الذكاء الاصطناعي وأثره على الحماية القانونية للمستهلك

35

د. نجلاء عبدالرحمن الحقيل

من خلال القراءة والبحث في موضوع قوانين حماية المستهلك واثرها على الامن والرضا والاقتصاد، وقعت عيناي على مصطلح حديث في عالم حماية خدمة العملاء. هذا المصطلح هو Me Economy.  هو مصطلح جديد نسبيًا – يعود تاريخه إلى عام 2010 – ويشير إلى اقتصاد يعتمد على الفرد، بحيث يكون العملاء قادرين على تخصيص تجاربهم الاستهلاكية والتحكم فيها، بدلاً من الاعتماد على ما يقدمة المُنتج فقط. وهو يعتمد على فهم أكثر وضوحًا لاحتياجات العملاء ورغباتهم، وذلك بفضل استخدام البيانات والتقنيات الأكثر تقدمًا. يهدف هذا المصطلح الى تقديم تجارب مخصصة، تتكيف خصيصًا مع احتياجات وتفضيلات كل شخص. ولذلك تتطلع الشركات إلى تكييف عروضها مع الاحتياجات الخاصة لكل عميل من عملائها. يتيح ذلك للشركات تقديم تجربة أكثر صلة وجاذبية من خلال تقديم منتجات وخدمات وتفاعلات مخصصة لعملائها. وهذا ما تقوم به المواقع مثل أمازون، من خلال استخدام الخوارزميات تقترح على العميل المنتجات التي تجذب اهتمامه بناءً على كلمة أو منتج سبق أن بحث عنها.

بالطبع، موضوع مقال اليوم لن يتكلم عن موضوع Me Economy، ولكن تطور العلوم ذات الصلة بخدمة العملاء ، يعني مقدار الأثر الاقتصادي العائد من خلال تطوير خدمات ما قبل وما بعد البيع. وهذا ينعكس ايضا على وجود قوانين وانظمة مُحكمة للتعامل مع هذا الموضوع. ربما ان الحديث عن حماية المستهلك وقوانينه ينعكس على رقابة الحكومة، حقوق المستهلك والإجراءات التي يفترض أن يتبعها، ومسؤوليات أصحاب الأعمال والمنتجات والاجراءات التي يجب أن يقومون بها. ولكن هناك أيضا جوانب من المهم جدا ان تغطيها انظمة حماية المستهلك، خصوصا مع تطور التقنيات ذات العلاقة بالذكاء الاصطناعي وقراءة احتياجات العملاء من خلال الخوارزميات. وبالتالي، يجب أن يكون المستهلكين قادرين على إيجاد معلومات دقيقة وغير متحيزة حول المنتجات والخدمات التي يشترونها. وهذا يمكّنهم من اتخاذ أفضل الخيارات بناءً على اهتماماتهم ويمنعهم من التعرض لسوء المعاملة أو التضليل من قبل الشركات. لذلك، عند دراسة السياسات وقوانين ولوائح حماية المستهلك، لابد من أن تركز هذه السياسات و القوانين بشكل كبير على زيادة رفاهية المستهلك من خلال ضمان إمكانية مساءلة الشركات والمنتجين. مسودة نظام حماية المستهلك، أشارت الى توفير المعلومات للعميل، ولكن أغفلت جانب مهم، الا وهو تطور أساليب الشراء اليوم.

في يومنا هذا، يعتمد الكثير من الناس في تلبية احتياجاتهم الاستهلاكية على الشراء عبر الإنترنت. وهذا يعني عندما تبحث عن منتج ما، سوف تظهر لك المواقع هذا المنتج بأشكال و ألوان مختلفة. وهذا يعني، ان مواقع البيع قد لا تضع المعلومات الوافية للعملاء، او تظهرها بشكل بعيدا عن الشفافية في اظهار المعلومات. ايضا، من ضمن أهم المخاوف ذات العلاقة بحماية المستهلك، هو استخدام محادثات العملاء كمدخلات لتدريب الآلة على أهم احتياجات العملاء من دون أخذ موافقتهم و إذنهم. وحتى في حال اخذ الموافقة، كيف سيتم استخدام هذه المعلومات التي سيتم تدريب الالة عليها؟

نماذج الذكاء الاصطناعي عرضة للتحيز وعدم الدقة وسوء الأداء. في نهاية المطاف، تعتمد دقة نموذج الذكاء الاصطناعي على عدد من العوامل بما في ذلك البيانات المدخلة وتقنيات التدريب وسياق النشر. علاوة على ذلك، تقوم الشركات بتصميم التطبيقات لتكون فعالة (باستخدام موارد أقل، مع إنتاج مخرجات أكثر) من أجل تحسين قابلية التوسع و زيادة الربح. ويعني هذا غالبًا تقليل عدد البشر المشاركين، مما يترك المستهلكين يتفاعلون مع بدائل الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم. وهذه من الموضوعات التي يجب أن يتناولها النظام بشكل مسهب. ربما لا يتناولها كموضوع خاص بالذكاء الاصطناعي، ولكن يجب أن يحتوي النظام على ماله علاقة بمعايير خدمة العملاء وما الذي يجب أن تحتويه هذه الخدمة.

في نهاية الأمر، الاهتمام بهذا الموضوع ليس امرا قانونيا بحتاً، وإنما ينعكس على رفع معدلات الاستهلاك والشراء. من ضمن اهم الامور التي تجعل الكثير من المستهلكين يتجنب الشراء من الشركات المحلية أو الوكالات في داخل المملكة، هو سوء خدمة العملاء. وبالتالي، يلجأ المستهلك للشراء من الخارج، وذلك بسبب انه سيجد من يتحدث معه، ومن سيتعامل مع مشكلته لحلها. هذا هو الحال على الرغم من عدم التوسع باستخدام الذكاء الاصطناعي، فماذا بعد ١٠ سنوات، ستتطور التقنيات، وحماية المستهلك وخدمة العملاء لدينا لازالت ليست بالتطور الذي يجب أن تكون عليه، لذلك يعتبر هذه من الموضوعات التي. ليست ذات تركيز واهتمام عالي، ولكنها في الواقع هي من اهم الموضوعات، لاسيما وان المملكة مُقبلة على مشاريع ضخمة مثل اكسبو2030، وكأس العالم. وهذا يعني أعداد ضخمة من السياح ومن المستهلكين من جميع بقاع الأرض، وهذا يعني ان نسبة الاستهلاك سترتفع، وفي المقابل لابد من توفير خدمات عالية وحماية قانونية لهؤلاء المستهلكين.

المصدر: مال

اترك رد

Your email address will not be published.