كيف يتجه الذكاء الاصطناعي لنقطة تحول مفصلية قريبًا؟
AI بالعربي – متابعات
شهد عام 2024 تقدمًا مذهلاً في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح التقنية الأكثر تأثيرًا في مختلف جوانب الحياة اليومية.
– وأضحت التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي حقيقة يومية، بدءًا من التحدث مع نسخ افتراضية للأشخاص الراحلين ووصولاً إلى استخدام أدوات ذكية مثل فرشاة الأسنان المتقدمة.
– مع هذا التوسع المطرد، قُدّرت قيمة شركة أوبن إيه آي، مُبتكرة نظام شات جي بي تي، بنحو 150 مليار دولار، في حين واصلت ديب مايند، التابعة لشركة جوجل، سعيها الدؤوب نحو تطوير ذكاء اصطناعي يتجاوز القدرات الإنسانية. ولكن، ما الذي يخبئه المستقبل لهذه التكنولوجيا؟
التوسع العصبي: تقدم أم تحدٍ؟
– تشير قوانين التوسع العصبي إلى أن قدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي تشهد نموًا مطردًا بالتوازي مع ازدياد حجم هذه الأنظمة وتدريبها على كميات أكبر من البيانات.
– ساهمت هذه القوانين في تفسير الانتقال النوعي من الجيل الأول إلى الجيل الثاني من نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل ChatGPT.
– لمس المستخدمون العاديون هذا التطور، حيث تحول استخدام هذه النماذج من مجرد إجراء محادثات ترفيهية مع برامج الدردشة الآلية إلى إنجاز مهام عملية مفيدة بمساعدة “مساعدين” يعملون بالذكاء الاصطناعي، مثل صياغة مقترحات المشاريع أو تلخيص رسائل البريد الإلكتروني.
– إلا أنه يبدو مؤخرًا أن قوانين التوسع هذه قد وصلت إلى مرحلة من الثبات، حيث لم يعد ازدياد حجم نماذج الذكاء الاصطناعي يؤدي بالضرورة إلى تحسين قدراتها.
– ويحاول أحدث نماذج OpenAI، المسمى o1، تجاوز هذه المرحلة من خلال استغلال قوة حوسبة أكبر للتفكير في حل مشكلات أكثر تعقيدًا.
– إلا أن هذا النهج من المرجح أن يزيد التكاليف على المستخدمين، فضلًا عن أنه لا يعالج مشكلات جوهرية مثل “الهلوسة” (أي توليد معلومات غير دقيقة أو وهمية).
– يُعتبر هذا الثبات في الحجم بمثابة وقفة ضرورية للتوجه نحو بناء أنظمة ذكاء اصطناعي تفوق القدرات البشرية، وقد يتيح ذلك وضع تنظيمات صارمة وتحقيق إجماع عالمي للتعويض عن الآثار السلبية المحتملة.
أزمة بيانات التدريب: البحث عن مصادر جديدة
– تعتمد معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية على كميات ضخمة من البيانات لتدريبها، إلا أن هذه البيانات التدريبية قد وصلت إلى مأزق، حيث استُنفدت أغلب المصادر عالية الجودة.
– ولذلك، تُجري الشركات تجارب لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي على مجموعات بيانات مُنشأة بواسطة الذكاء الاصطناعي نفسه، على الرغم من النقص الشديد في فهم “التحيزات الاصطناعية” الجديدة التي قد تُفاقم مشكلة التحيز القائمة أصلًا في الذكاء الاصطناعي.
– فعلى سبيل المثال، كشفت دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا العام كيف أن التدريب باستخدام البيانات الاصطناعية يُنتج نماذج أقل دقة، وتتجاهل بشكل ملحوظ المجموعات غير المُمثلة تمثيلًا كافيًا، حتى عند البدء بمجموعات بيانات غير مُتحيزة في الأصل.
– تُعزز حاجة شركات التكنولوجيا المُلحة إلى بيانات عالية الجودة وأصلية من أهمية قضية ملكية البيانات الشخصية، وهو ما قد يمنح الأفراد سيطرة أكبر على بياناتهم، ويسمح لهم، على سبيل المثال، ببيعها لشركات التكنولوجيا لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي ضمن أُطر سياسية مُناسبة.
الروبوتات: قفزة نحو المستقبل
– أعلنت شركة تسلا هذا العام عن تطوير روبوت بشري يعمل بالذكاء الاصطناعي، يُعرف باسم “أوبتيموس”، قادر على إنجاز مجموعة من المهام المنزلية.
– وتعتزم الشركة البدء في استخدام هذه الروبوتات في عمليات التصنيع الداخلية بحلول عام 2025، مع التخطيط لإنتاجها على نطاق واسع للعملاء الخارجيين في عام 2026.
– من جهة أخرى، قامت شركة أمازون، ثاني أكبر مُشغّل للعمالة الخاصة في العالم، بنشر أكثر من 750 ألف روبوت في مستودعاتها، بما في ذلك أول روبوت مستقل قادر على الحركة والعمل بشكل مستقل حول الأشخاص.
– لطالما كان “التعميم” – أي قدرة الروبوت على التعلّم من البيانات التي تمثّل مهامّ مُحدّدة وتطبيق هذا التعلّم على مهامّ أخرى – يُمثّل تحديًا رئيسيًا في أداء الروبوتات، إلا أن الذكاء الاصطناعي يعمل الآن على معالجة هذه المشكلة.
– فعلى سبيل المثال، طوّرت شركة تُدعى “Physical Intelligence” روبوتًا نموذجيًّا قادرًا على تفريغ محتويات المُجفّف وطيّ الملابس، على الرغم من عدم تدريبه بشكل مُباشر على هذه المهام.
– وعلى الرغم من أن تكلفة تصنيع الروبوتات المنزلية لا تزال مرتفعة، إلا أن الجدوى الاقتصادية لتوفيرها بأسعار معقولة لا تزال قائمة وقوية.
الأتمتة: نحو ذكاء اصطناعي مستقل
– من المرجح أيضًا أن تتولى الوزارة المزمع إنشاؤها في الولايات المتحدة والمعنية بتحسين كفاءة الحكومة، قيادةَ أجندة مهمة لأتمتة العمليات باستخدام الذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار جهودها الرامية إلى تقليص عدد الوكالات الفيدرالية.
– ويُتوقع أن تتضمن هذه الأجندة وضعَ إطار عملي لتفعيل مفهوم “الذكاء الاصطناعي الوكيل” في القطاع الخاص.
– ويُقصد بالذكاء الاصطناعي الوكيل الأنظمة القادرة على أداء المهام باستقلالية تامة، فعلى سبيل المثال، سيكون وكيل الذكاء الاصطناعي قادرًا على إدارة صندوق بريدك الوارد بشكل آلي، من خلال قراءة رسائل البريد الإلكتروني وتحديد أولوياتها والرد عليها، وتنظيم الاجتماعات، ومتابعة المهام والتذكيرات.
– ويُرجّح أن تقود هذه الوزارة، التي يُحتمل أن يشارك إيلون ماسك في رئاستها، هذه الأجندة الهامة لأتمتة العمليات بالذكاء الاصطناعي.
التنظيم: بين الابتكار والرقابة
– على الصعيد السياسي، تعتزم الإدارة الجديدة للرئيس الأميركي المنتخب حديثًا، دونالد ترامب، تقليص الجهود المبذولة لتنظيم الذكاء الاصطناعي، وذلك بدءًا بإلغاء التشريعات التي وضعها الرئيس المنتهية ولايته، جو بايدن.
– ففي عام 2025، أصدر الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا بشأن الذكاء الاصطناعي، سعى من خلاله إلى الحد من المخاطر المحتملة مع تشجيع الابتكار في الوقت نفسه.
– كما ستعمل إدارة ترامب على وضع سياسة سوق مفتوحة تشجع من خلالها الشركات الأمريكية، بما في ذلك احتكارات الذكاء الاصطناعي، على تبني أجندة ابتكارية جريئة.
– وعلى الصعيد العالمي، سيشهد عام 2025 تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي، الذي يبدأ بحظر أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تنطوي على مخاطر غير مقبولة.
– وسيتبع ذلك فرض التزامات تتعلق بالشفافية على نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل شات جي بي تي من أوبن إيه آي، التي تُعتبر ذات مخاطر نظامية.
2025: مفترق طرق
– قد يكون عام 2025 بمثابة نقطة تحول كبرى في تاريخ الذكاء الاصطناعي. فمع استمرار الابتكارات والتقدم، تزداد التحديات المتعلقة بالأخلاقيات والتنظيم والاعتماد المفرط على هذه التكنولوجيا.
– سيحدد التوجه الذي تسلكه الحكومات والشركات والمجتمع المدني مدى قدرتنا على تسخير الذكاء الاصطناعي لخلق عالم أكثر عدلاً وإنسانية.
– ويبقى السؤال الذي يطرحه المستقبل: هل يمكننا كبح جماح التكنولوجيا وتحويلها إلى أداة للتقدم المستدام؟ أم أن السرعة الهائلة للتطور ستتجاوز قدرتنا على السيطرة؟
– وسيتبع ذلك فرض التزامات تتعلق بالشفافية على نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية، مثل شات جي بي تي من أوبن إيه آي، التي تُعتبر ذات مخاطر نظامية.