كيف يصنع الذكاء الاصطناعي فرقًا في استراتيجيتك التنظيمية؟
AI بالعربي – متابعات
لقد بات التحول الرقمي ضرورة ملّحة في عالمنا المعاصر، حيث تحوّل الاهتمام من مجرد اتخاذ قرار بالمضي قدمًا إلى تبني نهج مدروس ومخطط بدقة.
ويأتي الذكاء الاصطناعي في صميم هذا التحوّل، إذ يشكّل حجر الزاوية في دفع عجلة النمو، وتعزيز الكفاءة، وتشجيع الابتكار.
غير أن نجاح تبني الذكاء الاصطناعي لا يتوقف على التكنولوجيا وحدها، بل يتطلب قيادة حكيمة قادرة على استيعاب إمكاناته وتجاوز تحدياته.
ويشهد عالم الصناعة تحولًا جذريًا بفضل الذكاء الاصطناعي، حيث يترك أثرًا بالغًا على قطاعات حيوية كالصحة، والتمويل، والتجارة، والتصنيع، فهو يحسن العمليات، ويرفع الكفاءة، ويمكّن عملية اتخاذ قرارات مدعومة بالبيانات على نحو غير مسبوق.
لكن يبقى الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، رغم فوائده الجمة، وتعتمد فاعليته على طريقة تطبيقه ومدى تكيف الفرق معه.
سبل دمج الذكاء الاصطناعي في الاستراتيجية التنظيمية
1- تأكد من أن الذكاء الاصطناعي يتماشى مع الأهداف التجارية الأساسية
– من أبرز العقبات التي تواجه المؤسسات عند اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي هو ضمان انسجامها التام مع الأهداف الاستراتيجية الشاملة.
– ففي كثير من الحالات، تلجأ الشركات إلى هذه التقنيات بدافع الحداثة دون دراسة عميقة لكيفية اندماجها مع رؤيتها المستقبلية وطموحاتها.
– ولذا، يتعين على القادة تحديد المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُحدث فيها أقصى قدر من التأثير الإيجابي، على سبيل المثال:
– هل يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة العملاء من خلال تخصيص التفاعل معهم؟
– هل يمكنه تعزيز كفاءة إدارة سلسلة التوريد وتحسين التوقعات المستقبلية؟
– هل تساعد الأتمتة التي يقودها الذكاء الاصطناعي في تحرير فرق العمل للتركيز على مهام استراتيجية أخرى؟
– وهنا تجدر الإشارة إلى أنه بفضل قيادة حكيمة قادرة على تحديد الأولويات بوضوح، يمكن أن يكون تبني الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية لتحقيق النمو المستدام للشركة، لا مجرد إضافة تقنية عابرة.
2- إنشاء فرق تعاونية لدفع تكامل الذكاء الاصطناعي
– لا يقتصر اندماج تقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق تقنية المعلومات فحسب، بل يتعداه ليشمل مختلف جوانب المؤسسة.
– وهناك ضرورة ملّحة لتعزيز التعاون بين فرق العمل المتعددة التخصصات لضمان نجاح التحول الرقمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
– ينبغي على قادة الشركات تجميع خبراء الذكاء الاصطناعي مع المختصين في المجالات ذات الصلة لضمان التكامل السلس بين هذه التقنيات وبين العمليات التشغيلية القائمة.
– علاوة على ذلك، فإن تشكيل فرق عمل تضم متخصصين في الذكاء الاصطناعي إلى جانب خبراء في مختلف المجالات، يضمن فهمًا عميقًا لاحتياجات العمل وتحدياته، مما يسهم في تنفيذ الحلول التقنية بشكل فعّال ومدروس.
3- معالجة مخاوف الموظفين من خلال التواصل المفتوح
– يشكّل صعود الذكاء الاصطناعي هاجسًا يؤرق بال الكثير من العاملين، لا سيّما مع المخاوف المتزايدة بشأن تأثيراته المباشرة على سوق العمل وتوفر الوظائف.
– من الأهمية بمكان أن يعي القادة هذه المخاوف وأن يبادروا إلى تهيئة بيئة حوارية مفتوحة وشفافة، تسعى إلى توضيح آليات تعزيز الذكاء الاصطناعي للقدرات البشرية.
– بدلًا من تصوير الذكاء الاصطناعي على أنه تهديد داهم، ينبغي التأكيد على إمكانية توظيفه في الاستغناء عن المهام الروتينية، مما يتيح للموظفين الانطلاق نحو آفاق أرحب من الإبداع والتفكير الاستراتيجي.
– كما يجب على القادة تشجيع ممارسات التدريب والتأهيل المستمر للموظفين، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي، مما يساهم في تمكينهم من مواكبة التطورات المتسارعة.
4- نشر ثقافة الاعتماد على البيانات في صنع القرار
– لا بد للمؤسسات من اعتماد منهجية قائمة على البيانات، وذلك لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي على أكمل وجه.
– فالذكاء الاصطناعي يتغذى على البيانات ليتعلم ويتنبأ ويحسن أداءه.
– لذا، يتعين على قادة الأعمال توفير بيئة محفزة لاتخاذ القرارات المستنيرة بالبيانات، بحيث يدرك جميع الموظفين أهمية البيانات ودورها المحوري في نجاح التحول الرقمي.
– ومن بين الإجراءات الحاسمة لتحقيق ذلك تشجيع التعاون بين مختلف الأقسام لتبادل البيانات، وتخصيص الموارد الكافية لبناء بنية تحتية قوية لإدارة البيانات، مما يضمن حصول الذكاء الاصطناعي على بيانات دقيقة وموثوقة.
5- توقع العقبات الأخلاقية والتنظيمية
– مع تزايد اعتمادنا على الذكاء الاصطناعي، تبرز الحاجة الملحة إلى مناقشة المسائل الأخلاقية والقانونية المرتبطة به، ولا سيّما تلك المتعلقة بتحيز الخوارزميات وحماية البيانات الشخصية.
– وهنا يتعين على صنّاع القرار العمل على أن تكون الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي مبنية على أسس أخلاقية راسخة، مع وضع آليات تضمن العدالة والإنصاف في اتخاذ القرارات، وتجنب أي شكل من أشكال التمييز أو المحاباة.
– كما يجب الالتزام بالقوانين الدولية لحماية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، لتعزيز الثقة بين المؤسسات والأفراد وحماية خصوصية المعلومات.
6- تبني التعليم المستمر والابتكار الدائم
– للحفاظ على التميّز في ظل التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، لا بد من مواكبة هذا التطور من خلال التعليم المستمر والتجريب الدائم.
– ويتعين على قادة الأعمال تحفيز الابتكار المستمر ودفع فرق العمل إلى استكشاف أحدث التقنيات والمنصات.
– يمكن للمؤسسات أن تضمن استمرار تفوقها في هذا المجال وأن تحافظ على قدرتها على المنافسة في عالمٍ يشهد تغيرات متسارعة، من خلال تأسيس مختبرات للابتكار واكتشاف شراكات جديدة مع الشركات الناشئة والمنظمات المتخصصة.
الخلاصة
– إن الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً للإنسان، بل شريكًا استراتيجيًا يعزز قدرات المؤسسات ويساعدها على تحقيق أهدافها بكفاءة عالية.
– حينما يستغل قادة الشركات الذكاء الاصطناعي بشكل فعّال، جنبًا إلى جنب مع الرؤية البشرية الحكيمة، فسيصبحون قادرين على تحويل مؤسساتهم وتوجيهها نحو آفاق جديدة من النمو والابتكار.
– إن القادة الذين يتبنون تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل يتناغم مع استراتيجياتهم ورؤاهم المستقبلية، ويشجعون على التعاون والتعلم المستمر، ويهتمون بالمسائل الأخلاقية والتنظيمية، سيكونون في أفضل موقع لتحقيق النجاح في العصر الرقمي.
– أما المؤسسات التي تستغل قوة هذه التكنولوجيا مع مراعاة الإنسان في المقام الأول، فإنها ستظل في طليعة التطور التكنولوجي وستتمكن من مواجهة التحديات المستقبلية بثقة ومرونة.
المصدر: انتربرينير