فلاتر مبهرة بالذكاء الاصطناعي

"تيك توك" يثير جنون مستخدميه بإمكانات جديدة... ومخاوف من "تدني حب الذات"

44

AI بالعربي – متابعات 

ألقت تطبيقات التواصل الاجتماعي بصيحات جديدة على وجوه مستخدميها، معتمدة على خاصية (الفلاتر)، التي تأخذ خريطة الوجه وتعيد ولادة صورة أخرى مع ملامح أوضح، حواجب وعظام بارزة للخدود ومنحوتة وشفاه ممتلئة وميزات أخرى تمنح جمالاً ووسامة من نوع آخر.

أحدث صيحات فلاتر “تيك توك” (بولد غلامور) المدعوم بالذكاء الاصطناعي (AI) الذي توج مسيرة التطبيق الأوسع انتشاراً عالمياً، مقدماً نتيجة مختلفة تماماً بالمقارنة مع الفلاتر الأولى لـ”سناب شات” و”إنستغرام” وغيرها، إذ كانت على رغم الميزات التي طرحتها محدودة في إمكاناتها ونتائجها غير مستقرة ومبهمة في الغالب والأهم أنها غير مقنعة.

عندما روج “سناب شات” فلاتر الوجه للمرة الأولى، عام 2014، ربما كان غرضه الأساسي التجديد، وعلى رغم التطور إلا أن الفلتر التقليدي ظل يعمل بطريقة سطحية بحيث يلتقط شاشة ثنائية الأبعاد ثم يركب فوقها شبكة وجه (face mesh) تتعقب وجه المستخدم، لكن إذا حرك يده يضيع الفلتر.

لكن فلتر “بولد غلامور” (Bold Glamour) الذي أطلقه تطبيق “تيك توك”، لا يعمل بالطريقة ذاتها، فاليوم تطورت فلاتر الوجه لتصبح أكثر دقة، كما دمجت تقنيات التعلم الآلي لتغيير وجوه الأشخاص بسهولة في وقت أقصر.

واقعية مفرطة

اختلاف “بولد غلامور” يبدو في صعوبة كشف تمييزه كفلتر، إذ نادراً ما يظهر خللاً في عمله لاعتماده على الذكاء الاصطناعي في معالجة الصور، وهو متقن بما فيه الكفاية كي يكون صورة واقعية بعيدة من التكوين الكاريكاتوري التقليدي.

ففي حين تعمل الفلاتر القديمة على الشاشة نفسها، يأخذ هذا الفلتر صورة الكاميرا نفسها ثم يعالجها، أي يطبق على وجه الشخص بشكل واقعي، وينحت خط الفك وعظام الوجنتين ويبيض الأسنان ويغمق عدسات العيون والحواجب (في الوقت الفعلي) مستخدماً أحدث تقنيات التعلم الآلي لرسم خريطة لوجه المستخدم وتغيير مظهره بشكل مقنع، بحيث لا يحدث خللاً ما أو يتعطل من العمل بغض النظر عن مقدار تحرك الشخص أو في حال حجب وجهه عن نطاق الرؤية.

مقاطع الفيديو على سبيل المثال تتعطل معظم الفلاتر في حال لجأ المستخدمون إلى تعابير مختلفة للوجوه أو غطوها بأيديهم في محاولة للتملص من الفلتر، إلا أن “بولد غلامور”، الذي تم تطويره داخلياً من قبل “تيك توك”، لا يبدو حتى الآن أنه يتعطل من العمل مقارنة بسابقيه ولا يمكن تفريقه عن الواقع، لأنه مبرمج بالذكاء الاصطناعي لمحاكاة الواقع لدرجة أن المستخدمين أصبحوا غير قادرين على التفريق بين الواقع والوجوه المحسنة والمجملة رقمياً في الفيديوهات.

خلل بسيط

واستخدم ما يزيد على 5.9 مليون مقطع فيديو فلتر “تيك توك” الجديد، في الأسابيع الأولى منذ إطلاقه، وأجمع غالبيتهم على أن “بولد غلامور” لا تشوبه شائبة من شدة درجة الواقعية التي يقدمها، لكن البعض الآخر نوه إلى ظهور خلل عندما يقوم المستخدم بإخراج لسانه أو ضغط شفتيه معاً، وفي النهاية تعد هذه مشكلات صغيرة جداً ومن الممكن إصلاحها بسهولة مع التحسينات المستقبلية.

ورصد مستخدمون ملاحظة أخرى ترتبط بإمكانية اكتشاف الفلتر في حال تم تطبيقه على الفيديو، من خلال التركيز على وجود ارتجاف أو وميض أو اهتزاز على الشعر وتخبط طفيف عند تغير الإضاءة أو تحرك الكاميرا، لكنها تظل أيضاً ملاحظات بسيطة تكاد تكون غير مرئية، لذلك لا يزال من الصعب جداً اكتشاف الصور المزيفة أو المعدلة.

وأمام التطورات المتلاحقة في عالم فلاتر التطبيقات المختلفة التي تزيد من صعوبة تمييز ما هو حقيقي ومزيف في الصور المنتشرة على منصات الإنترنت، تساءل البعض عن مدى تأثير الفلتر على نفسية مستخدميه، إذ يمكن أن يكون لفلاتر الجمال المطبقة تأثير خطير في مدمنيها، حتى أن بعضهم اقترح حظره.

ويمكن للفلتر أن يشجع بشكل متزايد على الجراحات التجميلية ويزيد من حالات تدني حب الذات، فهو يوجهك إلى الطريقة التي يجب أن تبدو عليها ويدعوك إلى أن تتبع ما ينظر إليه المجتمع على أنه أمر جميل، فالمستخدم من خلال هذا الفلتر يضع لنفسه معياراً غير واقعي لا يمكن الوصول إليه، لتحول علاقة البشر بوجوههم إلى علاقة متوترة، بخاصة أولئك الذين يعتمدون عليه في نشر صورهم على “السوشيال ميديا”، التي تتراجع باستمرار عند كل محاولة للمقارنة بين الواقع والعالم الافتراضي.

المصدر: عربية اندبندنت

اترك رد

Your email address will not be published.