كيف تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة تكلفة المشاريع؟

4

AI بالعربي – خاص

يعد الذكاء الاصطناعي أحد أهم إفرازات الثورة الصناعية الرابعة التي ستغير معالم قطاعات الأعمال المختلفة، والتي من المقرر أن تؤول بالعديد من المؤسسات والشركات التقليدية إلى التحول نحو الرقمية، وذلك من أجل الحفاظ على موقعها التنافسي والعمل على خفض التكاليف والمحافظة على جودة المنتج. سيمكن هذا الدور الشركات من معالجة مشكلاتها بفعالية، واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن التخلص من الفائض، بالإضافة إلى تقديم اقتراحات مستقلة تدعم إدارة التكاليف.

ولأنَّ إدارة التكاليف واحدة من الطرق الأساسية لتحقيق الميزة التنافسية للشركات، فإنَّ دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال دائرتها، من شأنه توفير وترشيد التكاليف، والحفاظ على جودة فعَّالة للمنتج. ومن ثمَّ، تكون مهام مثل التنبؤ بالتكاليف واحتوائها واستيعابها، وعمليات قياس مستوى جودة المنتج، أكثر سهولة ويُسرًا، وهي جميعها من جملة أهداف قطاع الأعمال والمشاريع.

وفي دراسة تم نشرها عام 2020 في مجلة Journal of Industrial and Systems Engineering أكدت أنَّ الذكاء الاصطناعي كان له القدرة على التنبؤ بتكاليف طويلة الأجل مع تقديرها، وهي نفس النتائج التي بدأت تخرج بها الدراسات العربية.

الذكاء الاصطناعي وإدارة تكلفة المشاريع

في هذا الجانب، لا بد من معرفة أنَّه هناك خمسة أسس تستند عليها إدارة تكلفة المشاريع بقطاعات الأعمال المختلفة مهما كان إطار تخصصها أو مجالها، وتشمل: “التنبؤ بالتكاليف، وقياس التكاليف، وترشيد التكاليف، ودعم اتخاذ القرار، وتحليل التكلفة وتقييم الأداء”. وهنا الذكاء الاصطناعي يقوم بدور متطوِّر، من خلال محاكاة القدرات العقلية البشرية في التعامل مع مشكلات الإدارة التقليدية ذات الوقت والمدى الزمني البعيد والجيد، بإمكانات تراوح بين السرعة والدقة وحل المشكلات بطرق فعَّالة دون أخطاء. ليس هذا فحسب، بل واتخاذ قرارات مصيرية والتعلُّم من الأخطاء السابقة، ما يفتح مجالاً نحو شكل متطور في تسيير أعمال القطاعات المختلفة.

تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة التكلفة

أولًا: الأنظمة الخبيرة System Expert

الأنظمة الخبيرة هي برامج متقدمة تهدف إلى محاكاة قدرات الإنسان في اتخاذ القرارات وحل المشكلات. وتعتمد هذه الأنظمة على قواعد معرفية وفيرة يتم تغذيتها بالخبرة المتخصصة في مجالات معينة، مما يتيح لها تقديم حلول فعالة وذكية في مختلف المجالات. فهذه الأنظمة الخبيرة قادرة على توفير استراتيجيات لحل المشكلات المعقدة والتخطيط لاتخاذ القرارات بكفاءة. كما أنها تُستخدم في عمليات التصنيع، والتخطيط الاستراتيجي، وتعد من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تشهد تطورًا مستمرًا.

ثانيًا: الشبكات العصبية Network Neural

الشبكات العصبية هي أنظمة حسابية تُحاكي عمل الدماغ البشري في معالجة المعلومات واتخاذ القرارات. وتتكون من خلايا عصبية مرتبة في طبقات تتصل فيما بينها، حيث تساهم هذه الشبكات في التعرف على الأنماط وتعلمها بمرور الوقت. وتُستخدم الشبكات العصبية بشكل واسع في مجالات تحليل البيانات الكبيرة والمعقدة، مثل: التعرف على الصور والصوت، والترجمة الآلية، والتنبؤات المستقبلية.

من أبرز مميزات الشبكات العصبية قدرتها على التعلم المستمر والتكيف مع المعلومات الجديدة، مما يجعلها أداة قوية في تحسين دقة النتائج. مع تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه الشبكات إحدى أهم التقنيات التي تُحدث ثورة في العديد من المشاريع والمجالات التجارية الإلكترونية والبحثية.

ثالثًا: المنطق الضبابي Fuzzy Logic

المنطق الضبابي (Fuzzy Logic) نشأ في عام 1965 على يد العالم لطفي زادة، ويهدف إلى معالجة عدم اليقين والغموض في البيانات والمعلومات. على عكس المنطق التقليدي الذي يعتمد على القيم القطعية (صواب أو خطأ)، يسمح المنطق الضبابي بتفسير القيم بين الصواب والخطأ، مما يتيح تمثيل الواقع بشكل أكثر دقة. وتُستخدم هذه الطريقة في حل مشكلات معقدة لا يمكن حلها بالمنطق التقليدي.

يُعتبر المنطق الضبابي من الأدوات الفعالة داخل المشاريع المتنوعة، وذلك في العديد من التطبيقات، مثل: التحكم في الأجهزة الإلكترونية، وتحسين أداء الأنظمة، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. وبفضل قدرته على التعامل مع الغموض وعدم اليقين، يسهم في تحسين اتخاذ القرارات في مجالات، مثل: الطب، والهندسة، والروبوتات.

رابعًا: الوكلاء الأذكياء (IA)

الوكلاء الأذكياء Agent Intelligent هم أنظمة برمجية أو روبوتات قادرة على تنفيذ مهام معقدة والتكيف مع بيئات متغيرة دون تدخل بشري مستمر. يعتمدون في عملهم على ثلاثة مكونات رئيسية: الإدراك، والتفكير، والتفاعل. تجمع هذه المكونات بين أجهزة الاستشعار لجمع المعلومات، وخوارزميات التفكير لاتخاذ القرارات، ومحركات التنفيذ للتفاعل مع البيئة المحيطة. هذه القدرة تجعل الوكلاء الأذكياء أدوات قوية في الأتمتة وتحسين الكفاءة في العديد من المجالات، مثل السيارات ذاتية القيادة والمساعدات الافتراضية.

تتنوع أنواع الوكلاء الأذكياء لتشمل وكلاء رد الفعل البسيط الذين يعتمدون فقط على الإدراك اللحظي، ووكلاء الانعكاس المستندين إلى نموذج يتمتعون بذاكرة تاريخية للمواقف، وكذلك وكلاء الهدف الذين يعملون بناءً على أهداف محددة ووكلاء المنفعة الذين يحسبون أفضل الخيارات لتحقيق النجاح. بالإضافة إلى ذلك، هناك وكلاء تعلم قادرون على التعلم من التجارب السابقة وتحسين أدائهم بمرور الوقت.

تؤثر البيئات المختلفة بشكل كبير على تصميم وسلوك الوكلاء الأذكياء. قد تكون البيئة ملاحظة بالكامل أو جزئيًا، حتمية أو عشوائية، عرضية أو متسلسلة، ثابتة أو ديناميكية. تتطلب البيئات المعقدة قدرة الوكلاء على التكيف مع التغيرات وتوقع النتائج طويلة الأمد لقراراتهم، مما يجعلها أكثر فعالية في تحقيق الأهداف.

من خلال دمج هذه الأنواع والمكونات، يصبح الوكلاء الأذكياء أدوات متعددة الاستخدامات تعمل في مجالات متعددة. على سبيل المثال، تعتمد السيارات ذاتية القيادة على الوكلاء الأذكياء لتحليل الطريق واتخاذ قرارات في الوقت الحقيقي، بينما يقوم وكلاء التعلم بتحسين أدائهم استنادًا إلى التجارب السابقة، مما يجعلهم قادرين على التعامل مع مهام معقدة وتقديم حلول ذكية.

خامسًا: التعلم التلقائي Machine Learning

فرع من فروع الذكاء الاصطناعي يركز على تطوير الخوارزميات والنماذج التي تمكن الأنظمة من التعلم من البيانات والتجارب السابقة دون الحاجة إلى برمجة دقيقة لكل إجراء. يعتمد التعلم الآلي على استخدام مجموعة من البيانات لتدريب نموذج، مما يسمح له بالتعرف على الأنماط واتخاذ قرارات أو توقعات جديدة بناءً على بيانات غير مألوفة.

يتضمن التعلُّم الآلي عدة أنواع، منها:

  • التعلم الخاضع للإشراف (Supervised Learning): حيث يتم تدريب النموذج باستخدام بيانات تتضمن مدخلات ومخرجات معروفة، مما يمكن النموذج من التعرُّف على العلاقة بين المدخلات والمخرجات.
  • التعلم غير الخاضع للإشراف (Unsupervised Learning): حيث يتم تدريب النموذج باستخدام بيانات بدون مخرجات معروفة، مما يساعد في اكتشاف الأنماط والتجمعات داخل البيانات.
  • التعلم المعزز (Reinforcement Learning): حيث يتعلم النموذج من خلال التجربة والخطأ، ويُعزز بفضل المكافآت أو العقوبات الناتجة عن أفعاله.

 نظرة مستقبلية

تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي السالفة في إدارة تكلفة المشاريع بما تمتلكه من مزايا، ولكن على منحى آخر من العمل، على زيادة وعي المنشآت، لا سيَّما التي تسيِّرها لوائح تقليدية بتفعيل هذه التقنيات، مع ضرورة تدريس هذه التقنيات كمقررات للطلاب في مراحلهم الدراسية، من أجل توفير الوقت في تعلمها مستقبلاً وقطع أشواط زمنية تكون نتاجها توفير عناصر قادرة على التعامل مع هذه التقنيات التي تتطور يومًا بعد يوم.

اترك رد

Your email address will not be published.