لماذا رفضت واشنطن ولندن بيان قمة الذكاء الاصطناعي في باريس؟
AI بالعربي – متابعات
دعا نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، أكثر من مرة إلى عدم الخوف الزائد من تقنية الذكاء الاصطناعي التي تتطور باستمرار، أمام المجتمعين في قمة الذكاء الاصطناعي في باريس.
وبينما أكدت غالبية الدول في القمة على ضرورة خلق بيئة تنظيمية أكثر فعالية، أعاد نائب الرئيس الأميركي التأكيد على أن الكثير من القيود “تخنق” الابتكار.
وإزاء هذا الموقف، لم توقع الولايات المتحدة، وكذلك المملكة المتحدة على البيان الختامي الصادر عن القمة، الثلاثاء، رغم أن 61 دولة، من بينها فرنسا والاتحاد الأوروبي والصين والهند واليابان وألمانيا وأستراليا وكندا، أيدته.
دعت الوثيقة إلى ضمان “أن يكون الذكاء الاصطناعي مفتوحًا وشاملًا وشفافًا وأخلاقيًا وآمنًا وجديرًا بالثقة.. مع مراعاة أطر دولية للجميع”.
ولم يتضح إن كانت كبرى شركات القطاع مثل “OpenAI” اتخذت موقفًا مماثلًا لموقف واشنطن ولندن.
ويعكس موقف واشنطن في القمة الاتجاه الجديد الذي تبنته إدارة الرئيس، دونالد ترمب، فيما يخص الذكاء الاصطناعي.
وفي بداية ولايته الرئاسية الجديدة، وقع ترمب على أمر تنفيذي يشجع على زيادة المنافسة في المجال، ويلغي قرارات أخرى اتخذتها إدارة سلفه، جو بايدن، ركزت على تنظيم هذه الصناعة.
ويقول الأمر التنفيذي: “إن سياسة الولايات المتحدة هي الحفاظ على هيمنة الولايات المتحدة العالمية على الذكاء الاصطناعي وتعزيزها من أجل تعزيز الازدهار البشري والقدرة التنافسية الاقتصادية والأمن القومي”.
ولم يصدر تعليق رسمي من واشنطن يوضح سبب عدم التوقيع على بيان قمة باريس.
لكن تعليقات جي دي فانس ربما تفسر الموقف، وتسلط أيضًا الضوء على الانقسام المتزايد بشأن الذكاء الاصطناعي في العالم، فالولايات المتحدة، تحت قيادة ترمب، تفضل الحد الأدنى من القيود لتحفيز الابتكار، في حين تفرض أوروبا قواعد صارمة للسلامة والرقابة.
أما الصين فهى تسارع الخطى لتطوير التقنيات من خلال شراكات مع القطاع الخاص.
ويشير خطاب نائب الرئيس الأميركي أمام زعماء دول كبرى في القمة، بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، إلى عدم الرضا الأميركي إزاء الرغبة المتزايدة في تنظيم المجال.
وقال جي دي فانس إن “التنظيم المفرط لقطاع الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقتل صناعة تحويلية.. نحن بحاجة إلى تنظيم دولي يعزز إنشاء تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بدلًا من خنقها، ونحتاج إلى أصدقائنا الأوروبيين، على وجه الخصوص، للنظر إلى هذه الحدود الجديدة بتفاؤل بدلًا من الخوف”.
وقال فانس إن تقييد تطوير الذكاء الاصطناعي “سيعني شل واحدة من أكثر التقنيات الواعدة التي شهدناها في الأجيال الأخيرة”.
واعتبر أن العالم على وشك بدء ثورة صناعية جديدة، يمكن مقارنتها باختراع محرك البخار “لكن هذه الثورة لن تتحقق إذا كانت اللوائح التنظيمية المفرطة تمنع المبتكرين من اتخاذ المخاطر اللازمة للتقدم”.
وتعهد “ضمان بقاء تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية المعيار الذهبي على مستوى العالم”.
وفي إشارة على ما يبدو إلى قانون الخدمات الرقمية “DSA” واللائحة العامة لحماية البيانات “GDPR”، وهما قانون ينظمان سوق المعلومات في أوروبا، قال إن “منع المتحرشين بالأطفال على الإنترنت أمر مختلف تمامًا عن منع رجل أو امرأة بالغين من الوصول إلى رأي تعتقد الحكومة أنه معلومات مضللة”.
وفي الوقت ذاته، وجه جي دي فانس انتقادًا بدا واضحًا أنه يستهدف الصين قائلًا إن “الأنظمة الاستبدادية تسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي لزيادة السيطرة على المواطنين في الداخل والخارج.. إقامة شراكة معها “هذه الدول” يعني ربط بلادك بسيد استبدادي يسعى للتغلغل في البنى التحتية لمعلوماتك والسيطرة عليها”.
وأشار أيضًا إلى “التكنولوجيا زهيدة الكلفة.. المدعومة بشدة التي تصدرها أنظمة استبدادية”، في إشارة إلى كاميرات المراقبة ومعدات إنترنت الهواتف المحمولة من الجيل الخامس التي تبيعها الصين في الخارج على نطاق واسع.
وربما يشير أيضًا إلى شركة “ديب سيك” الصينية الناشئة التي أحدثت هزة في قطاع الذكاء الاصطناعي، الشهر الماضي، عبر الكشف عن روبوت دردشة متطور تقول إنه تم تطويره بميزانية منخفضة نسبيًا.
لكن كلمات نائب الرئيس الأميركي بدت أنها كانت على النقيض من موقف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي أكد في كلمته أن القواعد العالمية هي “الأساس، إلى جانب الابتكار والتسريع، الذي سيسمح للذكاء الاصطناعي بالانطلاق والاستمرارية”.
أما في بريطانيا، فبرر ناطق باسم الحكومة البريطانية قرار لندن عدم التوقيع على البيان بالمحافظة على “المصلحة الوطنية”.
وكانت صحيفة بوليتيكو توقعت، الاثنين، ألا توقع بريطانيا على البيان بعد أن أبدى مسؤولون في إدارة ترمب تحفظات بشأن اللغة التي تدعو إلى الذكاء الاصطناعي “الشامل والمستدام”.
ونقلت صحف بريطانية بيانًا للحكومة، الثلاثاء، قال إن المملكة المتحدة “لم تتمكن من الاتفاق على جميع أجزاء” البيان الختامي وإنها “لن تشارك أبدًا إلا في المبادرات التي تخدم المصالح الوطنية”.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية “بي سي سي” إن موقف لندن يبدو مستغربًا بالنظر إلى أنها في عهد رئيس الوزراء السابق، ريشي سوناك، عقدت أول قمة عالمية لسلامة الذكاء الاصطناعي في نوفمبر 2023.
وقال أندرو دودفيلد، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في منظمة “فول فاكت” الخيرية البريطانية للتدقيق في المعلومات، إن قرار الحكومة “يقوض مصداقيتها التي اكتسبتها بشق الأنفس كقائد عالمي للابتكار الآمن والأخلاقي والجدير بالثقة في مجال الذكاء الاصطناعي”.
وعندما سُئل عما إذا كانت المملكة المتحدة قد رفضت التوقيع لأن الولايات المتحدة فعلت ذلك، قال المتحدث باسم الحكومة البريطانية إنها “ليست على علم بأسباب أو موقف الولايات المتحدة”.
وقال مصدر حكومي لصحيفة “الغارديان” إن الإعلان لم يكن قويًا بما يكفي بشأن الأمن، ولم يعكس نهج المملكة المتحدة، ونفى فكرة أن لندن تحاول كسب ود ا