جدل الروبوتات
نور سليمان
لطالما شهد موضوع قيام الروبوتات بثورة واحتلالها العالم جدلًا واسعًا، وقد تم تناول الفكرة بطابع يغلب عليه الخوف والقلق. ومع تسارع وتيرة التطور التكنولوجي ومدى تقدم مجال الذكاء الاصطناعي وابتكار الآندرويد وأهميته المتغلغلة في أدق تفاصيل حياتنا اليومية، خاصة مع أحداث الأعوام الأخيرة، عاد هذا الموضوع للسطح مجدداً وتم تسليط الضوء على ثورة الروبوتات مرة أخرى.
ومع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والآندرويد، من المتوقع أن نشهد انتشار روبوتات تنبض بالحياة بشكل متزايد في منازلنا وأماكن عملنا مع عدم وجود خيار آخر سوى أن نتعلم كيفية التعايش والتأقلم معها. في حين أنه لا يزال من غير الواضح كيف سيكون التفاعل بين الإنسان والروبوت خلال الأعوام المقبلة، فإن الكثير من التكهنات والتوقعات هي في الواقع السلبية، سواء كان ذلك نتيجة للتصور المدمر الذي خلقه الأفلام السينمائية أو للشكوك المفروضة حول ما إذا كانت الروبوتات ستُحدث تغييراً إيجابياً في العالم أو تصبح تهديداً للوظائف والضمان الاجتماعي.
وتم بالفعل تبني واعتماد الروبوتات التعاونية عبر قطاعات مثل: الرعاية الصحية والخدمات اللوجستية، حيث يتم استخدامها لتخفيف عبء الوظائف التي تتطلب جهدًا بدنيًا أو المهام المتكررة التي يُمكن التنبؤ بها ضمن ظروف منظمة داخل المصانع أو المستودعات.
وبالنسبة لقطاع الخدمات اللوجستية، تلعب الروبوتات أدواراً تكميلية في سلسلة التوريد مع وجود تحسن كبير في المخرجات وخفض التكاليف والإنتاجية وتقديم الخدمات. ونظرًا لتنوعها وبراعتها التي قد تتشابه مع، بل وحتى تتجاوز أحيانًا القدرات البشرية، يتم استخدام الروبوتات لمساعدة العمال في أنشطة التخزين أو النقل أو حتى توصيل الميل الأخير. كما من شأن دمج الروبوتات في العمل أن يسمح بإعادة تخصيص الموظفين واستخدامهم بشكل أفضل للقيام بمهام أكثر جدوى مع تقليل مخاطر الصحة والسلامة المتعلقة بفرز الطرود وانتقاءها وتعبئتها وتحميلها وتجهيزها.
ولا تزال العديد من القطاعات وتدفقات العمل تعتمد على القدرات البشرية للذكاء الاجتماعي والإدراك والإبداع، حتى مع التطورات الحاصلة في مجال الروبوتات والتي نجم عنها تحول عدد متزايد من الوظائف نحو الأتمتة.
وقد يجد الناس صعوبة في تقبل الروبوتات والتعامل معها، إلا أنهم سيتأقلمون مع الوقت مثلما حدث مع الثورة الصناعية والرقمية التي انطلقت خلال القرن 21.
وفي حال تعرفنا على إيجابيات ثورة الروبوتات التي قد تكون وسيلة لخدمة البشرية على أكمل وجه، فإننا سنتمكن من الجمع بين الذكاء الاصطناعي والبشري لتعزيز كفاءة أداء المهام اليومية، مما يُمكن الروبوتات من التطور لتصبح أدوات قوية وفعّالة تساعدنا لنصبح أكثر إنتاجية وإثراءً للمجتمع.
ولكن للوصول لهذا المستوى من التعايش والتقبل، يجب أن يكون هناك تحول مواز في العقلية وقبول الروبوتات كتقنية تكميلية مصممة لتعزيز قدرات البشر وليس استبدالهم، والذي لن يتحقق إلا عن طريق إجراء تدريب فعّال وتغيير استراتيجيات الإدارة لدعم وتشجيع وتحفيز الموظفين خلال هذا التحول.