من مشروع العيادة الزراعية الذكية والتى نجحنا خلال مراحله الاولى هو توفير حلول فورية للمشاكل الزراعية الملحة، والتى منها انخفاض عدد المرشدين الزراعيين، عن طريق إيجاد آليات وبدائل جديدة لتقديم التوصيات الزراعية والبيطرية بشكل فورى وبجودة عالية إلى صغار المزارعين خاصة والعاملين بالقطاع الزراعى عموماً عن طريق الاستفادة من التطورات الحديثة فى الذكاء الاصطناعي، مما يحقق أهداف ورؤية الدولة للتنمية المستدامة، لافتا بأن المنصة توصى الفلاح باستخدام المركبات التى لا يكون لها تأثير على البيئة أو الزراعة كمتبقيات مبيدات وخلافه، كما تبدو أهمية المنصة فى الحالات التى يحتاج المزارع فيها إلى الاستجابة الفورية كحالات التغيرات المناخية وبالتالى تدارك تبعاتها .

وأوضح أن مركز البحوث الزراعية يشارك فى المنصة من خلال جميع معاهده ومعامله المختلفة كمعاهد الأمراض والوقاية، والأراضي، والإرشاد، والإدارة العامة للإرشاد الزراعى فى الوزارة التابعة لمركز البحوث الزراعية وغيرهم، كما أن هناك تحديثا بشكل مستمر لكل البيانات والنتائج والتوصيات من الأبحاث التطبيقية المختلفة، وكذا المركبات التى تستخدم فى المكافحة، وأيضا إضافة الآفات الجديدة فى حاله ظهورها، مشيرا إلى أن هذا التحالف البحثى بين مركز البحوث الزراعية وجامعة النيل الأهلية، يصل ثماره للفلاح عن طريق الذكاء الاصطناعى من خلال منتج عالى الجودة .

وقال إن المشروع يدور الآن حول ثلاثة من المحاصيل الرئيسية القمح، والشعير، والأرز، حيث قام بتجميع كميات هائلة من البيانات والصور الخاصة بمشاكل النبات والحيوان، فى محطة البحوث الزراعية بسخا فى محافظة كفر الشيخ كمنطقة ممثلة للوجه البحرى، ويتم زراعة محصولى القمح والشعير فى محطة التجارب الزراعية بسدس بمحافظة بنى سويف كمنطقة ممثلة للوجه القبلي، كما تم الاعتماد على مراعاة ودراسة كل الجوانب المتعلقة بالمشروع من التسميد والإصابات الحشرية والمرضية، مع تسجيل وتوثيق كل الأعراض الظاهرية فى مراحل النبات المختلفة، كما يعتمد كل ذلك على التقاط ملايين الصور لكل محصول لتمثل قاعدة بيانات البرنامج، والتى يعتمد عليها إطلاق منصة الكترونية للمزارع المصرى تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعى لأول مرة فى مصر.

ولفت إلى أن المشروع شمل منذ انطلاقه فى ديسمبر 2020 مجموعة كبيرة من المزارعين وصل عددهم إلى 200 مزارع، علاوة على تدريب مائتين من المرشد الزراعيين، كما تشمل المنصة أيضا جزء خاص بالإنتاج الحيوانى بجانب المحاصيل، للحد من الخسائر التى قد ينجم عنها تهديد للثروة الحيوانية وضياع رؤوس الأموال، وهو ما تم التركيز عليه فعليا الفترة الماضية، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة سوف تشهد مزيدا من الجهد لاستهداف 1000 مزارع فى الموسم القادم بالنسبة للقمح والأرز، والعمل على تهيئة جاهزية استخدام المنصة لجميع مزارعى مصر، خاصة فى ظل الضغوط الراهنة على المحاصيل الاستراتيجية، وما يشهده العالم من عدم استقرار بسبب الحروب، وتلافى أى خسائر يمكن أن تحدث لهذه المحاصيل، وزيادة الإنتاجية وتقليل فاتورة الاستيراد من الخارج، ولعل ذلك كان السبب من وراء إطلاق المنصة فى هذا التوقيت المبكر عن الميعاد المحدد له فى العام القادم.

وأضاف أن فى الوقت الحالى نستهدف تقليل وتيرة سرعة الرد على مشاكل المزارعين، نظرا لأن تأخير الذكاء الاصطناعى فى الرد يتبعه دقة ووفرة المعلومات، علاوة على التأكد من ضمان وصولها للفلاح، وذلك على خلاف الرد الفورى بعد لحظات من إرسال المشكلة، قائلا إن بعد نجاح هذه التجارب مع المزارعين وما أفرزته من نتائج مبهره على أرض الواقع طالب الجميع بتعميمها على كافة المشاريع، مشيرا إلى أن المنصة تعد بداية انطلاق الثورة الزراعية الرابعة فى مصر ؛ والتى تعتمد على الذكاء الاصطناعى والحلول الرقمية، مع السعى لتوسيع المنصة لتشمل جميع المزارعين، والرقعة الزراعية فى كل أرجاء الجمهورية.

اترك رد

Your email address will not be published.