كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في الارتقاء وتطوير قطاع النقل

431

AI بالعربي – خاص 

تواجه العديد من الدول تحديات ضخمة في منظومات النقل، لعدة أسباب من بينها ضعف البنية التحتية، وتزايد أعداد السكان، وزيادة حركة مرور السيارات، وتهالك المركبات، وارتفاع معدلات التلوث، مما يبطئ قدرة اقتصاديات تلك الدول على النمو.

وقد نجحت العديد من الدول مؤخرًا في السير على الطريق الصحيح، وذلك من خلال تطوير وتحسين منظومة الطرق، والتوسع في إنشاء الطرق السريعة، وشق شبكات طرق جديدة، الأمر الذي تظهر آثاره الإيجابية تدريجيًا في تسهيل حركة تنقل الأشخاص والبضائع، والقدرة على توصيل الخدمات للسكان المحرومين منها، وبالتالي فتح أسواق جديدة داخليًا وخارجيًا، وتوسع فرص الاستثمار المرتبطة بمنظومة النقل، على اختلاف تنوعها بين نقل بري أو بحري أو جوي، مع التوجه نحو اعتماد أحدث أدوات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتوسع في مفهوم النقل الذكي.

وقد شهدت البحوث وعمليات الاستكشاف في مجال الذكاء الاصطناعي طفرة خلال العقود الأخيرة، وفي حياتنا اليومية فإن الذكاء الاصطناعي يُستخدم على نطاق واسع، بدءً من تشغيل فلاتر الرسائل المزعجة في بريدك الإلكتروني، مرورًا بالتعرف على وجوه الأصدقاء على صفحات الفيسبوك، وصولاً إلى تمكين تطبيق أليكسا من معالجة وتنفيذ الأوامر الصوتية التي تصدر عنك، ومن المتوقع أن يكون قطاع النقل والمواصلات المستفيد الأكبر من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وسيكون تأثير ذلك كبيرًا على النقل العام والمركبات التي نقودها.

وفي الوقت الحالي يجري بالفعل اختبار السيارات ذاتية القيادة، ولكن الذكاء الاصطناعي لن يتوقف هنا، بل يسعى أيضًا للتصدي للتحديات الكبرى في قطاع المواصلات مثل السلامة، والموثوقية، ومشكلات الاستيعاب، والتلوث البيئي، والطاقة المُهدرة.

النقل والذكاء الاصطناعي

يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا مهمًا في طريقة تفاعلنا مع العالم من حولنا، فهو يشكل مجموعة قوية من التقنيات التي يمكنها أن تساعد البشر في حل المشكلات اليومية، وأهم تلك المشكلات هي مشكلة النقل، حيث تعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالفعل على تغيير الطريقة التي ننقل بها الأشخاص والبضائع، وتعمل على مسح أنماط حركة المرور لتقليل حوادث الطرق بالنسبة للنقل البري، كما تؤدي إلى تحسين طرق النقل البحري لتقليل الانبعاثات.

ويوفر الذكاء الاصطناعي فرصًا هائلة، لجعل النقل أكثر أمانًا وموثوقية وكفاءة وأكثر صداقة للبيئة، وهناك تطبيقات متعددة للذكاء الاصطناعي في الاقتصادات المتقدمة وفي الأسواق الناشئة، توضح المساهمات التي يمكن أن تقدمها هذه التقنيات المتطورة للاقتصادات.

تدخلات الذكاء الاصطناعي

على الرغم من أن المركبات ذاتية القيادة “Automated Vehicles” تحظى باهتمام إعلامي كبير، إلا أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال النقل لا يقتصر على المركبات ذاتية القيادة، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في توفير حلول متنوعة، لمجموعة من المشكلات المتعلقة بالنقل مثل قضايا السلامة، والموثوقية، والقدرة على التنبؤ، فضلًا عن الكفاءة والاستدامة.

الاتصال من مركبة إلى مركبة

ستتيح تقنيات الاتصالات من الجيل الخامس، الاتصال المباشر من مركبة إلى أخرى دون المرور عبر الشبكة لمنع الازدحام المروري والتأخير، وستكون المركبات ذاتية القيادة قادرة على تنبيه الآخرين في حالات مثل الاصطدامات وتقلبات الطقس وحوادث الطرق، مما يسمح للمركبات المستقلة بالتنقل بالقرب من بعضها البعض على شكل مجموعة من المركبات، التي تسير في نفس الاتجاه في وقت معين لتحقيق تحسين حركة المرور، وزيادة السلامة على الطريق.

الاتصال من مركبة إلى البنية التحتية

بالنسبة لهذا الجانب ستعمل الاتصالات المحمولة من الجيل الخامس، على تمكين الاتصال بين السيارات والبنية التحتية مثل: أجهزة الاستشعار، وإشارات المرور، والكاميرات، والطائرات بدون طيار وغيرها، واليوم تكمن المشكلة في أن التقنيات اللاسلكية التي تستخدمها الأنظمة الحالية مجزأة، لكن تقنيات الاتصالات من الجيل الخامس لن تقوم فقط بتوحيد وتقليل زمن الاتصال بين المركبة والبنية التحتية وزمن الرحلة، ولكنها ستعمل أيضًا على تمكين التطبيقات الذكية التي لا يمكن تنفيذها اليوم، فعلى سبيل المثال أظهرت تجربة على حركة المرور الذكية قامت بها جامعة كارنيجي ميلون في بيتسبيرج بالولايات المتحدة منذ عدة سنوات، أن حركة المرور الذكية ستخفض زمن الرحلة بنسبة تصل إلى 40%، وعلى تقليل انبعاثات الملوثات بنسبة 20%.

الذكاء الاصطناعي والنقل

بدأ الذكاء الاصطناعي بالفعل في إحداث تغيير جذري في الاقتصاد العالمي، ومن المرجح أن يستمر في القيام بذلك، ووفقًا للمحللين فمن الممكن أن تضيف التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي حوالي 13 تريليون دولار إلى الناتج الاقتصادى العالمي بحلول عام 2030 ويشمل ذلك قطاع النقل، وقد وصلت الزيادات في السوق العالمية لتقنيات الذكاء الاصطناعي المتعلقة بالنقل إلى 1.2 إلى 1.4 مليار دولار، وفقًا لتقديرات شركات الأبحاث العالمية.

السلامة

تعتبر السلامة على الطرق لكل من السائقين والمشاة، قضية رئيسية تتعلق بالصحة العامة، فعلى سبيل المثال وصلت الوفيات العالمية المرتبطة بحركة المرور على الطرق إلى 1.35 مليون فى عام 2016، وذلك ارتفاعًا من 1.25 مليون فى عام 2013، وقد حدثت معظم هذه الوفيات في البلدان منخفضة الدخل.

الموثوقية والقدرة على التنبؤ

يعتمد النقل على الأداء الثابت والقدرة على التنبؤ بأوقات الوصول والمغادرة، كعوامل لتمكين تنسيق حركة الأشخاص والبضائع في النقل العام، حيث يمكن أن يؤدي توفير معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب عن وقت السفر إلى جذب الركاب وزيادة رضا المستخدمين، وتؤثر البنية التحتية لشبكات الطرق غير الموثوق بها والازدحام على الطرق، بناءً على عامل الموثوقية والقدرة على التنبؤ.

النقل متعدد الوسائط

تركز فكرة النقل متعدد الوسائط على الجمع بين عدة طرق للنقل على طول الرحلة، على سبيل المثال فإن ركوب حافلة ثم سيارة مشتركة ثم استخدام دراجة كهربائية أو سكوتر، ولكن يكمن التحدي في إجراء انتقال سلس من وسيلة نقل إلى أخرى والتأكد من أن التسجيل والدفع يتم بشكل سلس وآمن قدر الإمكان، وهنا يتعلق الأمر بإدارة الهويات الرقمية عبر الأنظمة المختلفة، والتي يتم التعامل معها حاليًا بشكل منفصل.

الكفاءة

تحتل البلدان النامية في الغالب مرتبة متدنية في مؤشر أداء السوق، لأن النفقات اللوجستية تكون عالية إذا ما قورنت بالناتج المحلي الإجمالي للدولة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى نقص الكفاءة الناجم عن البنية التحتية غير الملائمة وعلى الإجراءات الجمركية السيئة، أما في البلدان المتقدمة فتتراوح نسبة الإنفاق ما بين 6%- 8% من الناتج المحلي الإجمالي، ويمكن أن تتراوح هذه التكاليف ما بين 15%- 25% في بعض البلدان النامية.

البيئة

يعتبر قطاع النقل على مستوى العالم، مسئولًا عن 23% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وبدون اتباع سياسات للتقليل من العوادم والانبعاثات الكربونية وسياسات التنمية المستدامة، فيمكن أن تتضاعف هذه الانبعاثات من قطاع النقل بحلول عام 2050.

نقص المهارات

تختلف درجة الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بناءً على اختلاف الصناعات والمناطق الجغرافية، ويقدم الذكاء الاصطناعي وعودًا بسرعة زيادة الإنتاجية، لكن التقدم الذي يحدث في تبني مسار حلول الذكاء الاصطناعي ليس متوازيًا في جميع المجالات، فبعض الصناعات تتبنى الذكاء الاصطناعي جزئيًا لأنها وجدت أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي أكثر فائدة بالنسبة لها، ويشمل ذلك قطاعات مثل الرعاية الصحية والخدمات المالية والنقل، ومع ذلك فإن هناك تباين كبير في نسب تبني حلول الذكاء الاصطناعي، بسبب أن تنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى مهارات قادرة على اقتراح وتنفيذ الحلول، وهي مهارات غير متوفرة بشكل واسع حتى الآن.

اترك رد

Your email address will not be published.