هل بإمكان الذكاء الاصطناعي أن يجعل الديمقراطية أكثر عدلاً؟
AI بالعربي – “متابعات”
لم تكن الديمقراطية في أثينا القديمة تشبه الديمقراطية اليوم، فبدلاً من الانتخابات فقد شُغلت معظم المناصب من المواطنين المتطوعين الذين اختيروا عشوائيًا، بما في ذلك تلك الموجودة في الهيئة التشريعية والمجالس الحاكمة والقضاة، وقد صاغت هذه المجالس من المواطنين القوانين وناقشوها وأصدروها واتخذوا قرارات رئيسية في السياسة الخارجية وأيضًا أشرفوا على الميزانيات العسكرية. تُحقق مجالس المواطنين اليوم عودة قوية، فقد اجتمعت مجالس المواطنين في فرنسا والمملكة المتحدة في عامي 2019 و2020 لصياغة تدابير التصدي لتغير المناخ، وأسفرت مجالس المواطنين في إيرلندا عن تعديلات على الدستور الأيرلندي الذي شرع الإجهاض والزواج من نفس الجنس. يُعدُّ أحد أصعب جوانب تنظيم هذه المجالس في العصور القديمة والآن، هو تحديد من يجب أن يَخدم، فعلى المجلس أن يكون مُمثلاً لجميع السكان، وأيضًا أن يكون الاختيار عشوائيًا، ولكن مع تمتع جميع المتطوعين بفرصة متساوية للاختيار. لتحقيق التوازن بين هذين الهدفين، استخدم الأثينيون القدماء آلة بدائية تعرف باسم “كليروتريون”، اختارت عشوائيًا مجموعات من المتطوعين من مختلف القبائل، وقد طورت مجموعة من علماء الكمبيوتر الآن حلاً للقرن الحادي والعشرين. وبالوقت الحالي، يعمل فريق من علماء الكمبيوتر من كلية “جون أ. بولسون” للهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة هارفارد وجامعة كارنيجي ميلون بالتعاون مع ممارس من مؤسسة “Sortition”، لإنشاء عملية اختيار المجلس الذي يُحقق التمثيل والإنصاف في آنٍ واحِد. قال أستاذ علوم الكمبيوتر في جوردون مكاي والمؤلف المشارك بالدراسة، “أرييل بروكاتشيا”: “من الناحية المثالية، يعمل مجلس المواطنين باعتباره نموذجًا مصغرًا للمجتمع. ومع ذلك، فإن كيفية اختيار أعضاء المجلس تُحدد ما إذا كان هذا الهدف قد تحقق عمليًا أم لا”. كذلك قال “بيلي فلانيجان”، طالب دراسات عليا في جامعة كارنيجي ميلون والمؤلف المشارك بالدراسة: “أولاً، نحتاج إلى أن نسأل كيف نفكر في الإنصاف في سياق اختيار المجلس، ثم كيف يمكننا إضفاء الطابع الرسمي عليه بحيث يحصل الجميع على فرصة عادلة”. نظرت الدراسة في عملية اختيار المجلس النموذجية على مرحلتين، ودُعي الآلاف من الأشخاص الذين اختيروا عشوائيًا للمشاركة في المرحلة الأولى، بحيث تُستخدم خوارزمية الاختيار لتحديد التجميع النهائي من مجموعة من المتطوعين. ونظرًا لأن بعض المجموعات، مثل تلك التي تتمتع بدرجة أكبر من التعليم هي أكثر عرضة للتطوع، فإن مجموعة المتطوعين تميل إلى أن تكون غير ممثلة للسكان ككل. وقال “بول جولز”، طالب دراسات عليا في جامعة كارنيجي ميلون وأحد مؤلفي الدراسة المشاركين: “إن منح جميع المتطوعين احتمالات متساوية تمامًا مع تلبية الحصص الديموغرافية أمر مستحيل عمومًا”. “تجد خوارزمية الاختيار الخاصة بنا لوحة تفي بالحصص مع منح المشاركين المحتملين أفضل فرصة للاختيار”. وذلك يحدث عن طريق حساب التوزيع على عدد كبير من اللوحات وكلها تفي بمتطلبات الحصة النسبية، وبعد ذلك اختيار لوحة عشوائيًا من هذا التوزيع، ثم يُختار توزيع اللوحة بحيث يكون الحد الأدنى لاحتمال ظهور أي متطوع على اللوحة أعلى ما يمكن من الناحية الحسابية. استُخدمت هذه الخوارزمية مفتوحة المصدر بالفعل لاختيار أكثر من 40 تجمعًا للمواطنين حول العالم من منظمات في الدنمارك وألمانيا والولايات المتحدة وبلجيكا والمملكة المتحدة، وطور “بروكاتشيا”، جنبًا إلى جنب مع مؤلفيه المشاركين و”جيلي روساك” من جامعة ستانفورد، موقعًا على شبكة الإنترنت يُسمى “Panelot.org” مما يجعل خوارزمية الاختيار الخاصة بهم متاحة مجانًا. سيواصل الباحثون التعاون مع الممارسين للتعلم من تجاربهم حول كيفية تحسين فائدة خوارزميات الاختيار الجديدة هذه في المستقبل. وأضاف “بروكاتشيا”: “نحن متحمسون للبحث عن طرق جديدة يمكن أن تساهم بها الرياضيات وعلوم الكمبيوتر في الممارسة الديمقراطية”.